يوم العيد
تاريخ النشر: 10/09/17 | 10:25(العيد) لفظة تدل على الوقت الذي يعود فيه الفرح أو السرور، والأصل في الكلمة (عِـوْد) من الفعل (عاد- يعود)، فوقعت الواو ساكنة وما قبلها كسر فقُلبت ياء، وذلك على غرار ميزان (أصلها من وزن- مِوْزان)، وميقات (أصلها من وقت- مِوْقات) و ميعاد، وإيراد وإيجاد….
وردت كلمة (عيد) في الذكر الحكيم:
{قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّـهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لأوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}- المائدة، 114.
كلمة (عيد) إذا أرجعناها إلى جذرها سنجد أن الألفاظ في التعبير القرآني تدور دائمًا حول معنى التكرار والرجوع.
وأما المعنى في الآية فقد اختلف المفسرون في معنى اللفظة، فيورد الطبري في شرح الآية:
“قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بالصواب، قول من قال: “معناه: تكون لنا عيدًا، نعبد ربنا في اليوم الذي تنزل فيه، ونصلي له فيه، كما يعبد الناس في أعيادهم”، لأن المعروف من كلام الناس المستعمل بينهم في “العيد” ما ذكرنا، دون القول الذي قاله من قال: “معناه: عائدة من الله علينا”. وتوجيه معاني كلام الله إلى المعروف من كلام من خوطب به، أولى من توجيهه إلى المجهول منه، ما وجد إليه السبيل” .
أما في الحديث الشريف فقد ورد أن أهل المدينة كانوا يحتفلون ويلعبون في يومين، فلما قدم الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة سألهم:
“ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال: إن الله قد أبدلكم بهما خيرًا منهما- يوم الأضحى ويوم الفطر”- [رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وصححه النووي وابن حجر والألباني).
ويبدو من هذا الحديث أن العيد له معنى ديني محض.
من الطريف أن أذكر أن للعيد معنى آخر هو ما يُعتاد من الشوق والحزن، نحو:
عاد قلبي من الطويلة عيد *** واعتراني من حبها تسهيد
(الطويلة- اسم روضة)
ولكن هذا المعنى لا يرد في لغتنا المعاصرة.
ورد في لسان العرب:
من معاني (العيد) كل يوم فيه جمْع، كأنهم عادوا إليه، وقيل اشتقاقه من (العادة) لأنهم اعتادوه، والجمع (أعياد)، فلزمت الياء التي هي بدل الواو، وقيل للتفريق بينها وبين (أعواد) الخشب، وكذلك لزمت الياء في التصغير: عُيَـيْد.
تبعًا لذلك لا أرى غضاضة في تسمية الأيام غير الدينية- تلك التي تعود علينا بالفرحة والبهجة- أعيادًا كعيد الأم وعيد المعلم وعيد الميلاد وعيد شم النسيم، عيد العمال و غير ذلك.
صحيح أنها لا تكتسب الطابع الديني، لكنها احتفاليات درجنا عليها كما درجت كل الشعوب على احتفالاتها وأعيادها، وقد شاعت وذاعت كما لا يخفى علينا.
أما الذي يعترض على تخصيص يوم/ عيد للأم مثلاً أو للمرأة بدعوى أن الاحترام واجب في كل أيام السنة فجوابنا أن هذا اليوم هو للتذكير، ولتنبيه من غفل عن ذلك- كما يذكّر المتدينون بأسبوع الدعوة أو أسبوع القرآن …
ب. فاروق مواسي