حوله وحواليه
تاريخ النشر: 19/09/17 | 17:08قريبًا ،وبعد اشهر قليلة سينتهي الخريف وتنتهي معه ظاهرة تساقط أوراق الشجر وظاهرة الغبار وأيام الشّرد، وستنقضي معه أربعة أعوام عِجاف، أربعة أعوام لا أدب فيها ولا ثقافة ولا فنّ، وأنّما روتين خلف روتين ” يأكل” النفوس.
ستنتهي قريبًا – والحمد لله – في بلداتنا العربيّة ، وسنستفيق على سنة خامسة خضراء ، وارفة الظلال ، مُفعمة بالزفتة ، مملوءة بالحركة والتوظيفات والتجميلات والمجاملات المدروسة والعشوائية ، هذه المشاريع قد تستمرّ وقد تمحوها الامطار ، كيف لا ومعظم مشاريعنا واعمالنا اقرب هي للعشوائيّة منها الى التخطيط المُبرمج..
حقًّا كانت هناك أربع سنوات عمل فيها رئيس السلطة المحليّة او البلدية – (حوالي إمّو حواليه كما تقول جدّتي) يُوظّف في العائلة ومن العائلة ..أمّا سنة الفرَج فقد اقتربت ، فلا تتعجّبَنَّ يا صاحبي إن مرّ عليك رئيس المجلس المحليّ وهشَّ وبشَّ لك ومدَّ يده مُسلّمًا، هذا الذي نظر اليك قبلًا شزرًا أو لم يرك أصلًا، نعم سيمدّ يده ويصافح، بل وسيشارك في مواكب الافراح وزيارة المرضى والزيارات بسبب او بدون سبب ، وستزغرد الزفتة وسيرفع المقاولون الصغار والكبار اجنحة النسور فيطيرون الى فوق محلّقين والبسمات تغمر الوجوه ، وقد يقبضون وقد لا يقبضون.
واقع أليم يمرّعلى قرانا وبلداتناومدننا العربيّة في هذه الأيام وفي كلّ السنين ، فالحياة الادبيّة والثقافيّة معدومة ، والتواصل الانساني بين الطوائف منقطع ، والمشاريع نادرة جدًّا ، وإن حدث ورأيت أحدها فاعلم أن الوزارة قد دفعت حتى القرش الأخير هذا إن لم يختف هذا القرش واخوته خلف ألف غيمة وغيمة.
الشتاء قادم وقد يكون اعصارًا ، والربيع آتٍ وقد يكون فيضًا من عبير ، ولكن لفترة محدودة ، يستفيد منها المُقرّبون والمُقرّبات، فتوزّع الوظائف بمناقصات وبدون مناقصات ، وتُشقّ الطرقات للبيوت حتّى لتلك الموغلة في العمق والطبيعة والوعر ، و” يا نيّالك” إن كنتَ مُقربًّا وتنوي زواج أحد أبنائك ، فقد تمتلىء الجيوب وتفيض ، وقد يرقص في فرحكم الرئيس وكوكبته بل وقد يستقبل معك الضيوف.
وسرعان ما تمرّ هذه السنة فهي كما اللحظات الجميلة في حياتنا تمرّ كما لمح البصر ، تنقضي ونعود بعدها الى لملمة الجروح والذكريات وتضميدها..نعود والى الروتين ورؤية سيّارات النُّفايات وحدها تربط شطري البلدة بعضها ببعض.
ولا تسأل عن المشاريع فهي تغيب وكذا الاحتفالات واللقاءات الاجتماعيّة ولجان المجلس والبلديّة تُدفن لاربع سنوات جديدة ، بعد أن عادت الى الحياة أخيرًا وبغير لباس أهل العرس !!!.
أبشروا خيرًا اخوتي في بلداتنا العربيّة فالخير ” لقدّام” مع أنّني على يقين أنّه ” سيُبنشر” قريبًا ويتراوح في مكانه..
قصة حزينة كما أيلول طرفها فقط مبلول ، تعود في كلّ اربع سنوات مرّة واحدة لتكوكب في الحياة ثم تعود لتموت مع كانون الأوّل بإعصار يأتي من حيث ندري أو لا ندري.
قصة قديمة حديثة تعيش في بلداتنا ولا تريد ان تُفارق.
بقلم: زهير دعيم