الزعيم نائم…
تاريخ النشر: 23/08/11 | 3:15لقد عرف التاريخ كثيراً من الطغاة ممن ظلم وطغى وتفرعن، وآلوا جميعاً إلى مذبلة التاريخ، فلم ينفعهم ظلمهم وطغيانهم سوى تلك الصفحات السوداء فى كتب التاريخ التى تحكى سيرهم حتى يكونوا عبرة لمن أراد أن يعتبر والغريب أن أحداً قط لم يستطع أن يزيف التاريخ أو يفترى عليه فالحقيقة ظاهرة لا محالة.
عرفت مصر فى تاريخها من الطغاة ما يفوق من حكمها عدلاً إن كان قد حكمها بالعدل أحد، وحكى التاريخ كما حكى فلم يكذب ولم يتجمل حتى إن اختلفنا فى الميل أو التأييد لحاكم ما أو لحقبة معينة، وتحمل المصريون ما تحملوا وزادوا فى تحملهم إلى درجة لا أرى فيها ميزة تخصهم، وصاروا نموذجاً له العجب فى كتب التاريخ، حيث مصر بطبيعة الحال دونت بتاريخها الكثير من الصفحات فى تاريخ الإنسانية؛ حيث كانت قبل كل الدول وسبقت حضارتهم كل الحضارات وميراثهم التاريخى للإنسانية فيه نصيب قل أو كثر للبشر.
لا أتذكر حاكماً ممن حكموا مصر على طول زمانها وتعدد صفحات تاريخها آل إلى ما آل إليه مبارك، فلا هو مقتولا رأيناه ولا مسموماً سمعنا عنه ولا مطروداً أو منفياً ولا حتى فاراً، ميز نفسه عن كل من سبقوه من الطغاة رأيناه نائمًا!!.
لم أشعر ولم يشعر معى الشعب المصرى- إن كنت محقًّا فى ذلك- طوال حكم مبارك أننا يحكمنا زعيم مميز أياً كان عادلاً أم ظالماً، فلم يحدث فينا ذلك الأثر فغاب عنا وانشغل بما يريده من الحكم، وكأنه كان يسير بخطة طريق أن يحكم أطول فترة ممكنة، وأن يجمع من المال استغلالا لفترة حكمه الطويلة ما استطاع إلى ذلك الجمع سبيلا، واستقوى على شعبه ما استقوى، وصنع من ظروف الحال ما يحقق له مأربه، ونسى أنه وإن زادت قدرته فهى محدودة، ونسى أنه وإن قدر فلن يستطيع أن يصنع القدر، فغلبته قدرة وإرادة الضعفاء من شعبه حين رفضوا أن يستمر فى استخفافه بهم، ولأنه لا يصنع قدراً ولأنه كان أضعف مما تخيل فهوى كما يهوى ورق الخريف.
الذى كنا نراه قوياً ومن حوله زبانيته رأيناه نائماً فى قفص حديدى- ويا للعجب- من حوله زبانيته؛ ولكن المشهد يختلف كثيراً فصارت القوة ضعف وصار الاستقواء استنكار وبين اليوم والأمس وقف الشعب المصرى قادراً يعلنها مدوية “عاشت مصر حرة”.
بقلم الكاتب المصري الوصيف عزمى الشهاوى