مركز سنديان يفتتح أعماله بندوة دولية بالناصرة

تاريخ النشر: 22/11/17 | 21:42

افتتح مركز “سنديان” للبحوث والحوار والثقافة أعماله، بندوة دولية حول مرور 100 عام على تصريح بلفور و70 عاما على قرار التقسيم، بمشاركة مختصين في التاريخ والأبحاث، وشخصيات سياسية فلسطينية وبريطانية وإسرائيلية، وذلك مساء الثلاثاء، في فندق غولدن كراون في الناصرة. وأكد عدد من المشاركين، على الأهداف الاستعمارية من وراء تصريح بلفور، الذي ما أن صدر، حتى كانت في فلسطين 28 مستوطنة، أقيمت في الفترة العثمانية.وقد شارك في الندوة العشرات من ذوي الاختصاص والناشطين السياسيين، والمهتمين، وكان من بين الحضور، رئيس لجنة المتابعة للجماهير العربية محمد بركة، ورئيس لجنة الوفاق الكاتب محمد علي طه.وافتتح الندوة، باسم مركز “سنديان” المهندس رامز جرايسي، فقال، “إن مركز سنديان للبحوث والحوار، حديث العهد، يعنى بإجراء البحوث النظرية والتطبيقية والتوثيقية والإصدارات، واستقراء مواقف مجتمعيّة في كل ما يتعلق بواقع الشعب الفلسطيني، ماضياً وحاضراً، وقراءاتِ مستقبليّة، وعلاقته مع أرضه ومحيطه العام والخاص. وهو يضم مجموعة من الناشطين والأكاديميين والباحثين في هذه المجالات”.

وقالت عضوة مجلس اللوردات البريطاني، البارونة جيني تونغ، في كلمة تم تصويرها خصيصا للندوة، إنها لا تستطيع تقديم الاعتذار نيابة عن الحكومة البريطانية لأنها لا تمثلها. وقالت، “لكنني أستطيع أن أعتذر عن نفسي، وعن جميع أفراد عائلتي، وعن المئات والآلاف من أبناء المملكة المتحدة الذين يؤيدون القضية الفلسطينية. إننا نعتذر عن وعد بلفور”.وانتقدت تونغ احتفال الحكومة البريطانية بذكرى تصريح بلفور، وبالدور الذي لعبته بريطانيا “في إقامة دولة إسرائيل، والذي أعتبره مهيناً. ليس لأنني لا أعترف بوجود إسرائيل، بالطبع لا. بل لما فيه من تجاهل لما جرى للشعب الفلسطيني على مدى مائة عام”.

وقال الرئيس السابق لبلدية لندن، كين لفينغستون، في كلمة تم تصويرها أيضا، خصيصا للندوة، إنه “إذا عدنا وقرأنا ذلك الوعد، فهو يقول عملياً أن خلق وطن لليهود يجب ألا يجري على حساب المسيحيين والمسلمين الذين يعيشون هناك. بالطبع لقد تم تجاهل هذا الأمر. لكن في ذلك الوقت، لا أعتقد أن بلفور كان ملتزماً بشكل خاص بالحركة الصهيونية، وإنما الحكومة البريطانية كانت تعمل بشكل وثيق مع القادة الصهاينة، الذين كانوا يساعدون في تمويل بريطانيا خلال الحرب العالمية الأولى ونظروا إلى الوعد على أنه وسيلة لإبقاء الجميع ضمن الموكب ذاته”.
وكانت الجلسة الأولى بعنوان، “سياقات تاريخية واسقاطات استراتيجية”، وترأس الجلسة، البروفيسور أسعد غانم، وقال، إن تصريح بلفور تعامل مع اليهود المهاجرين الى فلسطين، ولم تتجاوز نسبتهم 7%، كشعب، بينما اعتبر الشعب الفلسطيني مجرد مجموعة طوائف وأديان، وليس لهم حقوق قومية جماعية، وهذا هو الفكر القائم حتى يومنا في السياسات الإسرائيلية، وفي قانون القومية. ما يعني أن تصريح بلفور أعطى حق تقرير مصير لمن لم يكونوا شعبا، بينما حرم الشعب صاحب الوطن، من حق تقرير مصيره.
واستعرض غانم في كلمته، ما يجري الآن في المنطقة، من تفتيت أكثر للحالة العربية، من تدخلات كولونيالية غربية عالمية، تنعكس سلبا أيضا، على القضية الفلسطينية، والشعب الفلسطيني ككل.

