أينما وُجِدَ الظلم فذاك وطني
تاريخ النشر: 04/01/18 | 9:30يشكّل بدو منطقة العفولة أول المهجّرين الفلسطينيين، فقد هجّرتهم الوكالة اليهودية عام 1924،” تركتورات بأرض الزرع، تقلب الزرع… لمّوا الرجال والعجيان…أخذوهم ع المخفر. حبسوهم… كملوا ع هدم بيوت الناس. بيت الشعر… حوش الحلال خرّبوه والطرش خاف وشرد. حتى الحلال خاف وشرد. ما خلوا حجر على حجر”. أول التهجير وبوابة ضياع الوطن. هكذا كتب الروائي حسين ياسين في روايته ” عَليّ قصة رجل مستقيم” (صدرت الرواية عن دار الرعاة للنشر والدراسات في رام الله وعمان ودار جسور ثقافية للنشر والتوزيع وهي تقع في 320 صفحة من الحجم الوسط. يتصدر الرواية، في الغلاف، لوحة “نغم حزين” للفنان الفلسطيني سليمان منصور وقد جاء الاختيار موفّقًا حيث جمعت اللوحة بين الهمّ والإبداع والألم والحلم، فنفخ الشبابة يبثّ الهدوء والطمأنينة… سقى الله ع أيام زمان!. أصدر حسين ياسين عام 2006 رواية مصابيح الدُجى لعرابة البطّوف، وبعدها في عام 2012 رواية ضُحى للقدس).
عليّ، بطل الرواية، ابن قرية “الجيب” الفلسطينية التي تقع بين رام الله والقدس، وُلِدَ يتيمًا من الأب الذي قُتل على يد “تحصيل دار” التركي على البيدر. تزوجت أمه من “غريب” وهو لا يزال في “اللفة”، وأُجبرَت بالتخلّي عن حضانته … وهُجِّرَت من بلدتها إلى الأبد. انتقل إلى القدس لينضم في صفوف الحزب الشيوعي الفلسطيني ليصبح عضوًا في اللجنة المركزية، درس في المدرسة الحزبية في موسكو، سُجِن عدة مرات ليتطوّع في الحرب الإسبانية بين أعوام 1936-1939 … وقُتِل هناك.
شخصيّة عليّ هي شخصيّة حقيقيّة، كما كشف لنا في بداية الكتاب،(وكذلك ص. 56) إمتطاها الكاتب وبنى عليها نصّه الإبداعي المُتخيّل، فالرواية مزدحمة بالأماكن والأشخاص وتندرج تحت الأدب الواقعي.
صوّر ياسين حياة قرية باب الثنايا المعيشية، ببساطتها وعاداتها، عش العصافير وقن الدجاج، لوزها ومشمشها، حواكيرها مع دجاجها وكلابها وقططها، وبيادرها، ومضافة البلد، وأهلها يتكافلون حين يسقط شهيد أو ينفق ثور.
يتناول ياسين في روايته معاناة الشعب الفلسطينيّ، تحت نير الاستعمار البريطاني، استبداده القهري، قمعه للحريات، ممارسته لسياسة التّضييق وتدمير البيوت ونهب البلاد. يصوّر بدايات الاستيطان اليهودي في فلسطين وحياة الشعب الفلسطيني ومعاناته اليومية ونضاله المستمرّ والسيزيفي من أجل العيش بكرامة وحريّة كما جاء على لسان وفيقة: “ومين بحبش الحرية! يا ما أحلاها عيشة الحريّة. أنا مع الحرية. إلي ولأولادي ولجوزي وكل أصحابي. الحرية لكل الناس” (ص 74)، وأبطاله يحاربون من أجل الحرية المنشودة والمشتهاة “باريس تنوّع واختلاف، انسجام ومفارقات. شعب هانئ بحريته أطلق خياله فأبدع. الشعوب المقهورة عاجزة عن الإبداع. تفكر، فقط في كسر غلالها”. (ص. 244) فالإنجليزي يقتُل الفلسطيني بدم بارد في وضح النهار ، يحبس، يشلّح الأراضي ويعطيها للخواجات اللي أجوا من وراء البحار و”منكّد عيشتنا ومرمر حياتنا”.
