روحُكِ لا زالت في أحشائي تنمو

لم تسعفني ذكرياتي معك، ،،لم أجد في ما قضيته معك أَسْعَدُ بتحفيظك القرآن إلا جملة ترن في رأسي مذ علمت بمرضك:….مْعلِّمتي عندك إياهن قال بِقُلِنْ عني عاملة حالها…طب أنا بدي أحفظ القرآن…تستنجدين بي ممن انتقد حفظك القرآن في أوقات الفراغ المدرسي،،، وبقيت في رأسي:بدي أحفظ القرآن…طفلة كنت، وأسميته معهد رياض الأطفال، ولكنك لا ككل الأطفال بأمانيك العاليات.
فاجأتِنا يوما في احتفال ترتدين على رأسك الحجاب فأَسْعدتِنا ولكن نفسك كنت تسعدين ولخلاصها تسعين…خمسة عشر ربيعا ينزل لحفرة أسأله سبحانه أن يجعل القرآن لك فيها شافعا، المأدُبة التي تناولتِ ومنها طعِمتِ أسأله سبحانه أن تجدي شَبَعها في ظلمة القبر.يا من أرى نفسي أمامها تصغر، عندما أقلب في أيامي معك أجدك سعيت سعيا حثيثا وما علمتُ أن موعدك قريب جدُّ قريب…خمسة عشر ربيعا وبقي الربيع ولن يخلفه خريف، عروسا تزفين لرضوان الله كما نرجو ونامل، وتبقى الذاكرة ربيعها أنت، زهرة ما تسطيعها غادات الدنيا ولكنها لجنات الرضوان أهلا.
كم عجبت من سَمْتك، من وقارك، من…حزنك، ما كنت اجد لثغرك ابتسامة إلا في النادر، ما ضحكت ما لهوت ما عبثت، قليلة هي الأوقات التي غافلتني فيها واختلست وقتا للمتعة، الجدية كانت لك سمة غالبة.
اقتسمتُ الصلاة بيني وبينكن وكنت تسعدين عندما يحين وقت إمامتك للصلاة ككلكن، ويأتيني صوتك ذو البحة المحببة تكبرين الله وأسْعد أن جعل الله في الأمة مثلكن ألتقي بهن على مأدبة هي أغلى موائد الدنيا,,, وأقول: كم في الأمة مثلكن، يا سعدكن.
وأعلم أنكن ثمر لأحلى شجر، وأعزه وأندره، فلم يكن غرسكن همْلا بل سقي بماء المكرُمات، وغذي بالطيبات، ألا ما أطيبكن وأعزكن وأغلاكن.
أسائل نفسي كم قصرت في حقك، كم كنت قاسية، عندما كنت أحثكن على الحفظ والتثبيت وأطلب المزيد المزيد، أستميحك عذرا فوالله ما علمت أنك مرتحلة وأن رحيلك هكذا قريب، ولو أني علمت لكن حثِّي أكبر. كم رأيت في عينيك غضبا ولكن لسانك ما عرف إلا الأدب.
أتلوى ألما أن لم أكن لجنبك في ساعات الرحمة، ويمر بخاطري: كم تألمت؟ كم تأوهت؟ ولكني أعلم أن الله قريب سمع آهاتك ورحمك، لطيف ودود رحمن رحيم.
ما علمت أني سأشهد عرسك، بطعم يبكيني ويؤرقني، أردته عرسا ككل عرس وأراده الله عرسا للجنان. ظننته بطبل ودف فكان بدمع عين وحزن قلب ولكن لا نقول إلا ما يرضي ربنا، ولتهنئي بأمك لا ككل أم وصبر لا ككل صبر، فليباركك ربي يا خلود وليثبتك وليقويك على قادمات الأيام ومر الفقد ولوعته، فالموعد الجنان، واسمعي لقول من قال:وهوَّن ما ألقــــى مـــــــــــن الوَجْدِ أنني أساكنه في داره اليومَ أو غــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدا
فالكل مرتحل وإنما سويعات امتحان واختبار نسأل الله فيهن الثبات الثبات.
سمى! الآن وقد رأيت ما لم نر، عَقِلت وفقهت ما سمعنا وأيقنا وما زلنا في طور علم اليقين وكنت في عين اليقين، قد رأيتِ الموت وعاينتِه، قد أتاك الملكان وسألاك، قد خَبِرت ضمة القبر، بتِّ الآن تعلمين عين يقين ما لم نجد بعد، بتِّ تعلمين وتُعَلِّمينا بحالك أن الكل مرتحل وتصرخين فينا: هل من يعمل لمثل مصرعي هذا؟؟؟
ابنتي الحبيبة أبدلك الله جسدا خيرا من جسدك وأهلا خيرا من أهلك ودارا خيرا من دارك وأبدلك بحزنك وألمك فرحا بلقائه حتى تبشري بالقبول
أسأله سبحانه أن يجعل قبرك روضة من رياض الجنة
أسأله أن قد ثبتك عند السؤال ولقنك الحجة
أسأله أن قد مد لك في قبرك مد البصر
أسأله أن يجعل القرآن لك شافعا ومؤنسا
وجزاك الله عنا وعن كل من وعظته بموتك خير الجزاء وألهم والديك وأهلك الصبر والسلوان وحسن العزاء
مرشدتك_ هنيدة غالب