الزربية الجزائرية بين إيران والسعودية وتركيا
تاريخ النشر: 08/11/17 | 14:37ونحن متّجهون للمعرض الدولي للكتاب عبر الحافلة التي تضم نخبة من المثقفين، يقول لي وبحماس قوي: لا أقبل أن توضع الزربية الإيرانية في المسجد الأعظم. أسأله بهدوء لماذا؟، يجيب بافتخار: إيران تخالفنا العقيدة ولا يحق أن نتعامل مع من يخالفنا العقيدة. حينها تدخلت وقلت:
إن كانت الزربية الإيرانية – وبغض النظر عن صحّة الخبر أو كذبه فنحن لانناقش الآن هذه الجزئية- سيّئة الجودة أو باهظة الثمن فمن حقّ الجزائر رفض الزربية الإيرانية أو غيرها وعدم دفع ثمنها، ويمكنها أن تتّجه لدولة أخرى توفر زربية أحسن جودة وأقّل سعرا، ويبقى التعامل في الإطار التجاري والاقتصادي أي سلعة ذات جهد يقابلها ثمن نتيجة جهد.
ثم أقول له: الدول العربية جميعا ودون استثناء تتعامل مع دول تخالفها العقيدة، ويكفي أنّ المساجد في الدول العربية قاطبة مجهّزة بأجهزة تكنولوجية من دول أوروبية ويابانية وكورية وأمريكية وألمانية تخالفها العقيدة، والجزائر ليست مستثناة من هذه القاعدة فهي تتعامل وفي جميع المجالات مع دول تخالفها العقيدة.
وللتدليل أيضا يكفي القول أنّ البضائع التي يحملها الحاج ضانا منه أنّها من بركات الحج هي من صنع دول تعبد الحجر والبشر ولا تؤمن بالله تعالى وتصرّ على أن الله غير موجود، حتّى أني كتبت مقالين في ذات الصدد ناهيك عن ماأكتبه يوميا عبر صفحتي ، وهما: مقال بعنوان: ” الاحتفال بمولد بوذا” بتاريخ: الأربعاء: 19 ربيع الثاني 1435هجري، الموافق لـ 19 فيفري 2014، ومقال بعنوان: ” بركة الصين وسبحة بوذا” بتاريخ: السبت: 22 ربيع الثاني 1435هجري، الموافق لـ 22 فيفري 2014، أبيّن عبرهما أن العربي يحتفل بأعياده الدينية والوطنية ويقيم شعيرتي الحج والعمرة عبر وسائل وسلع غربية صينية.
وقد تابعت منذ سنوات حصة عن المهندس المصري لايحضرني الآن اسمه وكان يومها فيما أتذكر في 94 سنة من عمره وقد توفى بعد الحصة بأيام رحمة الله عليه والذي أشرف على تجديد المسجد الحرام بمكة فذكر التفاصيل الدقيقة في استيراد المواد الخام من أوربا حتّى أنّه ذكر أن جبلا في إيطاليا من الرمل الخاص بالبلاط الذي يمتصّ الحرارة وقد نفد الجبل لأنّ المهندس استعمله كلّه في البلاط الخاص بالمسجد والموجود الآن على الساحة المحيطة بالكعبة والمسجد، واستعان بمهندسين غربيين تحت إشرافه لصنع مايتطلب من نوافذ وكهرباء ومكبرات الصوت والمكيفات وأمور أخرى لاتحضرني الآن، وكلّهم من دول وأشخاص لهم عقيدة مخالفة للعقيدة الإسلامية ويشرفون على مسجد بني على العقيدة الإسلامية.
لن أطالب الجزائر بضرورة استيراد السلعة السعودية أو الإيرانية أو التركية أو الفرنسية أو الأمريكية أو الهندية، فإنّ ذلك راجع لمقاييس فنية اقتصادية يدركها المختص وعلى أساسها يكون التفضيل والقبول والرفض، ومن قصر النظر رفض سلعة وتهييج مجتمع لأنّ الدولة التي من ورائها لها عقيدة مخالفة.
ويذهب صاحب الأسطر أبعد من ذلك حين يقول أنّ بعض العرب يخالفون بعض العرب في بعض مسائل العقيدة، فلا داعي أن يفتح ملف العقيدة حين يتعلّق الأمر بالتجارة بين الدول والمجتمعات، فقد يخسر بعض العرب بعض العرب ويفتح جرح نحن في غنى عنه ولا يسعى إليه العاقل المتدبر ويستولي في الأخير الآخر على التجارة والمال والاقتصاد.
معمر حبار