طفح الكيل – أنهار من الدماء !!!
تاريخ النشر: 10/11/17 | 13:16لقد طفح الكيل ، ولم تعد النفس البشرية تطيق ذلك ، ما من ساعة تمر الا وسفك الدماء قائم ، ولا ينتهي !!! كلما طلعت الشمس وغربت – الا ومئات من القتلى والجرحى يسقطون يتخبطون في دمائهم والاغلب منهم على وجه الارض عرب ومسلمون – يروون بهذه الدماء الاراضي العربية والاسلامية دماء تسفك ظلما وعدوانا – ويسقط الابرياء والاطفال والنساء والشيوخ دونما احد يستطيع وقف هذا النهر الجاري من الدماء …
وعدت الى حديثه (صلى الله عليه وسلم ) عندما قال : ( اذا وضع السيف في امتي لا يرفع الى يوم القيامة !!!
وها هو السيف قد وضع في امة محمد صلى الله عليه وسلم من بعد رحيله منذ اكثر من 1400 عام يقتلون بعضهم بعضا ويسفكون دمائهم وبأسهم بينهم شديد !!!
وتنتقل هذه الامة من جيل الى جيل ، ومنذ عهد الخلفاء الراشدين والصحابة الكرام الى يومنا هذا – ولم تخلوا هذه الفترات والحقب من الزمان من سفك الدماء – والقتل والدمار والخراب – حتى وصل بهذه الامة ان تعتدي على ال بيت رسول الله وقتل حفيديه الحسن والحسين وسبي بنات ونساء عطرته وإهانة أطهر بيت على وجه الارض !!! ومنذ ذلك الحين وضع السيف في امته ولم ينقطع سيل الدماء الجارية وفي كل تلك الحقب التي مرت منذ الامويين والمروانيين والعباسيين والفاطميين والاتراك حتى يومنا هذا ويبدوا ان هذا الصراع سيبقى قائما الى يوم الدين – وخاصة اليوم بعد ان بدأت فئات تزرع الفتن من جديد بين سنة وشيعه ويقف من وراء ذلك اعداء الاسلام والدين ، يَدّعون الاسلام وهم اشد عليه خطرا من اعدائه ، كالوهابيين والتكفيرين ، وهم السبب في كل ما يدور الان في العالم العربي والاسلامي .
ويبدو ان دعاء الصالحين والابرار لم يستطع وقف هذه الدائرة من العنف وسفك الدماء وان قدر الله وغضبه على هذه الامة التي لم تذعن لما امر به الله وجاء به رسول الله ، نازل وان لا مرد له حتى تستقيم ، وتطبق هذه الآية على نفسها “لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ” حتى يكون ذلك ، ستدفع هذه الامة ثمنا باهظا ورهيب !!!
ان ما يهب على الوطن العربي والاسلامي من رياح عاتيه وعواصف مدمره لن تستثني احداً ، حتى وان حاول البعض الدخول في (جُحرِ ضَبْ) ستدخل خلفه هذه الرياح والعواصف وتخرجه منه اما مصابا او قتيل .
فكل الذين شاركوا ويشاركوا في هذا الصراع سواء بالمال او النفس او الكلمة سيطالهم هذا الاذى وستصلهم هذه الآفات القاتلة ولن تحميهم دولا تدعمهم ولا مخابرات تساندهم ولا مال يتدفق الى جيوبهم ولا جموعا تصفق وتهتف لهم _ ولا منابر يعتلونها ، يحرضون على دماء المسلمين وغير المسلمين ، فهم اهداف ظاهره وعناوين بارزه ، دخلوا الفتنة من ابوابها ، فصدق قول رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فيهم ” ستدخل الفتنة كل بيت عربي وتلطمه …
والحديث الاخر تداهمكم فتنة ( القاعد فيها خير من الواقف – والواقف فيها خير من الماشي – والماشي فيها خير من الراكب – والراكب فيها خير من الساعي .
فإذا استشرفت احدكم فليلزم بيته – او يعض على جذع شجره حتى يأتيه اليقين – وما نفهمه من هذا الحديث ان الخيار خيارك ايها المسلم ان تغرق في هذه الفتن – او تهرب منها وتبتعد عنها .