للمرأة دور مركزي في الرواية لحمل الهم الوطني عبر بطلاته وردة ووفيقة ونبيلة، فهي شريكة في العمل والكدّ وخدمة القضيّة… والوطن. نبيلة المثقفة مناضلة تُسجَن وتُقاوم جلادّها رغم التعذيب لتصبح قدوة، ووفيقة تُهيّج وتُفعّل النساء وتُحرّضهن على النضال وتؤكّد على أهميّة مساندة الزّوجة لزوجها في النّضال والصّبر على غيابه: “آه لازم النسوان تصبر على غياب الحبايب. شو إحنا ملناش حصة بها الوطن! لازم إحنا كمان نساهم ونصبر.” (ص 74-75 ) فتتحوّل إلى ناشطة سياسيّة وقائدة للمظاهرات وتُسجن، أما وردة، حب الطفولة النّقيّ، ابنة الشّهيد يوسف الذي قتله الإنجليز، فهي الطّهارة والحضن الدافئ لعليّ بعد كلّ مظاهرة وجنازة لتداوي “جراحه” وتمثّل الوطن! وكذلك نرى دور “سمحا” اليهوديّة ، ناشطة سياسيّة مقدسيّة وميسّرة عليّ إلى الحزب الشيوعي الذي يهدف إلى طرد المستعمر الإنجليزي من البلاد وتحرير الوطن وبناء المجتمع الاشتراكي وساعدت في بلورة فكره الطبقي والسّياسيّ وكشفت له ماهيّة الاستعمار، الطبقيَة، الرأسماليّة، الماركسيّة اللنينيّة، فكانت دليلته ومرشدته وشريكته في مهمّته الحزبيّة الأولى ثمّ عاشا تجربة المنفى سويّة … في حيفا، وبمساعدتها تحرّر من “جذوره” ليفكّر بعقلانيّة ومنطق بعيدًا عن العواطف والمسلّمات، وساعدته في اكتشاف جسده وتحدي الثالوث المحرّم : الجنس، الدّين والسّياسة، معها تحرّرت روحه، أطرافه وارتعاشاته، تعرّف لأول مرة في حياته على جسد الأنثى وودّع، إلى غير رجعة، تربيته الطهرانية، رأى عليّ الأشجار ولم يرَ الغابة فعشق سمحا اليهوديّة رغم أنّ أبناء شعبها صادروا أرضه واغتصبوا وطنه. لميس تُصر على اختيار زوجها قائلة :”الاعتدال نعمة والتطرف في الأمور نقمة، والثبات على حالة واحدة جمود” (ص.112)، والجدّة تتمرّد على سلطة زوجها الجد وتوافق لميس الرأي “رايحة أحنّي لميس وأمشط جدولتها. وأرقص وأزغرد بعرسها – طرقت الباب وخرجت.(ص.114) وأولغا- مرافقته الروسيّة.
صوّر ياسين العادات والتقاليد ودلالاتها، الصغيرة والكبيرة، وإيحاءاتها. “في بلادي : اعتزاز الرجل حين يميل عُقالَه على رأسه، وغي المرأة حين تميل جرتها على رأسها!” (ص.28) وزواج ابو الياس (نصري) مع لميس أغضب الجد ولم تباركه الكنيسة لأنها كانت منذوره لابن عمها طارق.. فلجؤا إلى حيفا. وقضية طرد أمه من بلدتها لزواجها من غريب بعد مقتل زوجها وحرمانها، وابنها، من الميراث.
تناول ياسين قضية البعثات الحزبيّة للاتحاد السوفيتي، وتعلّم أبناء العالم الثالث في دول العالم الاشتراكي آنذاك وأثرها، ووصف بصدق ودقّة تلك الفترة التي عاشها بطله هناك، وكان مُنصِفا.
الكاتب ذو حسّ طبقي فهو يتناول وضع الفلاحين الفقراء، الشغيلة الغلابى المساكين، واستغلال ثروات المواطنين من قبل المستعمر الانكليزي وسياسة التجويع، ورغم ذلك يعي ازدواجية المعايير لدى رفاقه اليهود. “إنّكم تشمّون ماركس وتلحسون هرتسل”. وكذلك موقف النقابات اليهوديّة من مسألة تبديل العمّال العرب بعمّال يهود.
ويبرز حسّه الوطني كذلك : “يا ولدي! ديّة الشهيد، والصلح على دمه، “وطن حر” الانكليز بعدهم قاعدين على نافوخنا وبحضنهم اليهود” (ص. 33) وبطله كرس حياته باحثًا عن العدالة، فإن لم تكن للضحية حقوق على جلّادها، فلن يكون هناك عدل ولا إنسانية، وتكون العدالة حزينة والإنسانية مشوّهة فيصير الانتقام العدل فعلًا إنسانيًا. يمقت بيع الأراضي لليهود وسماسرتها. يمقت سياسة “فرّق تسد” التي أشعلت نار الفرقة بين المسلم والمسيحي، بين القرية والمدينة، بين المتديّن والعلماني.
تناول ياسين قصة عرب العفولة المهمّشة عن كتب التاريخ وتهجير أهلها وشرعنة الاستيلاء على أراضيها لإستيعاب مهاجرين جدد من اليهود وتنظيف الأرض من أهلها ، فهم أول المهجّرين الفلسطينيين، أول التهجير وبوابة ضياع الوطن، هجّرتهم الوكالة اليهودية التي تطمح بالبلاد خالية من سكانها الأصليين عام 1924! (ص. 100 + 176) حين تحالفت مع الإقطاعي العربي بحماية سلطة الحاكم البريطاني، راعي مشروعها الكولونيالي، لتحقيق المشروع الصهيوني وقضيّة غرباء جاءوا يمارسون اقتلاعًا ثم تهجيرًا يليه احتلال…تلك هي الملهاة الفلسطينية!!
كما ويلقي الضوء على التوليفة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، في تلك الفترة من النضال الوطني ودور الشيوعيين والصراع الطبقي والفكري بين العرب واليهود.
يعشق الأرض وطبيعتها وثمرها، سرّيسها وريحانها، ميرميّتها وسنديانها ولا يتنازل عنها “نحن لا نكره أشجارنا لأن الغرباء علقوا عليها أراجيحهم”!
سجن الانكليز عليّ يافعًا فغيّره السجن “ما كان، في حياتي، قبل السجن لا يشبه ما بعده. حياتي تغيّرت كلّيا”. (ص.44) فأصبح ثائرًا بالفطرة، والثورة تجري في عروقه وتتلوّن بلون دمه، وسُجِن عقب نشاطه السياسي والحزبي ومناهضة الانكليز و”إحداث فوضى وتخريب في البلاد” ، ولكنه كان يعتبر نفسه “سجين رأي” فأعلن إضرابا عن الطعام ورفض لباس السجين العادي.
يقول: “ينتصر السجان إذا هزم السجين”، سُجِن في زنزانة سجن عكا سيئ السمعة، ذاق الأمرّين، من عُزلة وجوع وبرد وبق وعري! أضرب عن الطعام وقضى تسعة عشر يوما متربّعا على المصطبة … وانتصر على سجّانه وهو يستعرض في مخيلته محنة الوطن، إعدام المناضلين “الثلاثة” وجنازتهم وفاجعة الشيخ المعمّم ورفاقه البررة.
