من أقوال الشيخ الشعراوي
تاريخ النشر: 27/12/17 | 16:47إياك أن تظن أن الأمية عَيْب في رسول الله ٬ فإنْ كانت عيباً في غيره ٬ فهي فيه شرف ؛ لأن معنى أمي يعني على فطرته كما ولدتْه أمه ٬ لم يتعلم شيئاً من أحد ٬ وكذلك رسول الله لم يتعلَّم من الخَلْق ٬ إنما تعلم من الخالق فعلَتْ مرتبةُ علمه عن الخَلْق.
إياك أن ترد الأمر على الله سبحانه وتعالى !! فإذا كنت لا تصلي ٬ فلا تقل وما فائدة الصلاة ٬ وإذا لم تكن تزكي ٬ فلا تقل تشريع الزكاة ظلم للقادرين ٬ وإذا كنت لا تطبق شرع الله ٬ فلا تقل أن هذه الشريعة لم تعد تناسب العصر الحديث ٬ فإنك بذلك تكون قد كفرت والعياذ بالله ! ولكن قل يا ربي إن فرض الصلاة حق ٬ وفرض الزكاة حق وتطبيق الشريعة حق ٬ ولكنني لا أقدر على نفسي فارحم ضعفي يا رب العالمين ٬ إن فعلت ذلك ٬ تكن عاصيا فقط
إنْ أخذنا بمبدأ الهجرة فلا بُدَّ أن نعلم أن للهجرة شروطاً أولها أنْ تهاجر إلى مكان يحفظ عليك إيمانك ولا ينقصه ٬ وانظر قبل أنْ تخرج من بلدك هل ستتمكن في المهجر من أداء أمور دينك كما أوجبها الله عليك ؟ فإنْ كان ذلك فلا مانع ٬ وإلا فلا هجرةَ لمكان يُخرِجني من دائرة الإيمان ٬ أو يحول بيني وبين أداء أوامر ديني. وهل يُرضيك أنْ تعيش لتجمع الأموال في بلاد الكفر ٬ وأنْ تدخل عليك ابنتك مثلاً وفي يدها شاب لا تعرف عنه شيئاً قد فُرِض عليك فَرْضاً ٬ فقد عرفته على طريقة القوم ٬ ساعتها لن ينفعك كل ما جمعت ٬ ولن يصلح ما جُرِح من كرامتك.
ويكفيك عِــزّاً وكرامة أنك إذا أردت مقابلة سيدك أن يكون الأمر بيدك .. فما عليك إلا أن تتوضأ وتنوي المقابلة قائلا : الله أكبــر .. … فتكون في معية الله عز وجل في لقاء تحدد أنت مكانه وموعده ومدته .. وتختار أنت موضوع المقابلة .. وتظل في حضرة ربك إلى أن تنهي المقابلة متى أردت ..! فما بالك لو حاولت لقاء عظيم من عظماء الدنيا ؟! وكم أنت ملاقٍ من المشقة والعنت ؟! وكم دونه من الحُجّاب و الحراس ؟! ثم بعد ذلك ليس لك أن تختار لا الزمان و المكان و لا الموضوع ولاغيره ..!
اذا رأيت فقيرا فى بلاد المسلمين .. فاعلم أن هناك غنياً سرق ماله
أي عقل فيه ذرّة من فكر لا يجعل لله تعالى شبيهاً ولا نظيراً ولا يُشَبِّهُ بالله تعالى أحداً ٬ فالله واحد في قدرته ٬ واحد في قوته ٬ واحد في خلقه ٬ واحد في ذاته ٬ وواحد في صفاته.
القرآن يعطينا قيم الحياة ٬ التي بدونها تصبح الدنيا كلها لا قيمة لها ٬ لأن الدنيا امتحان أواختبار لحياة قادمة في الآخرة ٬ فإذا لم تأخذها بمهمتها في أنها الطريق الذي يوصلك إلى الجنة ٬ أهدرت قيمتها تماماً ولم تعد الدنيا تعطيك شيئاً إلا العذاب في الآخرة
الرزق هو ما ينتفع به ٬ وليس هو ما تحصل عليه ٬ فقد تربح مالاً وافراً ولكنك لا تنفقه ولا تستفيد منه فلا يكون هذا رزقك ولكنه رزق غيرك ٬ وأنت تظل حارساً عليه ٬ لا تنفق منه قرشاً واحداً ٬ حتى توصله إلى صاحبه ٬ قال عليه الصلاة والسلام : يقول ابن آدم مالي مالي ٬ وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت ٬ ولبست فأبليت ٬ أو تصدقت فأمضيت
المنافقون لا يلتفتون إلى القيم الحقيقية في الحياة ٬ ولكنهم يأخذون ظاهرها فقط ٬ يريدون النفع العاجل ٬ وظلمات قلوبهم لا تجعلهم يرون نور الإيمان ٬ وإنما يبهرهم بريق الدنيا مع أنه زائل ووقتي
يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُون لماذا تشهد؟ لأنها لم تعد مسخرة للإنسان تتبع أوامره في الطاعة والمعصية ٬ فحواسك مسخرة لك بأمر الله في الحياة الدنيا وهي مسبحة وعابدة. فإذا أطاعتك في معصية فإنها تلعنك لأنك أجبرتها على المعصية فتأتي يوم القيامة وتشهد عليك.
{فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله}[الجمعة:10]. كأنك ذهبت للمسجد لتأخذ شحنة إيمانية تعينك وتسيطر على كل حواسك في حركتك في التجارة، وفي الإنتاج، وفي الاستهلاك، وفي كل ما ينفعك وينمي حياتك. وحين يأمرك ربك أن تفرغ لأداء الصلاة لا يريد من هذا الفراغ أن يعطل لك حركة الحياة، إنما ليعطيك الوقود اللازم لتصبح حركة حياتك على وفق ما أراده الله.
انظر إلى الهدهد يقول لنبي: {أحطت بما لم تحط به..} [النمل:22]. هذا هو الهدهد المخلوق الأقل من سليمان عليه السلام يقول له: عرفت ما لم تعرفه، وكأن هذا القول جاء ليعلمنا حسن الأدب مع من هو دوننا، فهو يهب لمن دوننا ما لم يعلمه لنا، ألم يعلمنا الغراب كيف نواري سوأة الميت؟ {فبعث الله غرابا يبحث في الأرض..} [المائدة:31].
فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ما هو الخوف وما هو الحزن؟ الخوف أن تتوقع شرا مقبلا لا قدرة لك على دفعه فتخاف منه ٬ والحزن أن يفوتك شيء تحبه وتتمناه. والحق سبحانه وتعالى يقول في هذه الآية : من مشى في طريق الإيمان الذي دللته عليه وأنزلته في منهجي فلا خوف عليهم ٬ أي أنه لا خير سيفوتهم فيحزنوا عليه ٬ لأن كل الخير في منهج الله ٬ فالذي يتبع المنهج لا يخاف حدوث شيء أبدا
ما الفرق بين أن يقول الإنسان المؤمن ((بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)) في بداية كل عمل.. و بين الكافر الذي لا يقول باسم الله .. و مع ذلك فالأعمال أيضا تعطي ثمارها للكافر و المؤمن سواء.. الإجابة هي : إن الفرق بين المؤمن و الكافر…فرق واضح إن المؤمن يثق بأن الله سخر له العمل .. فيطمئن و هو يؤدي العمل.. إن المؤمن يعمل و في باله الاطمئنان .. و الإحساس والأمان و أن الخير لا يجيء في الدنيا و حدها .. إن الخير يجيء في الدنيا و يثاب عليه المرء في الآخرة .. أما الكافر فقد يقوم بالعمل و قد يفشل فيه..و يرث القلق على العمل و لا يأتيه الثواب على العمل في الآخرة.. لذلك فنحن أيضا عندما نحمد الله بعد العمل.. فإننا نؤكد الصلة و الثقة بأن الله هو الذي أعطانا فلا يدخلنا غرور أو زهو..إنما يحس الإنسان بفضل الله..
الإنسان الذي يستعلي بالأسباب سيأتي وقت لا تعطيه الأسباب.
المؤمن يتبع منهج الله في الدنيا ليستحق نعيم الله في الآخرة .. فلو أن الآخرة لم تكن موجودة، لكان الكافر أكثر حظا من المؤمن في الحياة .. لأنه أخذ من الدنيا ما يشتهيه ولم يقيد نفسه بمنهج، بل أطلق لشهواته العنان .. بينما المؤمن قيد حركته في الحياة طبقا لمنهج الله وتعب في سبيل ذلك. ثم يموت الاثنان وليس بعد ذلك شيء .. فيكون الكافر هو الفائز بنعم الدنيا وشهواتها. والمؤمن لا يأخذ شيئا والأمر هنا لا يستقيم بالنسبة لقضية الإيمان .. ولذلك كان الإيمان بالله قمة الإيمان بداية والإيمان بالآخرة قمة الإيمان نهاية.
إن الدين كلمة تقال وسلوك يفعل ٬ فإذا انفصلت الكلمة عن السلوك ضاعت الدعوة ٬ فالله سبحانه وتعالى يقول : يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِندَ ٱللَّهِ أَن تَقُولُواْ مَا لاَ تَفْعَلُونَ – لأن من يراك تفعل ما تنهاه عنه يعرف أنك مخادع وغشاش ٬ وما لم ترتضه أنت كسلوك لنفسك لا يمكن أن تبشر به غيرك.
إن الانسان المؤمن لا يخاف الغد ٬ وكيف يخافه والله رب العالمين ٬ اذا لم يكن عنده طعام فهو واثق ان الله سيرزقه لأنه رب العالمين واذا صادفته ازمة فقلبه مطمئن الي ان الله سيفرج الازمة ويزيل الكرب لأنه رب العالمين واذا اصابته نعمة ذكر الله فشكره عليها لانه رب العالمين الذي انعم عليه