واستعرض البروفيسور مصطفى كبها، رئيس معهد العلاقة بين الأديان في الجامعة المفتوحة، في مداخلته، وقائع تاريخية، تؤكد أن الاستعمار البريطاني في فلسطين، كان هدفه فرض تصريح بلفور على أرض الواقع. فقد كانت من مهمات ما يسمى بـ “المندوب السامي” هو أن ينقل الى عصبة الأمم المتحدة، تقارير متتالية، حول عملية تأهيل الشعب لإدارة سلطته بنفسه، إلا أن هذا لم يتم. وفي المقابل، فقد عملت بريطانيا على دعم مؤسسات صهيونية ذات طابع سيادي، في حين فرضت على الشعب الفلسطيني اقامة هيئات دينية، مثل المجلس الاسلامي الأعلى، على أساس أن الشعب الفلسطيني في تصريح بلفور كان مجرد مجموعات دينية وطوائف.وأبرز كبها في مداخلته، حالات عديدة، لنهج الاستعمار البريطاني، القائم على أساس “فرق تسد” بين أبناء الشعب الفلسطيني الواحد. وقال، إنه حتى صدور تصريح بلفور كان قد تأسس في فلسطين في الفترة العثمانية 28 مستوطنة صهيونية، وأنه حتى العام 1917، كانت نسبة اليهود في فلسطين 7,5% من اجمالي السكان، ويملكون 1,8% من الأراضي في فلسطين التاريخية.
وقال الدكتور ضرار عليان، في كلمته، إنه لا ينبغي أن نلهي أنفسنا بمطالبة بريطانيا بالاعتذار عن تصريح بلفور، أو نحاكم بريطانيا، خاصة وأنه ليس لدينا القوة لفرض إرادتنا عليها. وقال إن الرد الفلسطيني يجب أن يعتمد استراتيجية صمود وطنية شاملة جامعة للكل الفلسطيني، وان تتم المصالحة استراتيجيا، واصلاح البيت الفلسطيني عبر تجديد كافة الشرعيات. ورسم استراتيجيات وطنية لكيفية التعامل مع المرحلة المقبلة، وإعادة النظر بكافة الاتفاقيات، بما فيها اتفاقيات اوسلو.وتوقف د. عليان، عند الوظيفة الهامة والأساسية للحفاظ على الذاكرة، وغرسها في الأجيال الناشئة، بما تحمل من كل تفاصيل عن القضية الفلسطينية، وهوية الوطن ومسمياته، كي تكون الأجيال الجديدة، على قناعة مترسخة بمواصلة النضال، حتى تحقيق الأهداف الوطنية والمشروعة لشعبنا.

وفي مداخلتها، استعرضت د. سارة أوسيتسكي لازار، الباحثة في معهد “فان لير”، الظروف العالمية الناشئة بعد الحرب العالمية الأولى، وانهيار امبراطوريات كبرى، من بينها العثمانية والروسية القيصرية، وغيرها. ومما قالته، إنه منذ العام 1881 وحتى العام 1918، هاجر حوالي مليوني يهودي، من أوروبا الشرقية الى غربي القارة، وأيضا الى الولايات المتحدة الأميركية، وفقط قلة قليلة هاجرت الى فلسطين.وقالت أوسيتسكي، إن الحركة الصهيونية، منذ مؤتمرها الأول في بارز في العام 1897، وضعت خطة عمل للوصول الى هدفها، “اقامة وطن لليهود”. كما استعرضت خلال مداخلتها، الجدل الذي ظهر في الحركة الصهيونية، لدى طرح فكرة اقامة وطن لليهود في أوغندا.