ان ما يجري الان في الوطن العربي والاسلامي من تفجيرات وتفخيخات من الجزائر الى تونس ومصر والصومال وليبيا والعراق ولبنان وسوريه وباكستان وافغانستان – وان هذا الامر ليس ببعيد ان ينتقل الى البقية الباقية من الدول العربية والاسلامية التي تمول هذه الاعمال الاجرامية والارهابية وتمدهم بالمال والرجال والسلاح . كالسعودية وقطر وتركيا – وسيرتد هذا الحال عليهم جميعا وستقلع تلك العواصف والرياح العاتية قصورهم وتحصيناتهم ولن يقف امام ما يجري كل القوة التي يملكونها والحماية المشددة التي يختبئون خلفها وان رياح التغيير قادمه لا محاله ولن يبقى على ما هو الا هو هكذا يروى لنا التاريخ – بل اقول ، انها سنة الله في خلقه ( وتلك الايام نداولها بين الناس ) والناس مؤمنهم وكافرهم .
ان الذي يقود هذه الفتن اليوم من قتل وسفك للدماء وارهاب وخراب خاصة في العالم العربي السعودية وقطر واردغان الناتوا – ومن ورائهم السي أي ايه واسرائيل والذين يعلنون جهارا نهارا ذلك في تصريحاتهم اليومية سواء منهم سياسيين أوعسكريين في كل محفل ومكان – وفي كل فرصة تتاح لهم ، ويتفاخرون ولتتسع دائرة هذه الفتن بالاعتداء على المسيحيين بقتلهم وتهجيرهم وهدم كنائسهم وتكسير صلبانهم وتدمير معتقداتهم وذبح رهبانهم وخطفهم .
وبهذا الاعتداء الهمجي يكونوا خالفوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال ( لا تكسروا لهم صليباً ولا تهرقوا لهم خمراً ولا تقتلوا لهم خنزيراً اتركوهم وما يدينون فمن اذاهم فقد اذاني ) .
عن أي اسلام هؤلاء القتلة والتفجيريين والتكفيريين يتحدثون ولأي خلافة اسلامية يُرَّوجون التي ستقوم على القتل واقصاء الغير ( لو شاء ربك لآمَن من في الارض كلهم جميعا ً ) .
( لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ) واين ذهبتم بهذه الآية الكريمة ( من قتل نفساً بغير نفس او فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعاً ) والآية واضحه كل نفس تقتل ظلما دون وجه حق .
عندما سمعت اعترافات هؤلاء القتلة للشيخ البوطي رحمه الله على شاشات التلفزة ، ايقنت تماما ان هؤلاء ليسوا بشراً ( بل كالأنعام بل هم اضل ) فمن الحيوانات عندها غريزيا ً الحنان والرحمة على ابنائها وحتى على ابناء جنسها اكثر بكثير من هؤلاء الوحوش الذين قاموا بقتل هذا العلامة الكبير والمعتدل الذي نادى طيلة حياته بالوسطية والتسامح بين جميع الاديان والمعتقدات واحترام الغير مهما كان الخلاف معهم ، ونادى بالتعايش مع الجميع كل على عقيدته وملته ليقوم احد المعتوهين التكفيريين بإصدار فتوى مجنونه بقتل هذا العلامة الكبير وان دل هذا الامر فيدل على جهل هذا المعتوه في دينه واسلامه ، ويدل اننا اليوم نعيش زمن اختلط فيه الحابل بالنابل وتعددت الفرق وكثرت الفرق الهالكة في النار والتي رواها الحديث الشريف ان 72 فرقة هالكة في النار وواحدة هي الناجية من تمسك بكتاب الله وسنة رسوله ، وعندما تمعنت في هذا الحديث – بطل عندي العجب وصرت ادعوا الله في صلاتي ان يعجل الله بقدوم المهدي المنتظر ونزول عيسى عليه السلام – لأن الارض ملئت ظلماً وجورا – وان اصلاحها لا يمكن ان يكون الا برجل مكنه الله وايده بسلطان من عنده …
واني على يقين ان هذه الفرق بقادتهم ومفتيهم المتهورون هم اول من يلحق ويتبع الدجال عند قدومه ومجيء موعده الذين اتخذوا من سفك الدماء وقتل الابرياء مسلكاً وطريقاً لهم وسبيل ( هؤلاء الذين وصفهم القران الكريم بهذا الوصف ( يهلكون الحرث والنسل ) ولا ننسى قول رسولنا الكريم ( صلى الله عليه وسلم ) يبقى ابن ادم في فسحه من دينه لم يصب دماً ) وكيف وهؤلاء وقد غرقوا في سفك الدماء حتى اذانهم .
نسأل الله ان يعفوا عنا ويعافينا – وان يحسن ختامنا ونرحل عن هذه الدنيا وهو راض عنا .
بقلم : الشيخ عبد الله نمر بدير