في أحد أيام الإضراب دخل عليه مدير السجن، فهاله ما رأى. رأى شبحًا من العظمة والوقار، تقلّص الجسد وتجعد الوجه وأزرقَّ كثيرًا وغارت العيون في محاجرها. قال له: “ما هذا العذاب؟ كم من الزمن ستنتظر الموت، يا علي؟” أجابه من بين شفتين تتحرّكا بصعوبة : “أنا لا أنتظر الموت، إنما أنتظر الحياة الحرّة السعيدة…وُلِدنا للحرية”.(ص.233)
رجال المخابرات البريطانية جالوا على المعتقلين الشيوعيين في السجون وحثّوهم على السفر إلى إسبانيا، حتى أنهم عرضوا مساعدتهم وتسهيل أمور رحيلهم. زوّدوهم بجوازات سفر وكل الأوراق الثبوتية. أرادوا التخلص منهم. خمسة فلسطينيين شرفاء تحرّروا من سجون “عكا” و”القشلة” و”المسكوبية” إلى ساحة الحرب ضد الفاشية في صفوف الكتيبة الأممية. كانت إسبانيا ساحة النّضال ضد الظلم. وكأنّي أسمع تشي جيفارا يخطب أمامهم صارخًا :”أينما وُجِد الظلم فذاك وطني”!، فمفهوم النضال لا يتجزّأ. يقول عليّ : “أنا أتطوّع للحرب الأممية في إسبانيا، فلا يظنّن أحد أنّني أفعل ذلك هروبا من النضال القاسي الذي يخوضه الآن شعبي” (ص.236). “إنني متطوع عربي جئت لأدافع عن الحرية في مدريد.. وعن دمشق في وادي الحجارة.. وعن القدس في قرطبة.. وعن بغداد في طليطلة.. وعن القاهرة في قادس.. وعن تطوان في بورغوس!” (ص.270). جئنا إلى هنا لنحارب الفاشية وننتصر عليها. لأن الفاشية عدوّة الشعوب، تمنع منها السلام والسعادة والهدوء. بعد أن ننتصر، وسننتصر، نعود إلى الوطن. هناك العدو الأجنبي. حارب عليّ ببسالة في صفوف الثوّار، وفي السابع عشر من آذار 1938 شقّت رصاصة حنجرته واستقرّت في العنق، وبعد يومين لفظ أنفاسه في المستشفى، ومات موت الأبطال.(للتاريخ، شهادة الوفاة التي حُصِل عليها مؤخرًا تُثبت أن عليّ عبد الخالق توفيّ يوم 01.04.1938 وقبره في مقبرة مدينة البسيط “Albacete” الأندلسيّة).
يستخدم حسين ياسين تقنيّاته الفنيّة ببراعة، فنجد الإرهاص، أي الإشارة التي لا يكتمل معناها إلَّا لاحقًا في النصّ، كما يقول رولان بارت “روح كلّ وظيفة قصصيّة هي بذرتها، هي العنصر الذي يبذره السّرد لينضج فيما بعد” وهذا ما نراه في ذكره لإسبانيا (ص 9)، اغتيال الخندرا (ص.16)، “الخندرا عادت إلى وطنها الأم. عادت إلى إسبانيا في تابوت خشبي، عادت إلى طليطلة”(ص. 83) وراقص الماتادور الإسباني (ص. 152) وخوليتا الإسبانية في حفلة رأس السنة (ص. 155) وكذلك يبرع في استعماله لتقنيّة الاستباق، حين يتجاوز حاضر الحكاية وذكر حدثٍ لم يحنْ وقتُه بعد، ويتقن فن الاسترجاع في مونولوجاته حين يعيدنا الراوي إلى أحداث سابقة وذكريات وتخبّطات لتسليط الضوء على ما فات وحدث في الماضي، عن طريق التخييل دون التفريط بالوقائع والحقيقة.
لغة الكاتب شاعريّة انسيابية جميلة تعج بالحنين لأيام خوالي مع حيفا وكرملها الأشم :”حيفا خجولة مغناج تتيه بحمالها ورونقها. جمال ولهان” (ص.11)، ويضيف : “أمامي بيوت حيفا، لؤلؤ منثور على الشاطئ. أسمع قرع النواقيس وصوت الأذان” (ص. 33 )، ويافا، كلُ الكُلِ! “يافا تزداد مني بعدًا وأنا أزداد إليها حرقة. يافا تتلاشى في غيمة المساء ويرتحل الوطن في تباعد المسافات. أفق تلتهمه عتمة والكلّ في عماء. فتنسكب في النّفس كآبة الفراق” (ص 126). والقدس القديمة “كل ما فيها يحرّك الألغاز ويخيف المخيّلة، ويحرّكها فوق أماكن تملؤها أعظم ذكريات التاريخ، فيكتسب الوهم ما للحقيقة من صرامة..”(ص.241).
لغته عشقيّة رومانسية وأعجبني المونولوج بين عليّ ووردة :
“- وردة، ليش أنت حلوة هلقد؟ منين هاي الحلاوة جايبتيها؟
– ابن عمي أنت الحلاوة، ويمكن ع عيونك غباشة، بتشوف كل شيئ حلو.
