كل اللّغاتِ على مَصارِعِنا التَقت
تاريخ النشر: 16/10/17 | 12:30عَطَشُ الجُنونِ إلى الجُنونِ حِكايَتي = واللّيلُ يغرَقُ والسّوادُ جَديلَتي
لا يَضحَكُ الأفقُ الذي فينا انتهى = لا يهتَدي الشّجَنُ الشّرودُ لوُجهَتي
عِشقي التِحاقُ الوَهمِ بالوَهمِ الذي = عَرّى الجِهاتِ، نَبا، وغرَّبَ قِبلَتي
لاذَت ليالي الطُّهرِ من فَزَعٍ إلى = فَزَعي، يُراوِدُني السُّدى عن حِكمَتي
ناحَت عيونٌ كانَ يعشَقُها الصَّبا = هل لي بروحٍ تَستَجيبُ لدَمعَتي؟
إنّي أذوبُ هُناكَ في وَجَعِ النّوى = من لي بِدَربٍ لا يُضَيِّعُ بَصمَتي
ليتَ المَزاميرَ التي احتَفَلَت بنا = سَكَبَت رُؤاها في سُكونِ حِجارَتي
كلُّ اللُّغاتِ على مَصارِعِنا التَقَت = رَجَمَت فَواصِلُها ملامِحَ يَقضَتي
دَمُنا بكُلِّ خرائِطِ الأرضِ انتَفى = تيهي جراحَ الأرضِ صرتِ شَبيهَتي
دربَ البِدايَةِ من جِراحي أنبَتَت = عينُ الشُّروقِ لدى مَراقي غايَتي
كم عِشتُ نِدَّ النّورِ في صَدرِ الفَضا = أرعى الوفاءَ على حدودِ وِصايَتي
إنّي التِحامُ الفجرِ في شَمسِ الصَّفا = شَوقي الفِدا والتَّضحِياتُ إرادَتي
زَحفي امتِثالُ الرّوحِ آياتِ النّهى = رَسَمَت تَضاريسَ الطَّهارَةِ نَهضَتي
أمَنَحتُ قلبَ البيدِ صَرخَةَ مَولِدي = لتَظَلَّ قابِعَةً بِظِلِّ خُرافَةِ
قلبانِ في جَسَدِ الغَرابَةِ ينبِضانِ شَهادَتانِ على هَباءِ الخُطوَةِ
لا البيدُ تَحفَظُ بصمَتي كُثبانُها = وحنينُ قلبي ملَّ فيها غُربَتي
ليلٌ على صَمتِ المَواجِعِ زَحفُها = يأبى صَداها أن يُضارِعَ زَحفَتي
فزَرَعتُ في قَلبِ البِحارِ سَفينَتي = فتمَخَّضَت، وتَوَلَّدت أسطورَتي
أنا شارِعٌ لا يَستَقيمُ لعاثِرٍ = ولَدَتهُ ريحٌ في مَخاضِ الهِجرَةِ
أنا بيدَرُ الفَصلِ الذي سيُعيدُني = روحًا ستَجتاحُ المَواسِمَ غَلَّتي
واصِل شُرودَكَ يا غُبارَ العُذرِ ضَلَّ السَّعيُ لم يألَفهُ موجُ هِدايَتي
سَهلٌ صَفيرُ الرّيحِ في جَسَدٍ قَضى = صَحراءُ ذودي الرّيحَ دونَ مَرارَتي
هانَت صَواهِلُكم على نَزفِ السّدى = وهَوى الشُّروقُ يُحِلُّكُم مِن بَيعَتي
البيتُ يجهَلُكُم وكلُّ البيدِ تُنكِرُ أنّكم أهلُ الرّجا والنّجدَةِ
بَطَرٌ مَعيشَتُكُم، نزوعٌ للخَنا = قادَ الفراغُ جميعَكُم للغَفلَةِ
فذَهَلتمو لاهينَ عَن هَولٍ مضى = يَجتَثُّ شِريانَ الحَياةِ لِأُمّتي
كَيدُ الأعادي يستَبِدُّ بِشَرقِنا = وخُنوعُكُم يزدادُ، رَغمَ الفِتنَةِ
أعدَدتُمو لهوًا وبَذخًا صارِخًا = أغفَلتمو وَهنًا شؤونَ القُوَّةِ
ظَنًّا بأنَّ المالَ سُلطانَ الدّنى = قَدّستُمو الدّولارَ فوقَ الخِبرَةِ
أجَهِلتُمو ما نالَ أندَلُسًا هَوى = لما ارتَضى عيشًا بظِلِّ الفُرقَةِ
ظَنًّا بأنَّ المُلكَ يَعصِمُ أهلَهُ = هانوا، أضاعوا مُلكَهُم وحَضارَتي
ياللجَهالَةِ هل سيَصمُدُ مالُكُم = عمرانُكُم في وَجهِ عاتي الهَجمَةِ
أم هل تَظنّونَ العَدُوَّ يرى بكُم = وَلَقد أعَدَّ لكُم شديدَ القَبضَةِ
إلا شُعوبًا يَستبيحُ بلادَها = حتى إذا هانَت فخيرُ فَريسَةِ
فلتَسألوا التّاريخَ يُنبيكُم بما = حَمَلَ الشُّعوبَ إلى سنامِ القِمَّةِ
ما عَزَّ شَعبٌ بالقُصورِ ولا بما = كَنَزَ الطُّغاةُ، وإنَّما بالفِطنَةِ
لوذوا بأبراجٍ وأموالٍ لكُم = لوذوا بظِلٍّ قَبيلَةٍ أو عُصبَةِ
أنا لن ألوذَ سوى بشِرعَةِ خالِقي = وسطوعِ تجرِبَتي بأفقِ العِزّةِ
أنا لن أسَلِّمَ للأعادي ما عَتَوا = وجَعَلتُ حِصني للخُطوبِ إرادَتي
سأواجِهُ الدُّنيا بما مَلَكَت يَدي = وأعيشُ مُعتَصِمًا بروحِ كَرامَتي
لا يَملِكُ العادي لنا إلا أذى = بالصَّبرِ نسمو في مَراقي الغايَةِ
نُؤذى ويألَمُ خصمُنا وعَدُوُّنا = والله يُؤتي نَصرَهُ للثّابِتِ
نُؤذى فلا نُعطي الدّنِيَّةَ إنّما = سَنَظَّلُّ نَذخَرُ صَبرَنا للوَثبَةِ
روحوا لأبراجٍ بَنَيتُم وانعَموا = يا مَن أطَعتُم رومَكُم بِجَهالَةِ
بغدادُ تُنبيكُم بما فَعَلت يدٌ = للغَربِ ناصَرَها المَجوسُ بِخِسَّةِ
والشّامُ تهديكُم بواطِنَ كَيدِهم = حِلفِ المَسونِ مع المجوسِ لفِتنَتي
رومٌ وفُرسٌ يجمَعونَ لحَربِكُم = ثأرًا لما نالوا ببأسِ صَحابَةِ
يا سادِرين كفى هَوانًا وانفِضوا = عَنكُم غُبارَ الجَهلِ لونَ الذِّلّةِ
هاهُم أعدّوا فاستَعدّوا مثلهم = عِلمًا بأنَّ الوَعيَ خيرُ العُدَّةِ
شعر: صالح أحمد (كناعنه)