وكانت الجلسة الثانية في الندوة، بعنوان، من بلفور الى النكبة، وحتى تعثر التسوية، وترأس الجلسة الكاتب الياس نصر الله، ابن مدينة شفاعمرو والمقيم في بريطانيا، والذي عمل على التحضير لهذه الندوة، من خلال شخصيات بريطانية، إذ قال، إنه لم يجد نائبا واحدا من نواب البرلمان الـ 649 قادرا على انتقاد بلفور. وقال إن جميع الأحزاب البريطانية، ما عدا الحزب الشيوعي البريطاني، كلها تؤيد بلفور، بما في ذلك حزب “الليبور” (العمال).وقال نصر الله، إن زعيم حزب “الليبور” جيرمي كورفين، الذي لم يشارك في احتفال ذكرى بلفور، لرفضه أن يشارك في حفل يحضره بنيامين نتنياهو، إلا أن كورفين لم ينتقد بلفور. كما أن نائبة بارزة في الحزب، تتولى منصب وزيرة الخارجية في حكومة الظل، شاركت في الاحتفال إياه. وقرأ نصر الله، ترجمة لمقال صحيفة الحزب الشيوعي البريطاني، الذي ينتقد بلفور وما خلفه من مآسي للشعب الفلسطيني.

وقال النائب موسي راز، السكرتير العام لحركة “ميرتس”، إنه على الرغم من كل الظروف التي نواجهها، فما تزال غالبية كبيرة في البلاد، من اليهود والعرب التي تؤيد حل الدولتين، القائم على المساواة في الحقوق. وقال إن الحل بالنسبة للاجئين يجب أن يكون توافقيا، ولكن في ذات الوقت أن يأخذ بعين الاعتبار المأساة التي تكبدها اللاجئون.وقال، إن الجدل حول بلفور حاليا، بعد مائة عليه، في ظل ظروف عالمية مختلفة تماما عما هي اليوم، لن يجدي، لأنه لن تجد يهودا يقبلون بنظرة العرب عن بلفور والعكس صحيح. ورغم ذلك، فإن ليس كل اليهود كانوا راضين عن بلفور، وأشار الى أن غياب نواب “الحريديم” عن جلسة الكنيست، لمرور 100 عام على بلفور لم يكن صدفة.وفي مداخلته، قال النائب د. يوسف جبارين، إن تصريح بلفور، لم تكن وثيقة قانونية حاسمة، بل إن الوثيقة الدولية الحاسمة، كانت قرار التقسيم في عصبة الأمم المتحدة، قبل 70 عاما. وقال، إن في قرار التقسيم ثلاثة عناصر أساسية لا يتم التطرق اليها بشكل كاف، وهي أولا، مناصفة فلسطين التاريخية، بين الدولة الفلسطينية والدولة اليهودية، وهذا بخلاف تصريح بلفور، الذي شطب حق الشعب الفلسطينية في وطنه. ثانيا، أن 45% من سكان الدولة اليهودية، كانوا من الشعب الفلسطيني، مقابل 5% من اليهود في الدولة الفلسطينية. وثالثا، أن مصطلح “الدولة اليهودية”، كان مشروطا بالحقوق المساوية لكل الأقليات فيها.وقال جبارين، إن مطالبة الشعب الفلسطيني بدولة مستقله له في الضفة والقطاع، تعني 22% من فلسطين التاريخية، وهذا تنازل مؤلم. إلا أن حتى هذا التنازل، ليس متوفرا في ممارسة الأجندة الدولية، على أرض الواقع. وشدد على أن ما نراه اليوم، هو سلطة فلسطينية محدودة قائمة فقط على 10% من مساحة فلسطين التاريخية، وهي المدن الفلسطينية في الضفة، ومحيطها.وبعد المداخلات في كل واحدة من الجلستين، فتح باب المجال أمام الجمهور للمداخلات القصيرة وطرح الاسئلة، التي رد عليها المشاركون في الندوة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة