وعاظ السلاطين
تاريخ النشر: 08/11/17 | 6:49ابتليت امتنا العربية الاسلامية بعلماء التشتيت والتفرقة ، وبمشايخ الفتن ، ووعاظ السلاطين ، الذين باتوا يصدرون فتاوى شيطانية خطيرة ذات طابع سياسي ، مخالفة لروح العصر ، ومعادية للحضارة ، وبعيدة عن تعاليم ديننا الاسلامي السمح ، وصاروا يحرضون على القتل ، ويزرعون ويؤججون الفتنة الطائفية المقيتة والبغيضة بين أبناء الوطن والأمة والشعب الواحد ، وهذا لم يشهده أي عصر من عصور الانحطاط في التاريخ العربي الاسلامي .
كذلك كثرت في المكتبات الكتب والمطبوعات السلفية التي تروج لثقافة الكراهية وتحط من انسانية المرأة .
وهم وعاظ السلاطين هو خدمة الموقف الرسمي وتأييد ممارسات وسلوكيات أنظمة الفساد والاستبداد السياسي وحكام العمالة والنذالة .
وكما يبين عالم الاجتماع العراقي الكبير علي الوردي في كتابه الشهير ” وعاظ السلاطين ” فان اعتماد الوعظ هو الهاء المسلمين وافساد شخصيتهم بحيث ينشغلون بمشاكل وهمية يخدعهم بها الوعظ خدمة للسلطان كي لا يلتفت اليه احد .
ودور وعاظ السلاطين هو تمجيد الحكام والمستبدين والجبابرة ، وتسليط سيوف وعظهم على عامة الناس وبسطاء الشعب والفقراء ممن تضطرهم ظروف العوز والفقر والجوع لبعض التجاوزات .
وهؤلاء الوعاظ يستغلون منابر المساجد في المهاترات والسجالات السياسية وتسجيل المواقف ، متناسين أن المساجد هي مكان للعبادة ، وليس للقضايا السياسية ، وهي للجميع بلا انتماءات حزبية وعقائدية وآراء سياسية ، وانه يجب استغلالها في تكريس الاعتدال والوسطية ونشر ثقافة المحبة ، ونبذ العنف والتطرف والفتنة والشقاق واثارة البلبلة .
واليوم حيث تستشري الفوضى الخلاقة والعنف والارهاب التكفيري في الاوطان العربية ، فعلى جميع العرب والمسلمين أن يتوحدوا في خطاب واحد ، وخاصة أئمة وخطباء المساجد ، الذين يتخذون من المنابر وسيلة للدخول الى عالم السياسة ، وأن يكونوا على قدر المسؤولية الاجتماعية والاخلاقية والدينية المنوطة بهم ، وعليهم أن لا يكونوا وعاظاً للسلاطين ، ولا أبواقاً لاثارة الفتن واشعال الطائفية والقبلية والمذهبية ، وانما توجيه الناس نحو القيم والاخلاق الاسلامية الرفيعة السامية ، ودعوتهم الى الخير والمحبة والتسامح والسلم بين جميع الاديان والمذاهب والطوائف والأقليات الدينية ، ومداواة الجراح وتجاوزها ومسح الدموع ووحدة كلمة سواء تحت خيمة وطنية واحدة هي الهوية العربية الاسلامية متعددة الثقافات ، وتقوية خطاب وعناصر الوحدة التي امر الله بها في كتابه العزيز : ” واعتصموا بحبل الله جميعاً ، ولا تفرقوا ، ال عمران الآية ١٠٣” .
بقلم : شاكر فريد حسن