– ع عيوني غباشي. وأنت النغاشة. وين أروح بهالقلب يا ربي!” (ص. 55)
وقوله “لا تغرق في الحياة بحثا عن أنثى. أغرق في الأنثى بحثا عن حياة”!
جاءت لغة الرواية “شعبية” جميلة وسلسة، متبّلة باللهجة الفلسطينيّة واستعماله للأمثال الشعبية كان موفّقًا بامتياز “الولد المشوم بجيب لأهله المسبّة”، “قاضي الأولاد شنق حاله”، “العين بصيره واليد قصيرة”، “الزلمة جنّا والمرأة بنّا”، “الولد ولد ولو صار قاضي بلد”، كبروها يا ناس بتكبر، صغروها بتصغر. الشر من شرارة”، “أصبح بشم تحت إبطه”، “رجعت الميّ صافية في مجاريها”، “اللي بوكل حمير العرب، بنزل تحت القرب”، “الذبان الأزرق ما بعرف وين دمها”، “اليد التي لا تستطع عضها، بوسها وادعي عليها بالكسر”، “الخيول تفهم فارسها، كما تفهم المرأة رجالها”، “ما ظلّ بالخم ريش، غير أنت يا ممعوط الذنب”، “البهدلة للكبير مش لايقة”، “خيرها بغيرها والجايات أكثر من الرايحات”، “المقروص بخاف من جرّة الجبل”، ” عملت عمايلها وأرحت سوالفها”، “هذا الشبل من ذاك الأسد”، ” مش كل مرّة بتسلم الجرّة”، “الطبيخ بدون الملح بكون مايع ودالع”، “الشمس ما بتتغطى بالعباءة”، “البارود بنحطش جنب النار”،” اللي بتحبل بالتبان بتخلف ع ظهور الحيطان”، “عرضهم بايح وأرضهم طايح”.
وكذلك الحال مع استعماله المُوفّق للكلمات العاميّة : لقلاقة، حلول، المستورة، السنجري، أنكجية، كلبة مجعلة، شخبلي، عفش، شوشرة، دشعت، اندسّت، بطشطش، البلاد المحلومة، نطيحها، تْعَلّكْ، مصلخات، صلج، تشقرق، زراب.
تظهير الكتاب يشكّل ملخص الرواية وهو متين ينفض غبار المعركة : “كانوا خمسة! خمسة رجال، أحلامهم كبيرة وأمانيهم عظيمة وطموحات سقفها سماء. خمس زنابق فواحة باسقة اشرأبت من ضفاف سواقي الوهن والضياع وانكماش الغدير….. امتشقوا بنادقهم يقاتلون من أجل سلامة البيت وعدم تمزقه من قبل صيارفة جاءوا من الغرب، يتداولوا مصير البلاد… مطاردين، مشردين من البيت، من المحراث والحقل ومن أحضان خلانهم. على باب الردى يقفون، منتصبي القامة يقفون. إن شاهدتهم! أبصرت حزمًا أبكمًا يتعمم بكوفية مرقطة. فوق الكتف بندقية وفي الوسط حزام الطلقات. خمسة مستقيمين، من خيرة أبناء الإنسانية المناضلة. قادتهم مبادئهم إلى ساحة الشرف، إلى اسبانيا المناضلة ضد الفاشية والنازية وكل موبوقات الرأسمالية” .
ياسين وعليّ يعشقان البلدة… والوطن. “آه يا بلادي… ما أجملك!” ويتداعيان مع المفكر إدوارد سعيد …لن نعرف الوطن إلا إذا غادرناه!
ملاحظة لا بدّ منها – تابعت الرواية، قبل وبعد صدورها، وشاركت عدّة أمسيات حولها (أُشهِرَت الرواية يوم 13.07.2017 في نادي حيفا الثقافي) وتركيز القراء والنقّاد على الجزء الاسباني يظلم عليّ وحسين ياسين… والرواية!!!
وأخيرًا، صدقت يا حسين : “النور يحارب الظلام وأنا أتحزب للإنسان، إنسان أنا!!!”
المحامي حسن عبادي