الرابطة الأدبية عارة-عرعرة تنظم اللقاء الشهري
تاريخ النشر: 17/10/17 | 13:45بعد نجاح اللقاء السابق للرابطة الأدبية عارة-عرعرة حول موضوع العولمة والذي تمت مناقشته في الشهر الماضي (أب)، من خلال كتاب لعبد الإله بلقزيز، قامت الرابطة باختيار شخصية تاريخية لمناقشتها من خلال دراسات مختلفة. ووقع اختيار الرابطة على ظاهر العمر الزيداني ومحاولته اللافتة للاهتمام في فرض السيطرة على جليل فلسطين والمناطق المحيطة.
وراجع المشاركون دراسة توفيق معمر بعنوان ظاهر العمر، وقرأ البعض منهم رواية إبراهيم نصر الله بعنوان قناديل ملك الجليل والتي تتناول سيرة ظاهر العمر. وكان هناك من اعتمد على دراسة محمود يزبك بنفس الموضوع. كما أعد الأستاذ محمود مصلح يونس مادة اضافية من جهده الخاص وزعها على المشاركين.
دار النقاش حول عدة نقاط محورية منها:
تعريف تجربة ظاهر العمر- في هذا السياق اجمع المشاركون أن ظاهر العمر خلق كيانًا شبه مستقلاً في شمال فلسطين امتد في بعض الفترات إلى جنوب البلاد وشمل مناطق في شرق الأردن (عجلون) وجنوب لبنان (جبل عامل ومنطقة الساحل وصولاً إلى بيروت). ولكن هذا الكيان لم يتمتع بالسيادة التي هي ركيزة الاستقلال، حيث استمر يخضع للحكم العثملي ويدفع بشكل أو بأخر حصته من ضرائب الميري ويخضع لقوانين السلطان في اسطنبول. مع ذلك رأى البعض أن تجربته هي محاولة للوصول إلى الاستقلال وهي شبيهة بتجربة محمد على باشا التي ادت إلى بناء مصر الحديثة. ولكن تجربة ظاهر العمر لم تكتمل. ورفض بعض المشاركين اطفاء صبغة قومية على تجربة ظاهر العمر حيث لم يكن الفكر القومي العربي قد برز على الساحة السياسية. واعرب البعض عن خيبة الأمل بعد قراءة كتاب ظاهر العمر لتوفيق معمر حيث يظهر الكتاب شخص قيادي عمل لمصالحه الشخصية ولتقوية نفوذه وسيطرته، واستعان بالمرتزقة ولم ينجح في تسويق فكره بين العامة.
بينما رأى البعض أن تجربة ظاهر العمر تستحق التقدير والاحترام وأنها تشمل جوانب عروبية حيث بدأت تظهر بعض الجهات المعارضة للهيمنة التركية- العثمانية في بلاد العرب. وكذلك تمت الاشارة الى فهم ظاهر العمر للأوضاع الاقتصادية والتحالفات الدولية فعمل على تأمين وحماية التجارة الدولية وخاصة فرعي القطن والحمضيات. وقوى العلاقات مع فرنسا وروسيا القيصرية.
طبيعة نظام الحكم في الفترة العثمانية- وتطرق البعض لهشاشة نظام الحكم العثماني الذي اعتمد نظامًا لا مركزيًا. وبموجب هذا النظام، منح قادة الجيش مناطق ليقوموا بإدارتها بحيث تسلم لهم الأراضي الميري مقابل ضريبة متفق عليها تدفع للسلطان العثماني. وبحسب هذا النظام يصبح الملتزم والولاة حكامًا مطلقين يقسون على الفلاحين وعامة الشعب. وبسبب لا-مركزية الحكم، فقد كان يطمع ملتزم منطقة بأراضي جاره الملتزم فيستولي عليها بالقوة. وكان بعض المتنفذين يشترون السلطة بالمال. ولكي يستعيدوا ما دفعوه من أموال للسلطان العثماني ، كان هؤولاء يثقلون على الفلاحين في الضرائب ويجبون أكثر من المطلوب. وأشار البعض أن الدولة العثمانية كانت تسكت وتغض النظر على الصراعات الداخلية بين الولاة وملتزمي الأراضي وبل كانت تثير الخلافات وتغذيها بهدف اضعاف الولاة ورفع مستوى حاجتهم للدولة العثمانية. ولم يتمتع نظام الحكم العثماني برؤية شاملة لتطوير البنية التحتية والطرقات باستثناء حماية قوافل الحجاج التي كانت تتعرض للنهب.
الحياة الاجتماعية في فترة ظاهر العمر والعلاقات بين الديانات- تشير الكتب التي تم مناقشتها إلى نوع من التسامح الديني الذي ميز فترة ظاهر العمر الزيداني. فقد دعا اليهود للعيش في طبريا واستعان بهم للحصول على المعلومات المهمة عن طريق الجاليات اليهودية في دمشق واسطنبول. كما جرت العادة أن يتم تشغيل اليهود والمسيحيين في بعض الوظائف الادارية. وفهم ظاهر العمر منذ البداية أن وحدة الصفوف هي ضرورة لاستقرار حكمه. فتقرب من بدو الصقر، ومن المتاولة الشيعيين في جبل عامل، ومن الدروز في الجبل اللبناني. وقرب بين القيسيين واليمنيين حيث وضع حدًا للهجمات المتبادلة بين الفريقين. وعمل ظاهر العمل على حماية الطرقات وخاصة تلك الرئيسية.
