تبادل القبلات.. عادة شائعة تخلف عبئا صحيا
تاريخ النشر: 20/08/11 | 7:27تعد أشهر قُبلة في التاريخ هي قُبلة الإسخريوطي أحد تلاميذ المسيح عليه السلام؛ إذ كانت بمثابة تعريف على شخصية النبي عيسى ليسهل على اليهود والرومان قتله، من هنا جاء التساؤل المشروع، هل يعتبر التقبيل مؤشرًا على مدى الاهتمام ومستوى الترابط والحميمية؟
لا يسع الشخص عندما يبادره شخص آخر بالتقبيل إلا أن يخضع ويبادله الشيء نفسه، فتبادل القبلات خاصة في المناسبات أصبح عادة شائعة ونوعا من المجاملة ومظهرا استعراضيا غير مستساغ، خصوصا عند تقلبات الطقس عند الكثير، وبات يحلو للبعض أن يطلق عليه “نفاقا اجتماعيا”.
في الأردن بدا الشعب مولعا بتبادل القبلات؛ إذ لم يتقيد الأردنيون بإرشادات كانت قد أصدرتها جهات طبية وشرعية عند ظهور مرض إنفلونزا الخنازير قبل عامين تمنع تبادل القبل في المناسبات وتكتفي بالمصافحة فقط، بيد أن الكثير من المواطنين لم يلتزم بتلك النصائح.
في العام 2008 أصدرت مجموعة من الشخصيات والوجهاء في مدينة السلط وثيقة أكدت من خلالها منع عادة التقبيل داخل المقبرة بعد دفن الميت، وذلك لشعور تلك الشخصيات بعدم وجود داع للقيام بهذه العادة غير المبررة في تلك اللحظة، صحيح أن الوثيقة عالجت الظاهرة جزئيا ولكنها تترك أثرا.
في حديث رواه الترمذي قال: “قال رجل: يا رسول الله، الرجل منا يلقى أخاه أينحني له؟ قال: لا، قال: أفيلتزمه ويقبله؟ قال: لا، قال: فيأخذ بيده ويصافحه؟ قال: نعم”.
فالهدي النبوي في هذه المسألة يكتفي بالمصافحة لا غير، وإذا ثبت أن في القبلة ضررا فإنها تكون حراما في الإسلام؛ لأن التحليل والتحريم في الدين يقوم على فلسفة تحري مصلحة العباد ووقايتهم من الضرر.
أحد أساتذة العلم الاجتماعي العرب حسين الخزاعي يؤكد أنه لا يوجد في التراث الإسلامي والعربي ما يدعم ممارسة تبادل القبلات، معتبرا القبلة مصدرا رئيسيا لنقل 15 مرضا تصيب الجلد والجهاز التنفسي والتهاب القصبات، بالإضافة إلى مرض السل والحمى الشوكية والحصبة.
في مصر سعى أستاذ طب الأطفال في جامعة القاهرة الدكتور عادل عاشور إلى تأسيس جمعية لحظر القبلات من منظور طبي، لاقت جدلا كبيرا في المجتمع المصري من حيث القبول والرفض.
لا شك أن هناك بعض العادات ما هي إلا فعل إرغامي آلي متوارث ومبرمج، دون شعور حقيقي، بل في بعض الأحيان يكون مُزَوَّرًا، رغب الشخص أم لم يرغب، فتسخير المشاعر الإنسانية للعبث والاستعراض يؤدي إلى فتور معناها ومؤداها.
فالبعض يرى أن زيادة عدد القبلات التي يطبعها على خد مقابله توحي بزيادة الإحساس والمشاركة في المناسبة، وإن كانت صورا شكلية للمحبة والمودة.
في النهاية لا يمكن التخلص من هذه العادة الجدلية بسهولة، فلا بد من توجه مجتمعي يعمل على إنهائها بطرق توافقية، وما دام الأمر لم يصل إلى هذا المستوى، فلن يستطيع الشخص إلا الرضوخ والممارسة لتلك العادة الجدلية.
تخيل أن تكون مصابا بألم في الفك أو في أحد أضراسك، هل ستقوى على التحمُّل، أم أن الشرر سيتطاير من عينيك كلما طبع أحدهم قبلة على وجهك؟أو ان يكون مقبلك ذا مرض معدي وفتاك ؟؟
بقلم: رائد رمان السبيل