أستاذي عبد الحكيم
تاريخ النشر: 30/11/17 | 8:29هذه شهادتي عن أستاذي عبد الحكيم مفيد رحمه الله:
كانت بدايتي المهنية في مجال الاعلام عام 2006 من خلال دورة تختص بالتغطية الإعلامية قدمها أستاذنا الفقيد عبد الحكيم لمجموعة من الشباب كنت واحدا منهم، قبل ذلك لم يكن لي أي اتصال مع مجال الإعلام حيث كنت قد تخرجت من جامعة الخليل وحصلت على البكالوريوس في الشريعة الاسلامية، جذبني جدا أسلوبه في تحليل وشرح المادة الإعلامية، علمنا أستاذنا الحكيم كيف نكتب الأخبار والتقارير وكيف نحلل الأخبار المتداولة وكيف نتعامل معها، فحفظت وفهمت واستفدت منه الكثير الكثير، ومنذ ذلك الحين لم تنقطع صلتي بالإعلام إلى يومنا هذا، وذلك بفضل أستاذنا المبدع الذي عشق مهنته وعلمنا كيف نحترم هذه المهنة ونحبها، فبعد التخرج من هذه الدورة مباشرة قررت أن أدرس الإعلام في مؤسسة أكاديمية، وقد يسر الله لي ذلك ففي نفس العام دخلت كلية المنار في مدينة الطيبة وتخرجت منها بعد سنتين حاصلا على الدبلوم في تخصص السينما والتلفزيون.
في عام 2008 بعد تخرجي من كلية المنار مباشرة حصلت على وظيفة محرر أخبار في موقع “فلسطينيو48” الذي كان أستاذي عبد الحكيم رحمه الله أحد مؤسسيه، وفي ذلك الوقت كان لا يزال يرأس تحرير الموقع ولكنه في نفس الشهر تقريبا غادر منصبه كرئيس للتحرير في الموقع ليخلفه الأستاذ عبد المنعم فؤاد بينما استمريت أنا بالعمل فيه لمدة 4 أعوام أكتب وأحرر الأخبار، وهنا أريد أن أؤكد أن رسالة الأستاذ عبد الحكيم قد استمرت بفضل الله في موقع “فلسطينيو48” حيث أن ما تعلمته منه في الدورة الاعلامية في عام 2006 هو ما استفدت منه أكثر وهو ما نقلته لمن جاء من بعدي من زملائي في الموقع وهكذا استمرت رسالة الحكيم جيلا من بعد جيل فكل الذين عملوا في موقع “فلسطينيو48” يتبوؤون الآن مناصب مهمة في مؤسسات إعلامية مختلفة والحمد لله.
وفي عام 2016 بدأت بالتشاور مع أستاذي عبد الحكيم حول اطلاق مشروع إعلامي يختص بتوثيق بلداتنا في الداخل الفلسطيني، فوجدت عنده نفس التوجه وحينها قال لي بأنه يفكر في إطلاق موقع باسم “إعلام حكيم”، وقد استمرت المشاورات بيننا حول هذا الموضوع، وقبل أشهر قليلة كان فقيدنا رحمه الله قد تبلورت لديه فكرة لمشروع إعلامي ضخم جدا يضم عدة مجالات وآفاق وقد أطلعني على فحوى هذا المشروع، وقال لي: “لقد اخترت التعاون معك في إنتاج ثلاث أو أربع سلاسل لحلقات فيديو عن الإعلام لم تطرح من قبل”، وكانت آخر جلسة بيننا قبل وفاته بأسبوع في خيمة الاعتصام في البيت المهدد بالهدم في عارة واتفقنا على البدء بإنتاج هذه الحلقات وكان بقي أن نتفق على موعد ومكان التصوير، وعندما ذهبت لأعزيه بوفاة عمه قبل وفاته بثلاثة أيام أكد لي أنه عازم على إطلاق مشروعه الإعلامي في الأسبوع القادم (الذي توفي فيه)، وهنا أريد أن أسجل أن الأستاذ عبد الحكيم كان متحمس جدا لإطلاق المشروع الإعلامي الذي خطط له على مدار عامين كما قال لي، وكان متفائلا جدا أنه سينجح، وكانت همته عالية رحمه الله.
لقد كانت الفاجعة بوفاته أستاذنا الحكيم كبيرة لا أدري كم سيمر من الوقت حتى نفيق منها، ويجدر القول أن وفاته شكلت خسارة فادحة في المجال الإعلامي على مستوى داخلنا الفلسطيني تحديدا وأذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي جاء فيه: “إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ”، وأستاذنا كان عالما في مجال الإعلام ويحيط بجوانبه المختلفة أما في حالتنا في الداخل الفلسطيني فقد كان رحمه الله يدرك ومداخلها ومخارجها كما لم يدركها أحد غيره وكان يجيد وضع النقاط على الحروف وتحديد الأولويات وله قدرة على فتح الأقفال السياسية، الكلام الذي قيل في حقه كثير ولن أضيف سوى أنه كان رحمه الله قريبا جدا من قلوب الشباب لأن روحه كانت شابة وكان يعيش هموم الشباب ويحبهم ويجالسهم ويتناصح معهم بدون حواجز، وفي الأوقات الحرجة يجدونه بجانبهم طوال الوقت.
أكتب هذه الكلمات بصفتي تلميذا محبا لفقيدنا الأستاذ عبد الحكيم مفيد رحمه الله وجزاه عنا كل خير وجمعنا به في الجنة.
بقلم: محمد أبو زرقة