قصة الصحابي الجليل كعب بن مالك مع النبي الكريم
تاريخ النشر: 31/01/18 | 16:44صحابي جليل هو كعب بن مالك الأنصاري، تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض الغزوات، فلما جاء النبي من الغزوة، واستقبل المتخلفين، واستمع إلى أعذارهم واحداً واحداً، قبِل منهم أعذارهم واستغفر لهم، فلما جاء سيدنا كعب بن مالك الأنصاري، قال: يا رسول الله، ما كنت في حالة أقوى مني حين تخلفت عنك، ليس لي عذر، فقال عليه الصلاة السلام: أما هذا فقد صدق، ولأنه صدق تولى الله معالجته، أمر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام أن يقاطعوه، وقد قاطعوه خمسين ليلة، يقول هذا الصحابي الجليل بعد أن فرج الله عنه وتاب عليه: انطلقت إلى النبي صلى الله عليه وسلم – هو له قصة طويلة، لا يتسع المقام إلى ذكرها بالتفصيل، أعطيكم المقطع الأخير منها- فإذا هو جالس في المسجد وحوله المسلمون، وهو يستنير كاستنارة القمر، وكان إذا سُرَّ بالأمر استنار وجهه، فجئت فجلست بين يديه، فقال :أبشر يا كعب بن مالك بخير يوم أتى عليك منذ ولدتك أمك، فقلت يا نبي الله: أمن عند الله أم من عندك؟ قال بل: من عند الله ثم تلا تلك الآيات:
﴿لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [سورة التوبة: 117]
تاب الله على المخلفين بآية في كتاب الله
قال: وفينا أنزلت هذه الآيات، وأنزل أيضاً:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾[سورة التوبة: 119]
فقلت: يا نبي الله إن من توبتي ألا أحدث إلا صدقاً، وإن من توبتي أن أنخلع من مالي كله صدقة إلى الله وإلى رسوله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أمسك عليك بعض مالك، فهو خير لك، فقلت: سوف أمسك عليّ سهمي الذي بخيبر، قال: فما أنعم الله عليّ نعمة بعد الإسلام أعظم في نفسي من صدقي..
الصدق منجاة والكذب مهواة
ثمانون منافقاً قدموا له أعذاراً مقبولة، وقبلها النبي، واستغفر لهم فلما جاء كعب بن مالك الأنصاري قال يا رسول الله: إني أوتيت جدلاً، ولو جلست إلى أحد من الدنيا لخرجت من سخطه، ولكني أجمعت أن أصدقك، حين تخلفت عنك ما كنت في حالة أقوى، ولا أيسر، فقال عليه الصلاة والسلام أما هذا فقد صدق.. الصدق منجاة، والكذب مهواة.
أيها الأخوة الكرام: قال هذا الصحابي الجليل: ” فَمَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ نِعْمَةً بَعْدَ الْإِسْلَامِ أَعْظَمَ فِي نَفْسِي مِنْ صِدْقِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ صَدَقْتُهُ أَنَا وَصَاحِبَايَ، وَلَا نَكُونُ كَذَبْنَا فَهَلَكْنَا كَمَا هَلَكُوا، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَلَا يَكُونَ اللَّهُ أَبْلَى أَحَدًا فِي الصِّدْقِ مِثْلَ الَّذِي أَبْلَانِي، مَا تَعَمَّدْتُ لِكَذِبَةٍ بَعْدُ وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَحْفَظَنِي اللَّهُ فِيمَا بَقِيَ ”
أيها الأخوة الكرام: هذا الصحابي، الذي تخلف عن رسول الله وارتكب كبيرة، والتخلف من الكبائر، ومع ذلك حين صدق الله، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، تولى الله معالجته، وأنقذه، وتاب عليه، وعفا عنه، وصار من كبار الحصابة.