مالك بن نبي.. حقد أستاذ جزائري
تاريخ النشر: 06/10/17 | 9:21أقرأ عصر هذا اليوم عبر صفحة زميلنا الشاب حمزة عبد المؤمن، فيما ينقله عن أستاذ جزائري قوله: ” من أوجه التناقض … الجمع بين مرجعيتين متناقضتين: بين ابن باديس ومالك بن نبي، بين من كان له مشروع ثقافي ومن كان يتصيد مساوئ الخلق، بين من أنشأ 400 مدرسة ومن فشل في الحصول على وظيفة مهندس وعاش كل حياته على حلم “إنشاء شبكة كهربائية في أرض الحجاز”.. بين من ناهض النازية ومن عوقب بالسجن سنتين لأنه ضبط يوزع منشورات في مرسيليا تجند العمال المغاربة مع هيتلر، بين كاتب أعمدة chroniqueur من طراز عال وبين عنكبوت يمضي وقت الفراغ في نسج نظرية المؤامرة… ومناهضة الأكل بالفرشيطة..”، وعليه نقول:
وصف الأستاذ الجزائري مالك بن نبي قائلا: ” كان يتصيد مساوئ الخلق”. ومن المعلوم أنّ مالك بن نبي كان ينتقد الجميع دون استثناء وبحدّة وقسوة أحيانا ويذكر خصال المرء في نفس الوقت وقد تجلّى ذلك بوضوح في مذكراته ودفاتره باعتباره ذكر الأشخاص بالإسم والوظيفة، “ولم يكن يتصيّد مساوئ الخلق” بل دافع عن بعض الشخصيات التي اتّهم في أنّه دافع عنها، فكيف يقال بعدها أنّه ” كان يتصيد مساوئ الخلق”.
يقول الأستاذ الجزائري في وصف مالك بن نبي: ” فشل في الحصول على وظيفة مهندس”. ومما يجب ذكره أن مالك بن نبي منعته فرنسا من دخول معهد الاستشراق لأنّه لايحق لمن يعيش تحت الاستدمار الفرنسي من أمثاله أن يدرس الحضارة الإسلامية والشعوب العربية من منظور يخالف الأهداف والغايات الاستدمارية. وحين تخرّج حاملا شهادة مهندس سنة 1935 لم يستطع أن يجد وظيفة تناسب مقامه العلمي ومنعته حتّى من تقديم الدروس في محو الأمية ناهيك عن وظائف سامية تليق بمقامه، فهو لم يفشل بل قاوم وقدّم خدمات بالمجان لأمته وهو المحتاج العاطل عن العمل يومها وكان من المفروض أن يشكر على صبره وثباته وبذله وعطائه، ورفض أن يستسلم للضغوط والمساومات من أجل الحصول على وظيفة.
وصف الأستاذ الجزائري مالك بن نبي قائلا: ” عاش كل حياته على حلم “إنشاء شبكة كهربائية في أرض الحجاز””. ومما تجب الإشارة إليه أن حلم مالك بن نبي كان أوسع وأبعد حتّى أن البعض يتّهمه بكونه ركّز على العالم الإسلامي وأهمل الجزائر ! هذا من جهة، ومن جهة ثانية ليس عيبا أن يكون حلمه في الفترة الاستدمارية يومها حيث الفقر والجوع والقهر والعري إنشاء شبكة كهربائية في أرض الحجاز أو غيرها، وهذا مما يشكر عليه وكان على الأمة أن تستفيد منه في هذا المجال على الأقل وليس اتّهامه بما ليس فيه ولا منه.
وصف الأستاذ كتابات مالك بن نبي بقوله: ” عنكبوت يمضي وقت الفراغ في نسج نظرية المؤامرة”. وما يجب قوله أن مالك بن نبي لم يكن له وقت فراغ “ينسج فيه المؤامرة !” بل وقت فراغه للكتابة والتأليف وإلقاء محاضرات وترجمة كتبه وتراثه وغرس الوعي ونشر أسس الحضارة في من حوله من طلبة وأساتذة وعامة النّاس التي تبقى خاضعة للنقد والأخذ والرد، وتبقى الاختلافات الشخصية عادية تحدث باستمرار بين الكبار ودون أن تصل إلى مرتبة “المؤامرة !”.
وصف الأستاذ مالك بن نبي بقوله: ” ومناهضة الأكل بالفرشيطة..”. ومما يستوجب التركيز عليه أن مالك بن نبي درس في الغرب وتعلّم في الغرب وقرأ للغربيين وجالس وناقش فلاسفة وأساتذة ورجال دين غربيين ومستشرقين حاقدين ومادحين للحضارة الإسلامية، ولم يعرف عنه أنّه ناهض محاسن الحضارة الغربية بل كان يوصي بالأخذ بمحاسنها فيما يساعد الأمة ويقويها ويرفعها وبما يوافق ظروفها وتاريخها وثقافتها ودينها الذي نشأت ضمنه منذ 14 قرنا، وفي نفس الوقت كان يحذّر من أخذ قشور الحضارة الغربية التي لاتناسب ولا تتلاءم مع واقع وظروف الأمة وتضرها أكثر مما تنفعها.
معمر حبار