زبارقة: المسجد الأقصى يخضع لعملية تهويد منظم
تاريخ النشر: 17/09/17 | 18:02خالد زبارقة المحامي المختص في حقوق الإنسان وعضو طاقم الدفاع عن الشيخ رائد صلاح، جاء إلى بريطانيا من مدينة اللد الفلسطينية ضمن وفد شعبي من أهالي بيت المقدس والمناطق المحتلة عام 48 لتسليط الضوء على معاناة أهل القدس تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي والتمييز العنصري المنظم الذي ينتهجه على كل المستويات وفي كل جوانب الحياة ما يهدد وجود الفلسطينيين في وطنهم.
وقد نظم هذه الزيارة إلى لندن وبلفاست منتدى التواصل الأوروبي الفلسطيني «يوروبال فورام» بالتعاون مع «مرصد الشرق الأوسط» في لندن «ميمو» حيث جرى لقاء برلمانيين وسياسيين في المملكة المتحدة وايرلندا. المحامي خالد زبارقة تحدث عن أهمية توضيح الرواية الفلسطينية للمجتمع الغربي وتفنيد الأكاذيب الإسرائيلية، وأكد ان الزيارة تناولت العديد من القضايا المهمة ومنها الاعتقال الإداري وقضية الشيخ رائد صلاح المعتقل حاليا كسجين رأي، بالإضافة إلى الانتهاكات الإسرائيلية بحق المقدسات الإسلامية وخاصة المسجد الأقصى حيث محاولات التهويد المستمرة وممارسة التمييز العنصري ضد أهالي القدس والداخل الفلسطيني. كما ركزت الزيارة على موضوع اعتراف بريطانيا بمسؤوليتها التاريخية في ما يعرف بـ «وعد بلفور» والاعتذار وتحمل تبعة آثار هذه الوثيقة التي جلبت الويلات على الشعب الفلسطيني. وهنا نص الحوار:
○ ما هي فحوى الزيارة إلى المملكة المتحدة وايرلندا؟ وهل لمستم تعاطفا مع القضية الفلسطينية؟
• جئنا بدعوة من «مرصد الشرق الأوسط» في لندن «ميمو» للقاء عدة مؤسسات وسياسيين بريطانيين وايرلنديين ولعرض الرواية الفلسطينية عليهم وأيضا من أجل مناقشة أوضاع حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة في القدس والداخل الفلسطيني.
ويتكون وفدنا من مسلمين ومسيحيين، وقد التقينا بشخصيات مهمة في البرلمان البريطاني والايرلندي وعرضنا عليهم انتهاكات حقوق الإنسان التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة.
وجدنا تعاطفا كبيرا جدا مع القضية الفلسطينية من جهة ومن جهة أخرى وجدنا وعيا كبيرا لدى البريطانيين والايرلنديين بما يتعرض له الشعب الفلسطيني ولمسنا الخوف والقلق من المشروع الصهيوني العالمي، ولذلك مسألة الفعل على أرض الواقع تتعرض إلى ضغوط من طرف المشروع الصهيوني العالمي وكما هو معروف فإن الصهيونية العالمية متأصلة جدا في بريطانيا خاصة وفي أوروبا بشكل عام.
○ ما هي مخاوفكم بشأن المسجد الأقصى؟ هل إسرائيل ماضية قدما في تغيير ملامح المدينة الإسلامية وتهويدها؟
• بات واضحا ان سلطات الاحتلال تريد ان تغير الهوية الإسلامية للمسجد الأقصى المبارك عبر تصفية الهوية الدينية للمكان وهناك إجراءات أمنية جديدة بخصوص ذلك.
