من فظائع الإنجليز: نسف باقة الغربية
تاريخ النشر: 21/08/17 | 14:43يقول صبحي بيادسة في كتابه”باقة الغربية-تاريخ لا ينسى”: إن الجيش البريطاني احتل المدرسة الفوقا(مدرسة الغزالي) في باقة الغربية وبنى فيها معسكرًا وسيجها تسيجًا محكمًا. وأنه في 25/8/1938 اصطدمت إحدى فصائل الثورة بدورية خارجة من المعسكر، وجرى تبادل لإطلاق النار أسفر عن مقتل ضابط إنكليزي وإصابة ثلاثة آخرين. وفي الصباح داهمت قوات كبيرة من الجيش القرية وأمرت مختارها بأن يبلغ السكان بأن عليهم الخروج من منازلهم، وجمعتهم في ثلاثة مراكز تحت الشمس الحارقة، ومنعتهم من الشرب… وبدأت بنسف البلدة، واستمرت هذه العملية حتى ساعات المساء، حيث دمرت ما لا يقل عن 70 منزلاً تدميرًا تامًا.(بيادسة، 2002، ط2، ص 109-110).
وقد اعتمد بيادسة في سرده على ما ذكره أكرم زعيتر في كتابه “وثائق الحركة الوطنية الفلسطينية” ص497 حيث قال الأخير:”هل أتاك حديث باقة الغربية في منطقة طولكرم؟ .. لقد دمرها الأعداء الظالمون تدميرًا تامًا ونسفوا بيوتها نسفًا كاملاً وأحرقوا مزروعاتها إحراقًا واعتقلوا رجالها وعذبوا نساءها ونهبوا أموالها، ودمروا 90 بيتًا”، ولم يذكر تاريخ وقوع الحادثة كما ادعى صبحي بيادسة.
وفي يومياته يقول أكرم زعيتر بتاريخ 28/7/1938″ إنه في تقارير اليوم مجموعة من فظاعات ووحشيات إنكليزية مزرية، فقد هجمت قوة من الجيش على قرية باقة الغربية، وهي كبرى قرى طولكرم، فاعتقلت جميع رجالها ونسائها وأطفالها، ثم دمرت بالديناميت 93 بيتًا. فأصبحت أثرًا بعد عين، ثم أحرقت جميع بيادرها ومزروعاتها وبات سكانها بلا مأوى ولا فرش ولا طعام. وقد تألفت في بعض المدن لجان لتقديم الخبز والخيم إليهم. هذا ، وقد سيق رجالها إلى مخيم نور شمس. كما اعتدى الجند بكعاب البنادق على النساء والأطفال والسجناء فجرح الكثيرين منهم جراحًا بالغة”.(يوميات، ص 417-418).
يبدو لنا أن خطأ مطبعيًا وقع في التاريخ الذي ذكره صبحي بيادسة وأنه قصد أن الحادثة وقعت في شهر تموز وليس في شهر آب. وحتى بعد التصحيح يبقى فارق أيام بين تاريخ وقوع الحادثة والتاريخ الذي ذكره، وذلك لاعتماده على تقرير أكرم زعيتر فقط لا غير. نظرة إلى ما نشرته صحيفة الدفاع الفلسطينية في تلك الفترة تبين أن الحادثة وقعت في 21 تموز 1938. كما أن الصحيفة المذكورة أوردت أسماء أصحاب البيوت التي نسفت ما يضيف بُعدًا إنسانيًا لتلك المأساة الأليمة التي حلت بسكان باقة الغربية.
وفيما يلي التقرير الذي نشرته صحيفة الدفاع في 27 تموز 1938عن تلك الفاجعة:
فاجعة باقة
كيف أجريت عملية نسف البيوت
تفصيلات مؤلمة يرويها مراسل صحيفة الدفاع الخاص
وردتنا أنباء مفصلة عن حوادث نسف البيوت في قرية باقة الغربية، ووصف الذين شهدوا الحالة في القرية قبيل نسف بيوتها وبعد عمليات النسف الأليمة. وفيما يلي معلومات موجزة عن القرية وسكانها وعدد البيوت التي نسفت فيها ومبلغ الخسائر التي لحقت بالقرويين في أسوأ ظروف اقتصادية عرفتها البلاد.
إبلاغ الأمر
في الساعة الرابعة بعد ظهر يوم 20 الجاري طلب قائد القوات العسكرية الموجودة في القرية إلى أحد الأهالي واسمه محمد بن حمدان الحاج أحمد إبلاغ القرويين بأن يجمعوا كافة أثاث بيوتهم ويكونوا على استعداد في الصباح الباكر لغاية الساعة العاشرة، إذ قرر الجيش إخلاء هذه القرية، وأن على الجيش أن ينقل أهاليها حيث يريد، وقد أبلغ هذا الخبر لجميع سكان القرية في الساعة السادسة من صباح ذلك اليوم بواسطة خفير(ناطور) القرية.
