الدنيا دار إمتحان وإبتلاء
تاريخ النشر: 16/03/18 | 9:00ربنا سبحانه وتعالى جاء بنا إلى الدنيا ليمتحننا، قال تعالى:
﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ ﴾[سورة المؤمنون: 30]
لذلك قال تعالى:
﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ [سورة العنكبوت: 3]
ومن أدعية القرآن الكريم:
﴿وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَاناً نَصِيراً ﴾[سورة الإسراء: 80]
ومن أروع هذه الآيات تلك الآية؛ لأن الإنسان قد يدخل صادقاً لعمل، لمشروع، لدعوة، ويخرج منها غير صادق، وهو في وسط المعمعة تغريه المكاسب، تعميه القوة:
﴿وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَاناً نَصِيراً ﴾[سورة الإسراء: 80]
العبرة أن تصل للقمة وتبقى فيها صادقا
قد تصل إلى القمة، ولكن لن تبقى عليها، قد تهوي إلى الحضيض، البطولة أن تصل إلى القمة وأن تبقى فيها صادقاً، متواضعاً، ما من يوم أكثر فرحاً واعتزازاً ونشوةً وغبطة من يوم فتح مكة، هذه البلدة التي أخرجت النبي، وائتمرت عليه عشرين عاماً، نكلت بأصحابه، ناصبته العداء، حاربته مرات عديدة، فحينما دخلها محمد عليه الصلاة والسلام فاتحاً، وكانت عشرة آلاف سيف متوهجة تنتظر كلمة من شفتيه، قال: ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا: أخٌ كريم وابن أخٍ كريم، قال: اذهبوا فانتم الطلقاء. حينما دخل مكة عليه الصلاة والسلام دخلها متواضعاً حتى كادت ذؤابة عمامته تلامس عنق بعيره.
﴿وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَاناً نَصِيراً ﴾[سورة الإسراء: 80]
كم من إنسان دخل مُدخل صدق ولم يخرج مخرج صدق؟! زلت قدمه، اغتر بنفسه، اغتر بقوته، اغتر بعلمه، اغتر بمن حوله:
﴿وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَاناً نَصِيراً ﴾
من صفات الأنبياء الثابتة أن لهم لسان صدق في العالمين، قال تعالى:
﴿وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً ﴾[سورة مريم: 50]
المؤمن لا يكذب ولا يخون
يطبع المؤمن على الخلال كلها، إلا الكذب والخيانة.. المؤمن لا يكذب، والله سبحانه وتعالى يعزه، ويرفعه، وينصره، ولا يكذب، الكذب يتناقض مع الإيمان، تبيع وتشتري دون أن تكذب، تتعامل مع الناس بالصدق والصراحة والوضوح.
أيها الأخوة الكرام:
﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ﴾[سورة الأحزاب: 23]
هذا صدق الأفعال، وسوف ترد بعد قليل قصة تؤكد هذه الآية، لكن الله سبحانه وتعالى يريد منا أن نكون صادقين، ويقول جل جلاله:
﴿طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ ﴾[سورة محمد : 21]
والله سبحانه وتعالى أعدّ مقعد صدق عنده للطائعين الصادقين.
﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ﴾[سورة القمر: 54-55]