العلاقات بين بلاد الشام ومصر- اشار بعض أعضاء الرابطة إلى أهمية العلاقات بين قطبي الوطن العربي في مصر وبلاد الشام. وبسبب الترابط القومي والاجتماعي والسياسي، فأن أحداث مصر كانت تؤثر على بلاد الشام والعكس صحيح. ولم تكن حملة ابراهيم باشا أول حملة لمصر في بلاد الشام، فقد سبقتها حملة علي باشا وكان هناك تواصل بين القاهرة وبين ظاهر العمر الزيداني.
وقال الأستاذ محمود مصلح يونس أنه يجب الحكم على الأمور حسب معايير ذلك الوقت حيث أن المعايير تختلف. وأشار إلى قيم كالشهامة التي ميزت الفترة وكانت لها أهمية مغايرة لما نلتمسه اليوم في المجتمع.
وبحسب الأستاذ مفيد صيداوي، كان لظاهر العمر حضوره اللافت، ولكنه كان شخصية ينقصها الفكر السياسي. نجح في التجديد وبناء مدن جديدة وتميز بالتسامح الديني والعدالة الاجتماعية النسبية.
وأضاف الدكتور هشام يونس إلى أن قراءة الكتاب ساعدته في فهم الحاضر العربي ولكنه لم يجد تشي جيفارا العرب الذي توقعه قبل البدء في قراءة الكتاب.
وبحسب الأستاذ مصطفى مرعي فان التاريخ يكرر نفسه فمظاهر الخاوة والعربدة ظهرت من جديد في عالمنا العربي. ولكنه يقترح قراءة الكتاب قراءة ايجابية متفائلة.
وأشار المربي ابراهيم وشاحي إلى الفساد الذي ميز الدولة العثمانية التي سميت بالرجل المريض. كذلك لفت النظر لجرائم القتل والانتقام التي كانت منتشرة في ذلك العهد.
وبحسب الأستاذ أحمد عبد الغني أبو عقل لنقطة ضعف ميزت فترة ظاهر العمر وهي الصراعات بين أولاده. كما وذكر الحضور أن الدار الكبيرة في عرعرة بنيت في فترة ظاهر العمر وعلى ما يبدو على يد ابنه علي.
وأشار الأستاذ محمد يونس (أبو فلاح) لأهمية فهم الفترة التاريخية، حيث بدأت الدولة العثمانية بالتراجع. وما كان يهم الدولة هي توصيل أموال الالتزام من قبل الولاة والملتزمين. وقال أنه يجب فهم علاقات ظاهر العمر مع روسيا ومع تجار فرنسا حسب سياقها التاريخي- السياسي. فمثلاً اتفاقيات روسيا مع الدولة العثمانية كانت تؤثر على طبيعة الحضور الروسي في البحر المتوسط وبالتالي طبيعة العلاقة مع ظاهر العمر.
وأضاف الأستاذ أمجد سيف إلى أهمية الكتاب الذي يعرض فترة تاريخية غير معروفة عند غالبية الناس. ولكنه وجد في الكتاب نبرة معادية للدولة العثمانية وربما يعود ذلك لهوية الكاتب توفيق معمر. وأشار إلى قلة الوثائق والمراجع التي يعتمد عليها الكاتب.
وأضاف الأستاذ يوسف كبها إلى أن الكتاب ليس مادة تاريخية يمكن تدريسها في المدارس. وتساءل ان كان لعرب الصقر علاقة مع خور صقر شرقي عرعرة.
أما أحمد جهجاه فقد أشار إلى اهتمام عائلة ظاهر العمر بالتعليم. ويعول تفوقه على غيره من أبناء فترته لكونه هو وأبناء عائلته قد نالوا حصة من التعليم.
وأشار المهندس محمد سلامة يونس إلى أوجه التخلف التي ميزت الدولة العثمانية فمثلاً قانون البلديات وقانون الطابو تم اتباعهم في نهاية القرن التاسع عشر وهذا مؤشر لتخلف تركيا عن دول أوروبا. وحتى نظام المدارس الحكومية تم العمل عليه في سنوات الستين فقد منذ القرن التاسع عشر.
وفي الختام قال محمود مصلح يونس أن فترة ظاهر العمر لا تختلف عن غيرها من الفترات. وأشار أن الاسلام، كدين للدولة العثمانية أعطى غطاء ساعد في استمرار الاستعمار العثماني. وفي تلك الفترة، كان العرب قد انتقلوا من الحالة القبلية إلى الحالة الدينية ولكنهم لم يصلوا بعد للحالة القومية أو الحزبية أو الانسانية التي سبقنا الغرب اليها.
كل الاحترام للعاروية !