ضجرُ امرأةٍ
تاريخ النشر: 07/11/17 | 9:54في غُرفةٍ مُملّةٍ تجلسُ امرأةٌ على أريكةٍ مُهترئة وتشعرُ بضجرٍ غير عادي، وتتوقُ لرؤيةِ حبيبها، الذي تركَها فجأةً قبل أيّامٍ ورحلَ بسبب الحرب الدائرة في بلده رغم أنه حاول إقناعها للرحيل معه، إلا أنها أبتْ وفضّلت البقاء، فالمرأةُ لا تطيقُ الجلوس بمفردها.. تجلسُ على أريكةٍ مُهترئةٍ وتلعبُ بورق اللعب لتبدّد ضجرها، تشعرُ بضجرٍ غير عادي، فتذهبُ إلى الفراشِ، لكنّها تظلّ تفكّر في حبيبها الذي هجرها، وتسألُ نفسها لماذا تركني ورحل دون أنْ يعطني جوابا مقنعا عن سببِ رحيله؟ فتخرج في الليل إلى الشّرفة لترى القمر علّه يبدّد مللها، لكن دون جدوى، تعود إلى أريكتِها المُهترئة وتقرأ روايةَ الجريمة والعقاب لدوستويوفسكي، تنعسُ على الأريكةِ المُهترئة، تنهضُ بعد حينٍ من حُلْمٍ مزعج، وتظلّ تشعر بمللٍ قاتل، تنتظرُ حلولَ الفجر، تخرجُ إلى الفناءِ وتتنسّم هواءً ملوثا من دخان القذائف.. تخرجُ إلى البرّيّة وتقطفُ زهرات النّرجس، تعود بها إلى دارِها وتضعُ النرجس في مزهريّة، تعودُ إلى قراءةِ الرّواية، تقرأ صفحاتٍ كثيرة منها، لكنّها تنعسُ وتحلمُ بعودة حبيبها، وبعد مرورِ وقتٍ قصير تفيقُ على صوتِ الراعي، الذي يرعى غنماته على التّل، تخرج لتسأله عن حبيبِها، يصيح الراعي بصوته المجلجل : لقدْ رحلَ، ألم يقل لكِ بأنّه راحل؟ فتصمتْ المرأة وتدخل إلى بيتها، وتجلس في غرفتِها الضّجرة، وتقول في ذاتها: لماذا تركني وجعلني أضجر هنا؟ هل الحرب ترغم الناس على الهروب؟ فلماذا سنهرب؟ وإلى أين سنهرب؟ ففي كل مكان جحيم، فالموت هنا أفضل من الموتِ في بلدٍ لا يحبّ أن يرى غرباء..
عطا الله شاهين