يوم دراسي حول التحديات بالمحاكم الكنسيّة

تاريخ النشر: 28/09/17 | 11:33

ضمن عمله في مجال العمل القانونيّ عامةً ومجال الأحوال الشخصية في المحاكم الكنسية خاصةً، نظم “كيان”-تنظيم نِسوي بالتعاون مع نقابة المحامين في الشمال، يومًا دراسيًا تم التطرق من خلاله إلى التجديدات والتحديات في المحاكم الكنسيّة عند التداول بقضايا تتعلق بالأحوال شخصية. جاء اليوم الدراسي كنتاج لعمل متواصل قامت به “كيان”، ان كان على مستوى رفع الوعي لدى النساء تجاه القانون والتحديات الموجودةـ وان كان على مستوى العمل مقابل المحاكم الكنسية والجهات ذات الصلة من اجل حثها على احداث تغييرات فعليّة. وشارك في المؤتمر الذي حضره عشرات المُهتمين والمًهتمات في المجال، سواءً من المحامين والمحاميات أو من الراغبين/ات بالمعرفة، نخبة من المختصين التي قامت بطرق الموضوع من عدة جوانب منهم؛ الأب أكثم حجازين رئيس المحكمة الكنسية البطريركية اللاتينية في الناصرة، الأب سمير روحانا رئيس محكمة البداية للروم الكاثوليك في حيفا، المحاميّة سلوى بنورة من مركز المرأة للإرشاد القانوني الاجتماعي في بيت ساحور، المحامية الحان نحاس-داوود من جمعية “كيان” والمحامي سليم قبطي رئيس المحاكم الكنسية القطرية بنقابة المحامين. وبدأ اليوم الدراسيّ بكلمات ترحيبية قدمها كل من المحامي خالد زعبي، رئيس نقابة المحامين في لواء الشمال، رفاه عنبتاوي مدير جميعة “كيان”، والمحامي سليم قبطي.

وفي كلمته الترحيبية بارك المحامي خالد حسني الزعبي التعاون ما بين “كيان” ونقابة المحامين، مؤكدًا أنها فاتحة لشراكات مستقبلية إضافية، وأنّ النقابة تضع صلب اهتمامها مسألة الاستكمالات لجمهور المحامين في كافة المجالات، حيث تأتي هذه الندوة ضمن الاستكمالات وتُركز على موضوع في غاية الأهمية سبق وانّ حاولت النقابة طرقه في مؤتمرٍ خاص. بدورها رحبت رفاه عنبتاوي بالحضور مؤكدة أنّ اليوم الدراسيّ يأتي ليساهم برفع الوعي حول موضوع مكانة النساء في المحاكم الكنسية من اجل العمل على وضعه على الاجندة العامة وعلى جدول اعمال كافة القوى الفاعلة وذات الصلة، حيث انّ الحاجة لهذا أتت من الحقل من خلال توجهات لنساء مررن في مسارات طلاق ومن خلال دراسة بحثيّة سبق وان قامت بها الجمعية والحقتها بإصدار حملات نادت بإحقاق العدالة في المحاكم الكنسيّة. وذكرت عنبتاوي أنّ المعطيات التي وصلت إلى “كيان” تشير إلى أنّ الإجراءات في مسار الطلاق والانفصال في المجتمع المسيحي غير واضحة وغالبا غير مكتوبة وغير متاحة، إضافة الى ان رسوم التسجيل باهظة جدًا وغير موحدة مقارنة مع المحاكم الدينية الاخرى. كما واظهرت المعطيات الحاجة لتعزيز الحساسية الجندرية والوعي لاحتياجات النساء في هذه المحاكم. وأشارت عنبتاوي أنّ “كيان” ومن باب رفع وعي نسائنا وتعزيز المعرفة المجتمعية عملت تجميع معلومات عن قيمة الرسوم في المحاكم الكنسية المختلفة ومن ثم اصدار منشور يحوي هذه المعلومات باللغة العربية. ومن المهم ذكره ان المنشور يظهر بوضوح أنّ الرسوم باهظة جدًا مقارنة بالمحاكم المدنية والشرعية والدرزي وأنها غير موحدة حتى بين المحاكم الكنسية نفسها.
بدوره رحب المحامي سليم قبطي بالحضور مؤكدًا أنّ اليوم الدراسيّ في موضوع المحاكم الكنسيّة يُعّد سابقة خاصةّ لمشاركة رؤساء المحاكم الكنسيّة به، وأنّ النقابة مستمرة في طرق الملف لأهميته ولأن التجديدات الأخيرة تستدعي ايضًا حتلنة جمهور المحامين بالمستجدات، مع الوعي لضرورة فحص امكانية لتحسين الوضع.