من خلال زيارتنا أظهرنا حجم الممارسات العنصرية الإسرائيلية في كل أماكن وجود الشعب الفلسطيني، وأبرز هذه الانتهاكات ما يتعرض له الأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية بشكل عام من محاولة لتغيير الوضع القائم فيه وتهويده من جهة، ومن جهة أخرى ما يتعرض له الإنسان الفلسطيني سواء في النقب أو في المدن الفلسطينية في الداخل أو في القدس أو الضفة الغربية من سياسات تهجير وطرد، ما يعني أننا أمام سياسة تطهير عرقي يحاول المشروع الصهيوني العالمي تنفيذها على أرض الواقع.
○ نسألك كعضو طاقم الدفاع عن الشيخ رائد صلاح، أين وصلت قضية اعتقاله؟
• وجهت للشيخ رائد صلاح عدة تهم من ضمنها الخطب التي ألقاها في الشهور الماضية تزامنا مع غلق بوابات المسجد الأقصى، في مدينة أم الفحم وأخرى تتعلق باللقاءات التلفزيونية والإذاعية المختلفة في ما يخص الأحداث الأخيرة في القدس والمسجد الأقصى.
وهو يتعرض الآن إلى التحقيق لا لتهمة ارتكبها وإنما لأن الحكومة الإسرائيلية في إجراءاتها الأخيرة في القدس فشلت فشلا ذريعا وخاصة نتنياهو في احتواء الأزمة لذلك هم يريدون ان يحملوا الشيخ صلاح مسؤولية فشلهم.
من الواضح ان هناك محاولات لتصدير الأزمة الداخلية عن نتنياهو إلى الشيخ صلاح وإلى المجتمع العربي في الداخل الفلسطيني، لكن ذلك لا يمكن ان ينطلي على أحد، ونحن نطالب بإطلاق سراحه لأنه لم يرتكب أي مخالفة تقتضي تمديد توقيفه.
○ هل يشكل الشيخ رائد صلاح خطرا على أمن إسرائيل؟ وهل هناك قضايا مفبركة وجهت ضده؟ وهل بالفعل يحرض الشباب على تنفيذ عمليات ضد الاحتلال كما تدعي إسرائيل؟
• هناك قضايا مفبركة، حيث قال أحدهم ان أحد الشباب كان ينوي أن يقوم بعملية استشهادية إثر كلمة سمعها للشيخ رائد صلاح، قمنا كفريق دفاع بتفنيد ذلك وأكدنا ان الشيخ كان عاملا مهدئا لغضب الشباب والنفوس خاصة بعد الأحداث الأخيرة التي جرت في المسجد الأقصى.
لا يوجد هناك أي أساس لتفعيل الاعتقال الإداري ضد رائد صلاح ولا مبررات قانونية.
○ ما هي ظروف اعتقاله؟ وهل وجدت قضيته آذانا صاغية لدى البرلمانيين والسياسيين في بريطانيا؟
• عرضنا قضية الشيخ رائد صلاح باعتبارها انتهاكا صارخا لحريته خاصة، وأكدنا على حقه في الحرية والتعبير عن الرأي وعن مواقفه السياسية وفي ممارسة العبادة.
وأظهرنا في اجتماعاتنا ظروف اعتقاله داخل السجن والتي وصفها هو في محاكم أو بروتوكولات محاضر الجلسات قائلا، انه يعيش في غرفة صغيرة جدا تشبه المرحاض ومراقبة بأجهزة تنصت وتصوير، حتى انه عندما يقوم بقضاء حاجته فهو تحت المراقبة والتصوير. جزء من الانتهاكات التي يتعرض لها الشيخ رائد صلاح تعد خطيرة لحقوق الإنسان وترقى إلى مستوى الجرائم خاصة وأننا نتحدث عن شخصية في حجم الشيخ رائد صلاح الذي يمثل جمهورا واسعا.
وهو يعتبر، حسب المفهوم القانوني، سجين رأي سياسيا ومعتقلا ويحاكم بسبب آرائه السياسية وهذا يقودنا إلى مرحلة خطيرة من المطاردة السياسية التي تمارسها إسرائيل على شخص الشيخ وعلى الصفة الاعتبارية التي يحملها.
