حُلْم إمرأة
تاريخ النشر: 20/09/17 | 2:51شاء القدر أن تعيش بمفردها بعد أن مات والداها من أمراض ألمّت بهما.. امرأة في عقدها الخامس تنهض في كل صباح لتفقد عنزاتها، التي بقيت كورثة لها من والديها.. تحلب العنزات لبيع الحليب في سوق المدينة.. تعوّدت على هذا الروتين اليومي، رغم أنها تظل تشعر بضجرٍ بسبب أنها ظلّت وحيدة.. فهي لم يحالفها الحظ في الزواج ..
باتت تشعر في كل يوم بأنها ضجرةٌ من هكذا عيشة، ولكن ماذا تفعل؟ فهي مؤمنة بقدرها.. تأمل بأن تتزوّج، رغم كبر سنها، لا لشيء إنما لقتل ضجرها في تلك البيئة المقفرة.. تجلس على باب بيتها المبني من الطين، وتقول في ذاتها: لقد هرمت، معقول سأجد من يتزوجني، فمن سينظر إليّ بهذا السنّ، لكنها تتمتم في ذاتها: لقد فاتني قطار الزواج رغم أنني لم أفقد الأمل بعد.. فهي لا تتحدث سوى مع عنزاتها ذات الكلمات، وترددها لها كل يوم .. تعود مع عنزاتها عند ساعات الظهر والتعب يكون جلي عليها مثل كل يوم فهي ترغي العنزات تحت أشعة الشمس وتسير بشكل يومي في جبل وعر .. تأكل ما تبقى من أكلٍ أعدّته لها يوم أمس.. تعود إلى فراشها لتأخذ قسطا من الراحة.. تصحو بعد الظهر وتخطو صوب صورة أمّها، التي توفيت منذ زمن تنظر إلى الصورة المعلقة على حائط بيتها المتصدع ..تحدّق في الصورة لدقائق مثل كل يوم لدقائق وكأنها تسمع صوت أمّها يقول لها إذا شعرت بالوحشة، فما لك يا ابنتي سوى الدعاء إلى الله حتى يحميكِ تحت كنف رجل تقيّ يلتفت إليك في الصراء والضراء. تبتسم تلك المرأة بحزن وتقول في ذاتها إن شاء الله، وتذهب لتتفقد عنزاتها..
فلا أحد يؤانسها سوى عنزاتها.. وعند المساء تذهب إلى فراشها، وتغط في نومها، وتحلم بأن تتزوج من رجل تقيٍّ كي يعطف عليها بعد أن فقدت عطف والديها، وأن يعوضها ما فاتها من حُبٍّ وحنان..
عطا الله شاهين