وفي مداخلته تطرق الأب أكثم حجازين، رئيس المحكمة الكنسية البطريركية اللاتينية في الناصرة، إلى التحديثات في المحكمة الكنسية اللاتينية مؤكدًا بداية الحديث أنّ كلمة الطلاق ليست موجودة اصلاً، فالكتاب المقدس – حد تعبيره- ذكر أنّ ما يجمعه الله لا يفرقه أي انسان إلا أنّ هنالك حالات معينة لا يمكن تسميتها بالطلاق إنما انفصال، او اعلان بطلان زواج، أو فسخ زواج. وأوضح الأب حجازين المعنى من كل حالة مشيرًا إلى أنّ الانفصال يعني ابتعاد الزوجين عن بعض، والبطلان يعني طلاق بالاعتماد على أنّ الزواج نفسه باطلا كأن تتزوج سيدة من رجل مريض بمرض جنسي ولم تكن تعرف ذلك قبل الزواج او العكس، والفسخ يعني ابعاد الزوجين بعد أن اتضح أنّ العملية الجنسية بين الإثنين غير مكتملة. وأشار الأب حجازين إلى التحديثات في مسار الطلاق في المحاكم اللاتينية مشيرًا أنه سابقًا ولأي مسار ينتهي بما ذكر من حالات كان يستوجب التوجه إلى المحكمة في روما للمصادقة، لكن اليوم يتم تدريج الطلبات وفق درجات معينة وهنالك درجات يتم الحسم فيها من قبل الأسقف المحلي دون رفعها إلى محاكم روما.
وأضاف الأب حجازين أنّ تحديث آخر دخل إلى المحاكم الكنسيّة اللاتينية وهي المسار السريع، والذي يعني أنه وفي حال توجه زوجين لبطلان زواج والسبب كان واضحًا وضوح الشمس وهنالك موافقة من الطرفين على ضرورة اعلان البطلان فأن القضية تنتهي محليًا دون رفعها إلى روما ويقر فيها الأسقف المحلي حتى دون الحاجة إلى ادخال محامين للصورة، وهذا المسار اختصر كثيرًا بالإجراءات. بدوره تحدث الأب سمير روحانا، رئيس محكمة البداية للروم الكاثوليك في حيفا، عن الإشكاليات التي تواجهها المحاكم الكنسية امام المتقاضين إلا أنه شدد بداية الأمر أنّ هنالك ضرورة للعمل مع المتقاضين على حل مشاكل الزواج وليس حل رابط الزواج مؤكدًا على ما جاء في الكتاب المقدس عن قدسية الزواج.