○ كيف تتعامل الأجهزة القضائية الإسرائيلية مع الإعدامات المباشرة للفلسطينيين وما هي الذرائع التي تشرعن من خلالها قتلهم؟
• هناك تطويع للإجراءات القانونية وتحويلها إلى أهداف سياسية لا تمت للقانون بصلة. وضمن الجهاز القضائي الإسرائيلي عملنا على كشف الأسباب الحقيقية للكثير من عمليات التصفية والقتل التي تعرض لها فلسطينيون من مدينة القدس وتقدمنا بدعاوى أخرى.
الجهاز القضائي الإسرائيلي اليوم يحاول أن يبرئ القوات العسكرية من التهم ويشرعن جرائم قتل الفلسطينيين وهذا في حد ذاته يعتبر أحد المخالفات القانونية والتي من ضمنها التستر على الجريمة.
○ كيف تتعاملون كحقوقيين مع قضايا الاعتقال الإداري التي طالت العديد من الشخصيات النضالية الفلسطينية؟
• الاعتقال الإداري هو اعتقال سياسي. وتستعمله السلطات الإسرائيلية من أجل إخضاع الشارع الفلسطيني والسياسيين والشخصيات المؤثرة ومعاقبتهم لأنهم لم يرضوا بسياساتها.
ولذلك فان الاعتقال الإداري لا يستند إلى أي قانون وإنما هو إجراء من أجل فرض أجندة سياسية على الشعب الفلسطيني وإجباره على القبول بهذه الأجندة التي تعتبر عنصرية.
○ ما هي أبرز الممارسات العنصرية التي تنتهجها إسرائيل اليوم ضد فلسطينيي 48 والقدس؟
• نحن أمام سياسة تمييز عنصري أكثر من تلك التي كانت تمارس في جنوب افريقيا، وهذا في حقيقة الأمر ما ركزنا عليه أيضا من خلال محادثاتنا في هذه الزيارة، وقلنا ان ما يحصل الآن هو ان هناك دولة دينية يهودية تمارس الفصل العنصري من منطلقات واضحة تحاول ان تضفي عليها الصبغة الدينية لتعطيها شرعية في الشارع الإسرائيلي.
وأيضا لا يمكن ان ننسى سياسات التضييق ضد الفلسطيني وانتهاك الحريات وصعوبة التنقل وانتهاك خصوصية هوية الإنسان الفلسطيني. المشكلة ان السلطات الإسرائيلية لا تكتفي بممارسة العنصرية على أبناء الشعب الفلسطيني إنما تريدهم أن يقبلوا بها أيضا.
○ كيف يرى السياسيون في بريطانيا قضية الاعتذار من الشعب الفلسطيني عن وثيقة «وعد بلفور» في ذكراه المئوية؟ وهل لمستم أي بوادر لاعتراف بريطانيا بمسؤوليتها التاريخية في ذلك؟
• حملنا الحكومة البريطانية وبعض البرلمانيين المسؤولية الأخلاقية والقانونية عن ما يعانيه الفلسطينيون بسبب «وعد بلفور» وقلنا لهم، كل معاناة الشعب الفلسطيني الآن هي بسبب السياسات البريطانية بداية من «وعد بلفور» وحتى إقامة دولة إسرائيل.
بريطانيا أظهرت للعالم أنها تريد أن تقيم دولة ديمقراطية تملك العدالة الاجتماعية ودولة حريات لكن ما يحصل الآن أننا أمام دولة فصل عنصري تمارس أبشع الانتهاكات.
لمسنا هنا في بريطانيا اطلاعا واسعا على حجم الاعتداءات على الفلسطينيين لكن الواضح أن هناك صمتا. صحيح ان هناك تعاطفا مع القضية لكن هذا التعاطف حتى الآن لم يترجم إلى فعل حقيقي للجم السلطات الإسرائيلية عن الاستمرار في سياستها العنصرية.