منع التجول
ولم يتمكن سكان القرية من تدبير شئونهم في تلك المدة القصيرة ولا يخفى أن نظام منع التجول كان من الساعة الثامنة لنهاية الصباح الباكر.
800 قروي
وفي الصباح الباكر من يوم 21 تموز الجاري شوهدت قوات الجند في حركة غير عادية واستمرت هذه الحالة حتى الساعة الثامنة صباحًا، وجيء بأكثر من 800 رجل من قرى: عرعرة، وادي الميه(برطعة)، طورة، زبدة، قفين، باقة الشرقية، نزلة عيسى، عرب التركمان.
مهلة ساعة
وفي الساعة التاسعة صباحًا طلب القائد بعض وجوه القرية وذكر لهم أن الجيش قرر نسف ثلاثة منازل أصحابها السادة: يوسف محمد القاسم، عبد القادر أحمد السليمان، وحسني محمد الإبراهيم وهؤلاء كان قد أُلقي عليهم القبض قبل يوم عقب حادث مقتل الجاويش البريطاني، وأُعطي أصحاب البيوت الثلاثة مدة ساعة لإخلاء البيوت من أثاثها، وأبلغهم أيضًا بالتنبيه على أهالي القرية بمغادرة بيوتهم وتركها مفتوحة.
مغادرة البيوت
وفي هذه الفترة القصيرة غادر القرويون منازلهم واجتمعوا رجالا ونساء وأطفالاً عند بيادر القرية، ثم عزل النساء في جهة والرجال في جهة أخرى.
صوت الانفجار
وفي الساعة العاشرة والنصف باشر الجند عملية النسف. وبعد عشر دقائق سمع صوت الانفجار في أول بيت في القرية. واستمرت العملية حتى الساعة الرابعة مساء تقريبًا، وشهد العملية سكان القرية والقرى المجاورة الذين جيء بهم. وأجريت العملية بواسطة الديناميت. وليس في الإمكان التعبير عن الشعور العميق في القرييين رجالاً ونساء عندما يشهدون منازلهم تنهار في لمح البصر
إلى نور شمس
وبعد انتهاء عملية النسف وكانت الساعة إذ ذاك تقرب من الرابعة والنصف أُخذ عدد من القرويين إلى سجن نور شمس وبات عدد آخر بالقرب من مخيم الجند، وليس في الاستطاعة تقدير الخسائر التي لحقت بالقرية لأنها كبيرة.
أصحاب البيوت
وفيما يلي أذكر لكم أسماء الذين نسفت بيوتهم، أو تضررت بسبب العملية وبينها عدد كبير من المنازل تتألف من غرفتين وأكثر وهم السادة:
مصطفى محمود القاسم
يوسف محمود القاسم
ناجي خليل ناجي
عبد القادر أحمد سلمان
موسى يوسف لبناوي
سليمان مخلوف
سعيد العبد
حمود موسى زعترية
ابراهيم أبو ذيب
عبد الله الزيتاوي
مرشد الخواجه
سعيد الخواجه
عوض أبو ذيب
محمد الصالح العبد الله
عبد الله الشرفي
محمود الحاج ابراهيم
حسن محمد حسين
عبد العزيز صالح أبو بكر
فاطمة الشيخ عبد الله
عبد الله صالح أبو بكر
حسن صالح أبو بكر
جمعة العباس
ناصر الحاج عيسى
ابراهيم البيدوس
محمد محمود عوض الله
عبد الناصر عوض الله
عبد اللطيف الحاج محمد
حمدان الناصر
أحمد صالح أبو بكر
أحمد الناجي
آمنة العوض الله
محمد حسين ناجي
عبد اللطيف المحمود
رشاد العارف
حسن الجزماوي
عرفات أبو عمار
الشيخ عبد الله يحيى
الشيخ موسى يحيى
الشيخ محمد يحيى
محمد ابراهيم اللحام
جميلة موسى العبيد
ابراهيم عبد الله لحام
محمد الحماد
ابراهيم الخشان
عبد الله القاسم
محمد سعيد حسين
موسى سليمان
أحمد النجيب
يوسف محمد أبو سنة
مسعد العمار
أحمد الخضرا
وقد احترقت بيادر السادة:
عبد الرازق عبد الله
عبد اللطيف المحمود
عطية السعيد
رشيد العارف
حسن الجزماوي.
بناء على ما أوردته صحيفة الدفاع يمكننا أن نحدد أن حادثة نسف باقة الغربية وقعت في 21/7/1938، وأن عدد البيوت التي نسفت بلغ أكثر من 60 منزلاً وخمسة بيادر.
د.محمد عقل