حنين زعبي حول ملاحقة الشيخ رائد صلاح
تاريخ النشر: 24/08/17 | 13:57الحرية لرائد صلاح والتضامن معه ضمن الملاحقة الإسرائيلية دون قيد أو شرط، ملاحظتان:
أولا:
الثمن الباهظ
إن الاختلافات على استراتيجيات عملنا السياسي، هي اختلافات “حقيقية” أو “صادقة” فقط حينما نطرحها بمبادراتنا الذاتية، وفي “أوقات الهدوء الإسرائيلي”، لكننا لا نستطيع أن ننكر علاقة ما يطرح من نقاش حالي بيننا حول “صحة تصريحات الشيخ رائد صلاح” و “الثمن الذي يدفع”، أي أن بعض جوانب إثارة الجدال يعود إلى “الثمن الباهظ” الذي ندفعه، وليس إلى الصواب “العضوي” لما نفعله، ولو لم يدفع الثمن، ولو بقيت إسرائيل “راضية” و”متقبلة” لما أثير هذا الجدل أصلا.
وهذه ضربة عنيفة للنضال الوطني، أن نقيس صحة استراتيجيات النضال بمدى التحريض أو العقاب الإسرائيلي، وليس بمفاهيمك الذاتية للنضال وقواعده الأخلاقية والسياسية. من مسؤوليتنا الوطنية والقيادية أن نضبط قواعد النضال وأخلاقياته بأنفسنا، دون علاقة بالرد الإسرائيلي، هذا يصلح بشكل مطلق على أخلاقيات النضال، وبشكل كبير على صوابه السياسي، وإن اخذنا رد الفعل الإسرائيلي بالحسبان، فمن العبث والضعف أن يكون هو المعيار الأول بما يتعلق بصواب النضال.
“إن ما لا يمكننا العمل والتطور دون حسمه، هو الاتفاق على مسألة من يحدد لنا حدود نضالنا وسلوكنا الوطني، فهذه المسالة تشكل الوحدة الأساسية بيننا، وهي حتى أهم من وحدة المواقف السياسية. إن الوحدة الأهم من اتفاقنا الأيديولوجي أو السياسي، هي الوحدة التي لا تسمح لإسرائيل بأن تستفرد بأي منا، خاصة عندما يكون هدفها إعادة صياغة نضالنا إلى درجة تحديد ممثلينا السياسيين.”
“إن عدم إغضاب إسرائيل”، أو عدم “إخراجها عن طوعها”، هو ليس خيارا قائما لقوى سياسية تريد تغيير واقع شعبها، كما أن الضحية لا تبني نضالها على فرضية إمكانية “انسجام نضالنا” مع السياسات الإسرائيلية، أو كأن الخيار هو بين ديمقراطية نتسلمها بأدب، أو عنصرية “نصنعها بشغب”. إن خيارنا الحقيقي هو بين عنصرية نتحداها فعلا، أو عنصرية نسجل “بلياقة” عدم موافقتنا عليها”.
من مقال جدل نيسان 2016 “المشتركة بين الإنجاز السياسي والحفاظ على وضع يتقهقر”.
لقد أخطأنا حين مر إخراج الحركة الإسلامية عن القانون بصمت وبردود عادية، ومن ثم مر إخراجها الخطير عن القانون دون التفاتة منا، بل حتى دون علم. كان بالأحرى بنا التفكير باستراتيجيات “قلب الطاولة” بعد إخراج الحركة الإسلامية عن القانون، بما في ذلك مقاطعة البرلمان من قبل المشتركة، الاقتراح الذي مجرد التصريح به يسبب “نرفزات” عصبية.
ثانيا:
الصراع الاجتماعي
هنالك من لا يطرح تضامنا كاملا، بل يريده “محدود الضمان”، بسبب دور الحركة الإسلامية، وبعض شخوصها، ونخرها في لب حرياتنا الشخصية، ومفاعيلها في إنتاج خطاب ومفاهيم تؤدلج وتسوق القمع والوصاية.
هذه معركة حقيقية، ولا يصمد معها نضال وطني قوي، ويكاد الاستبداد الداخلي يقلل من الشعور باستبداد الدولة.
لكن لهذه المعركة ساحات أخرى، نعرف من يعارك فيها ومن يصمد ومن يسكت.
ونعرف من خصصت له “صوت الحق والحرية” عددا كاملا في التحريض عليها، شملت جميع قيادات الحركة الإسلامية، ومن تلقت مئات التهديدات بكاريكاتيرات سيوف داعش .
لكن الخطير، أن من لا يعارك الحركة الإسلامية اجتماعيا، يجد منفذا في “التعويض” عن صمته، بالصمت أيضا في حضور القمع والملاحقة الإسرائيلية، وهذا خطير. أستثني من ذلك صديقات وأصدقاء كتبوا في “شروط التضامن”، ودارت بيننا نقاشات في الموضوع.
علينا أن نعرف إدارة صراعاتنا الاجتماعية والمجتمعية وعدم الخوف من خوضها، ودفع الثمن هناك أيضا. ذلك ما يسهل أن يكون الفرز واضحا جدا بيننا وبين إسرائيل، عندما تدخل الأخيرة في الصورة.
نحن لا نتضامن مع رائد صلاح فقط، نحن نحمل معه هذه الملاحقة ومعه علينا أن نصدها.