○ كيف يصمد سكان الداخل الفلسطيني 48 في وجه التمييز العنصري في كل مجالات الحياة، وكيف يواجهون مشاريع الطرد التي تريد من خلالها إسرائيل اقتلاعهم من جذورهم وترحيلهم خارج أرضهم التاريخية؟
• بالرغم من كل الضغوط وسياسات التمييز التي تمارسها دولة الاحتلال ضدنا إلا اننا صامدون، عشنا فترة النكبة وسمعنا عنها وعن ما حل بالشعب الفلسطيني بعدها، هناك من تم تهجيره من أرضه إلى الشتات لذلك من بقي في الداخل الفلسطيني لديه قرار واضح أنه لن يسمح أن تعود النكبة مرة أخرى ولا يوجد لديه أي خيار آخر سوى الثبات والصمود في أرضه وبيته وقريته. الصمود والثبات شعار الجميع في الداخل وهذا هو خيارنا الوحيد.
○ كيف يمكن تعزيز صمود المرابطين في القدس والداخل؟ وهل يشعر الشعب الفلسطيني أنه ترك وحيدا في مواجهة الاحتلال وغطرسته؟
• نقول دائما أن الصمود في حاجة إلى مساندة وهي تحمل عدة أشكال ونحن في حاجة لها بكل أشكالها.
بالرغم من أننا اليوم نعيش حالة صمت عربي رسمي لما يتعرض له الشعب الفلسطيني، وبالرغم من حالة الترهل العربي والارتماء في أحضان المشروع الصهيوني العالمي، إلا اننا نمتلك إيمانا قويا بالله سبحانه وتعالى وبحقنا في أرضنا، ونحن نؤمن ونعتقد أن ثباتنا وصمودنا بالرغم من كل الظروف القاهرة هو الذي سوف تتحطم عليه كل آمال المشروع الصهيوني العالمي.
○ شاركتم في الفعاليات والاعتصامات التي قام بها شباب وشيوخ القدس من أجل المطالبة بإزالة البوابات الإلكترونية والسماح بالصلاة في المسجد الأقصى كيف تفسر لنا حجم الصمود غير المسبوق حتى تحققت مطالبكم؟
• هناك أهمية للصمود غير المسبوق الذي برز في شهر تموز/يوليو من هذا العام. أهم شيء هو حجم الوعي الكبير بالمخاطر التي يتعرض لها المسجد الأقصى المبارك وأن الرواية الإسرائيلية التي حاولوا أن يسوقوها في العالم قد فشلت والسبب ان حجم المخاطر التي يتعرض لها المسجد الأقصى بات واضحا، وأصبح الجميع يدرك انعكاس ذلك على المقدس الإسلامي وأيضا مدى أهمية الموضوع بالنسبة للشارع العربي والإسلامي الذي قد يصمت على كثير من الانتهاكات التي يتعرض لها لكنه لن يسكت عن أي انتهاك يتعرض له الأقصى المبارك
الأبرز من بين المقدسات الإسلامية وهو أحد المساجد التي تشد الرحال إليها والرمز الأكبر للهوية العربية الفلسطينية الإسلامية في القدس وفلسطين كلها.
○ وكيف يمكن دوليا تفنيد الرواية الإسرائيلية التي ترى المناضل الفلسطيني إرهابيا؟
• هناك محاولة إسرائيلية لصبغ النضال السلمي الفلسطيني بصبغة إرهابية وواضح من خلال اطلاعنا على التعريف العام القانوني لموضوع الإرهاب ان هناك تعريفا واسعا غير مفهوم وفضفاضا وغير محدد بتعريف قانوني وهذا له أهداف سياسية، من أجل محاولة صبغ أي نضال أو حتى أي خطاب فلسطيني بصبغة إرهابية لكننا يجب علينا دائما كفلسطينيين إعلاميين وسياسيين وأكاديميين أن نسعى لتوضيح صورتنا والدفاع عن حقنا ونضالنا في كل محفل من المحافل حتى يتم الفصل الكامل بين الإرهاب الذي هو مرفوض فلسطينيا وإسلاميا وبين النضال الفلسطيني المشروع.