واوضح الأب روجانا أنّ كل قاضي في محكمة كنسية هو راعٍ مسؤول عن رعيته وله انشغالاته برعيته وهذا الأمر يؤدي إلى عرقلة كبيرة في مسارات التقاضي حيث لا يستطيع القاضي التواجد في المحكمة وايضًا في خدمة رعيته ناهيك على أنّ هنالك قرارات تستدعي وجود 3 قضاة سويةً مما يجعل إمكانية جمع 3 قضاة سوية مسألة معقدة جدًا، وهنا اشار الأب روحانا أنّ التحديثات الأخيرة سمحت بالتقاضي أمام قاضٍ واحد في عددٍ من الدعاوى أو تعيين قاضٍ علمانيّ مساعد، إلا أن هذا لا يحل المشكلة بشكل تام.
وتطرق الاب روحانا إلى رسوم التقاضي موضحًا أنّ المحاكم الكنسية تُدار بشكل مستقل وراتب القاضي لا يكفيه اصلا للتنقل من الكنيسة إلى المحكمة وتأتي هذه الرسوم لدعم الكنيسة في استمرار عملها إلا أنّ هنالك كنائس تمنح اعفاءات وتخفيضات يمكن فحصها عند التوجه إلى الكنيسة.وفي مداخلتها تطرقت سلوى بنورة إلى تجربتها المريرة في العمل أمام المحاكم الكنسيّة مشيرة إلى أنها من سكان الضفة الغربية وللتوجه لبعض المحاكم الكنسية تضطر إلى السفر للقدس في حين أن ممثليها يحتاجون إلى تصاريح غير متوفرة عادةً مما يمنع ويعرقل مسألة وصولهم إلى المحكمة الكنسيّة. وأشارت المحامية بنورة إلى مشكلة اللغة، اذ أنّه هنالك محاكم يتحدث بها القاضي فقط باللغة اليونانية علمًا أنّ القضية بالعربي والمتضررين والمتوجهين عرب، الأمر الذي يصعب من إمكانية التواصل مع القاضي وشرح له الظروف بكاملها.بشكل واضح. وتطرقت المحامية بنورة ايضًا إلى مسألة الاوقات وعدد القضايا التي تتناولها المحاكم مشيرةً إلا أنّ معظم المحاكم الكنسيّة تعالج قضية أو اثنتين في يوم واحد، كأقصى حد، في حين أن هنالك مئات الدعاوى التي تنتظر النظر فيها مما يدفعنا إلى محاولةٍ إيجاد حلول. بدورها، ركزت المحاميّة الحان نحاس-داوود على مسالة اختلاف الرسوم في المحاكم الكنسيّة وايضًا إلى غياب اصوات النساء في المحاكم الكنسيّة الأمر الذي يضر بنسائنا –حد تعبيرها-حيث يُحكم القضايا فقط رجال ومن نافل التذكير أنّ الرجال عادةً غير حساسين جندريًا وغير متفهمين لاحتياجات النساء.

وتحدّثت المحاميّة نحاس-داوود ايضًا عن القوانين الكنسيّة، مشيرةً إلى أنها قديمة ولا تتماشى مع متطلبات العصر الأمر الذي يحتاج إلى مراجعتها وملائمتها للعصر الحاليّ. كما وتطرقت إلى صعوبة الوصول إلى القرارات التي تصدر عن هذه المحاكم ومواد قانونيّة أخرى مناشدةً إدارات المحاكم بتسهيل مناليّة الحصول على هذه المعلومات لجمهور المحامين. وتطرقت المحامية نحاس – داوود إلى مسألة الرسوم مشيرةً إلى أنها باهظة جدا مقارنة بالمحاكم الدينية الأخرى، والأصعب من ذلك أنّ المحاكم الكنسية لا تتوافر فيها، عامّةً، تعليمات مكتوبة ومنشورة بخصوص إجراءات تخفيض الرّسوم أو الإعفاء منها، وهو ما يجعل المتوجّهات والمتوجّهين إلى المحكمة غير مدركين لحقّهنّ في تقديم طلب تخفيض الرّسوم أو الإعفاء منها، إذا تعذّر عليهنّ دفعها.واختتامًا لليوم الدراسيّ تحدث المحامي سليم قبطي والذي بدأ مداخلته بالإشارة إلى أنّ هنالك استئناف لعددٍ من المحامين يتم اليوم مناقشته فيما يتعلق برسوم المحاكم الكنسيّة. وأوضح المحامي قبطي أنّ النقاش الذي تم تداوله اليوم ليس من باب المحاسبة إنما من باب ضرورة تحسين الظروف الأمر الذي يخدم كل الأطراف منها المحامين والمتوجهين إلى المحاكم وايضًا القضاة أنفسهم. وتطرق إلى عددٍ من القضايا التي تم تداولها في المحاكم الكنسيّة وتعامل المحامين معها مشيرًا إلى أن هنالك ضرورة ايضًا للتحسين من قبل جمهور المحامين، مقدمًا لهم بعض التوصيات في المجال. بقي أن نشير إلى أنّ اليوم الدراسيّ أختتم بأسئلة وتوجهات من الحضور، من المحامين والمهتمين، حيث تواجد بين الحضور النائبة عن القائمة المشتركة، حنين زعبي، والتي طرحت امام الحضور عملها في مجال الأحوال الشخصيّة بشكل عام مؤكدةً أنها تضع ما جاء في توصيات وتوجهات في الندوة في أجندة عملها أملا أن يتم تحسين الوضع مستقبلا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة