حُلْمُ على حافِّة الدّيجور
تاريخ النشر: 18/09/17 | 9:00تستعدُّ تلك المرأة كعادتها في كلّ مساء للذّهابِ إلى دارِ الأوبرا، كلما سمعتْ عن أوبرا جديدة.. فالمسرح يكتظ كل ليلة بأوبرا جديدة.. تجلس أمام مرآتها وتبدأ بالتمكيج كيْ تظهرَ بأنها ساحرةَ الجمَال، مع أنّها امرأةٌ فاتنة، ولكنها تريد تجميل ملامحِ وجهها، الذي جعّدته السّنين، فعربةُ الزّواج قد ولّت منذ زمن، تقفُ على رصيفِ شارع مُشجّرٍ، ترفعُ يدَها لإيقافِ سيّارة، فيقعُ نظرها على ذاك الشّابّ الجذّاب الذي هو في مقتبلِ العُمرِ، يجلس بمفردِه في المقعدِ الخلفيّ لتلك السّيّارة الفاخرة، التي توقّفتْ لتقلّها، تقعدُ بحدّه، تستغرقُها أفكارها قليلا، تستعيدُ شريط حياتها على عجلٍ، ليسلبَ سمعها ذاك الحسّ يسألها آنسة أدريانا، تلتفتُ أدريانا للحسِّ بعجلةٍ وتهزّ هامتها المُثقلة بحُزْنٍ، وينتابها إحساسٌ غريب لمْ تعهده منذ أن كانت في الثلاثينيات مِنْ سنّها.. هي تسمعُ كلام التّأسّف.. يخرم أذنيها الجميلتيْن.. تتبعها إشادات.. أرجعتْ الزّهر لحياتها، فباتتْ قاب قوسين أو أدنى من ثقبِ نبالِ الكيوبيد فؤادها، الذي تصلّب مبكرا، وهي تركبُ بالون التغزّل، الذي طارَ بها بعيدا، وذاك الإنسان يطرحُ عليها الاقتران، ويحكي لها عن ممتلكاته من عقاراتٍ وسيارات وأشياء أخرى، فهو خريجُ جامعة عريقة في باريس كليه العلوم، شعرتْ بأنّه دواؤها، الذي افتقدته كثيرا.. رجعتْ ضربات قلبها بالتّسارع، لتلقى ذاتها بذاك الهندام الأبيض، تحمل وروداً حمراء بيدٍ وتمسكُ بالأخرى يده، تتراقصُ طرباً على تلك الألحانِ.. تطاردها النّظراتِ من كلّ الجهاتِ.
تنوفُ بعينيْها نحو عينيه بدلالٍ لتفشي له بعشقِها وتحمّدُ بختَها الذي بعثه لها.
فتلقى ذاك الإنسان يتأسّفُ إذا ما أحدثَ لها صديقه الذي سبّبت له السُّجون خسارة، وغدره محبوبته أدريانا عقله أيّ قلقٍ، فترنو ببصرِها صوبَ باقةِ الورود الحمراء لتلقى يدَها ترشحُ من العرقِ، قابضة مسكتها على المقعدِ الجلديّ، فترتجفُ مفاصلُ عظامها ذعرا، وتنزلُ بسرعة صوبَ مكانِها، الذي برحته وراءها..
بقلم: عطا الله شاهين