42 عاماً على إحراق المسجد الأقصى
تاريخ النشر: 22/08/11 | 2:45تقرير محمود ابو عطا “مؤسسة الأقصى”
تحلّ اليوم الذكرى الـ 42 على جريمة إحراق المسجد الأقصى المبارك ، والتي ارتكبتها يد الإحتلال الإسرائيلي وأذرعه المختلفة في محاولة لتدمير المسجد الأقصى ، بعد مرور عامين على إحتلاله وشرق القدس ، وجريمة إحراق الأقصى تدلل على أن الإحتلال الإسرائيلي مصرّ على تحقيق مخططاته ومؤامرته على المسرى الأسير ، وتحقيق حلمه الأسطوري بإقامة الهيكل الثالث المزعوم على حساب وأنقاض أولى القبلتين وثاني المسجدين ، وثالث المساجد التي تشدّ اليها الرحال ، ومع حلول الذكرى 42 لإحراق الأقصى يظل الإحتلال هو الخطر الأساس على المسجد الأقصى ، فما دام المسجد الأقصى المبارك محتلا فان الخطر ما يزال محدقا بالأقصى المبارك ، ولن يزول الخطر عنه حتى يزول الإحتلال الإسرائيلي ، ونحن في مثل هذه الأيام ، حيث رياح التغيير والتحرر في العالم العربي والإسلامي نستبشر بالأمل أن زوال الإحتلال عن القدس والأقصى قريب ، قريب بإذن الله رب العالمين .
لكن هذا الأمل والإستبشار لن يغيّب حقيقة ما يتعرض له المسجد الأقصى من مخاطر ومخططات إحتلالية تدميرية ، فالمخاطر التي تهدد الأقصى تتصاعد وتتزايد يوماً بعد يوم ، إذ تأتي الذكرى الـ 42 لإحراق الأقصى في وقت يستعدّ الإحتلال الإسرائيلي إلى إفتتاح أكبر وأخطر الأنفاق التي يحفرها أسفل وفي محيط المسجد الأقصى المبارك ، وهو النفق الممتدّ من وسط بلدة سلوان – الواقعة جنوبي المسجد الأقصى ، – بإتجاه المسجد الأقصى ، مرورا بحي وادي حلوة – مدخل بلدة سلوان الشمالي- ، وقاطعاً أسفل السور الجنوبي للبلدة القديمة ، ومن ثم أسفل منطقة حائط البراق وباب المغاربة – أحد ابواب المسجد الأقصى – ومن ثم ربط هذا النفق ، بسلساة الأنفاق أسفل ومحيط المسجد الأقصى ، والتي تحوّط المسجد الأقصى من جميع الجهات ، وتمتد ّ أسفله وفي محيطه الملاصق ، وفي نفس الوقت يستعدّ الإحتلال في هذه الأيام الى إفتتاح قاعات كبيرة ، تقع ضمن شبكة الأنفاق التي حفرها ، وتحديداً أسفل وقف حمام العين ومطهرة المسجد الأقصى المبارك ، هذه الحفريات تُضاف الى عشرات الحفريات والأنفاق التي يواصل حفرها منذ إحتلال الأقصى عام 1967م ، ولا شك أن مثل هذه الحفريات والأنفاق لها تأثير خطير على المسجد الأقصى ، ولعل المصادقة مؤخراً على مخطط بناء الجسر العكسري عند باب المغاربة ، والمطالبة بمباشرة العمل به سريعاً تدلل الى أين تتجه المخططات الإحتلالية التي تستهدف المسجد الأقصى .
حملات الإقتحام من قبل الجماعات اليهودية والمستوطنين للمسجد الأقصى ، والتي تتصاعد فيما يسمى “مواسم الأعياد اليهودية” ، أصبحت بشكل شبه يومي ، تترافق مع تدنيس المسجد بإقامة الشعائر الدينية والتلمودية اليهودية داخل المسجد الأقصى ، وسجلت الأيام الأخيرة في شهر رمضان تطوّرا ومؤشرا خطيرا في هذا الجانب ، حيث تعمّد الإحتلال والجماعات اليهودية إقتحام المسجد بالمئات خلال شهر رمضان المبارك ، وهو الأمر الذي لم نلحظه من قبل ، ولعلّ الأيام القادمات تكون أكثر تصعيدا في هذا الجانب ، خاصة مع تزايد التيارات وما يسمى ” الفتوى الدينية اليهودية ” التي تسمح بل وتدعو الى إقتحام المسجد الأقصى وتدنيسه بمثل الشعائر المذكورة ، ورسم وتحديد مسار مكاني وزماني ، يشير الى مخطط إحتلالي لتقسيم المسجد الأقصى بين المسلمين واليهود ، بدت ملامحه واضحة في مثل هذه الأيام ،على شاكلة ما حصل في المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل .
عشرات الكنس اليهودية تطوق الأقصى من جميع جوانبه ، وحدائق ومسارات “توراتية وتلمودية” ، وشريط من الإستيطان اليهودي حول المسجد الأقصى وعلى عدة حلقات ، تحاصر الأقصى ، وتعتبر محطات خطيرة لإستهداف المسجد الأقصى ونقاط إنطلاق للإعتداء على المسجد الأقصى المبارك .
حصار عسكري مفروض على المسجد الأقصى على مدار اليوم والليلة ، منع لعشرات آلاف المصلين من الوصول الى الاقصى وأداء الصلوات ، عزل القدس عن محيطها الفلطسيني ، تحديد للأجيال المسموح لها دخول الأقصى ، وإصدار الأوامر والقرارات العسكرية لمنع العلماء والنشطاء من دخول الأقصى لأشهر أو حتى لسنين ، كل ذلك بهدف تفريغ الأقصى من مصليه وعلمائه وعباده ومحبيه ، أو على الأقل تقليل الأعداد التي تتوافد اليه ، وتدخّل سافر في صلاحيات دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس ، ومحاولة تعطيل مشاريع وترميم الأقصى ، بل ومنع تنفيذ الكثير من هذه المشاريع .
ممارسات تهويدية على كل نطاق تستهدف مدينة القدس المحتلة ، مخططات التطهير العرقي ، والترحيل والعزل وهدم البيوت ومصادرة الأراضي وجدار الفصل العنصري ومحاربة الإقتصاد الفلسطيني المقدسي ، كل ذلك يصبّ في محصلة الأمر في مسار إستهداف المسجد الأقصى المبارك .
كل هذه الممارسات والمخططات الإحتلالية التي تتصاعد يوماً بعد يوم ، تشكل حلقات وخطوات تدريجية نحو تحقيق الرؤية والمشروع الصهيوني لإقامة الهيكل الثالث المزعوم على حساب المسجد الأقصى ، بحسب المقولة ، لا قيمة لإسرائيل بدون القدس ، ولا قيمة للقدس دون الهيكل .
هذه الجرائم والحرائق الإحتلال المتواصلة منذ 42 عاماً ، إنما تدعونا في مثل هذا اليوم ، ونحن نستذكر جريمة إحراق الأقصى ، الى المضي قدماً في مشروع الحفاظ والدفاع عن المسجد الأقصى ، والأمة كلها اليوم مدعوة في أكثر من أي وقت مضى الى الإلتفاف والتوحد والتعاون من أجل رفع كل أذى وضرر وخطر عن المسجد الأقصى المبارك ، والذي لن يتحصّل الاّ بزوال الإحتلال الإسرائيلي عن المسجد الأقصى المبارك.