مثقفونا والفيمنست وجدوا جنازة فليشبعوا لطما
تاريخ النشر: 17/01/18 | 12:12مثقفونا بلا عقول تحلل وما أسرع الاستنتاج عندهم
لا يكلفون أنفسهم عناء السؤال لماذا، فأقصى تفكيرهم أننا (مجتمع متخلف رجعي جاهلي، ذكوري) هذه أول ما تفيض به قرائحهم ثم يفيض نهر التحليل.
لقد شوهوا سمعة الفتاة وهم يتوهمون أنهم يدافعون عنها
القتل مرفوض ومدان تحت أي مسمى كان.
أنتم/ن المتخلفون والدونيون وليس المجتمع
إن مجتمعًا فيه من ينقد أفعال أفراده ويرصدها هو مجتمع معافى وليس متخلفا
تنشر شرطة إسرائيل تحليلا مفبركا في الغالب (لا أقصد حادث الأمس، بل بشكل عام) فيبدأون بالتقاط ما فيه كالطير وقعت على الحب بفتح الحاء لا ضمها، ولكونهم مثقفين كما يسمون في المجتمع، تأتي استنتاجاتهم على ما فينا من خير سابق ولاحق، وهو ما أرادته الشرطة وتريده، والدولة بظهرها، عندما سوَّقت الشرطة تحليلها للحدث.
أما الفيمنست أعاذنا الله منهم ومنهن، لأن منهن بعض الذكور، مجرد ذكور بالخلقة لا أكثر، فما إن يقع الحدث حتى تعقد مجالس اللطم وتدعى النوائح المستأجرة، ليصل صوت الندب أبعد بقعة تحت الشمس، فنحن مجتمع جاهلي متخلف ذكوري متسلط على المرأة، ويجب أن تتحرر المرأة منا ومن عقدنا وتخلفنا.
إن اول من أطلق مصطلح شرف العائلة كانت الشرطة الاسرائيلية (نهاية ثمانينات القرن الماضي) وتم تصديره إلينا أو فرضه علينا وصار من قاموسنا، وهو مصطلح خاطئ لكن هناك من يلح في استعماله، رغم أنه لا علاقة للعائلة بهذا..
بعد وقوع محاولة الاغتيال زلزلت عقول وأمخاخ الفيمنست بيننا وبدأ الردح وهؤلاء ينتظرون الجنازة ليشبعوا لطما كالعادة، فما إن تقع أي جريمة ضد أنثى تحديدا، حتى يتدفق سيل الشتم والنقد الجارح والأوصاف التي تحتاج لوحدها معجما.
إن جريمة قتل المرأة بنفس المواصفات في المجتمع اليهودي، يسمونها (على خلفية عاطفية) والشرطة أول من يسميها بهذا الاسم، وعندنا تسميها نفس الشرطة (خلفية شرف العائلة)، والمصيبة في الرعاع والغوغاء بيننا وإن زعموا أنهم مثقفون ومتنورون، فهم يلتقطون ما ترمي الشرطة إلينا وعلينا ويبدأون اللطم.
إذا سألت أي فرد في مجتمعنا، ذكرا أو أنثى، عن القتل بشكل عام فهو يرفضه من أصله ولا يقره.
إن مجتمعا أنتج (لن أقول أنجب) أمثالكم/ن، وأنكم تنتقدون وتجرحون المجتمع بكل لسان، وترصدون أفعال أفراده (السلبية حصرا، لأنكم لا ترصدون الخير في المجتمع) ولا تسكتون، دليل أنه مجتمع معافى وليس مريضا ولا متخلفا ولا ذكوريا، فأنتم جزء منه ولو كان متخلفا فأنتم متخلفون رعاع.
أقتبس ما كتبه زميلنا الدكتور محمود خطيب حول ظاهرة القتل والمصطلح المفروض علينا (حالات قتل النساء في المجتمعات الاخرى، حتى الغربية منها، التي تكون بسبب علاقة مشتبهة مع رجل أكثر من مجتمعنا.. لكن هنالك لا يطلق عليها اسم مستفز مثل “شرف العائلة” وايضا أبناء هذه المجتمعات لا يشعرون بالدونية والهزيمة النفسية فيتهمون مجتمعاتهم بالتخلف وأقذر الاتهامات..
وقد استمعت مرة الى باحث يهودي في الراديو وهو يناقش فيمنستيت عربية (نسوية) تتهم مجتمعنا العربي “الشرقي” “الذكوري” بأقذر الاهتمامات، فقال لها ان حالات القتل في المجتمع اليهودي على هذه الخلفية اكثر من مجتمعنا العربي وكان يتحدث عن معطيات رسمية ..
99،99% من الحالات في مجتمعنا يتم طبطبتها.. القتل مرفوض تحت اي سبب.. لكن مرفوض اكثر منه الشعور بالدونية والهزيمة النفسية والتعميم..).
وفي غمرة هذا الهرج المحلي والمستورد، لا تجد أحدا يسأل عن السبب والمسبب، فالكل يملك الإجابة وينشر نتائج تحليله، وهو أجهل الخلق بالخلق.
لم ينشر أي بيان رسمي عن أسباب ما حصل أمس، من محاولة اغتيال الطالبة من العزير، لكن جميع الكتابات صبت في خانة واحدة (خلفية شرف العائلة) وهي خانة صاحبتها الشرطة حصرا وهي من أصَّلتها فينا، ونحن كنا سوق ترويج لها..
حتى الآن لا أحد يعلم حقيقة ما جرى أمس، ولا أسباب الحدث ودوافعه، لكن سبحان الله، الكل حلل وتوصل إلى نتيجة، ونشر نتيجة ما توصل إليه وكله يصب في خانة واحدة (خلفية شرف العائلة).
لقد شوهوا سمعة الفتاة وشرفها بما كتبوه وهم يتوهمون أنهم يدافعون عنها، فلم ينتظر أحد منهم أَنْ تظهر حقيقة ما جرى ودافعه، بل راحوا يُشرِّقون ويغربون في استنتاجاتهم، ونسوا أنهم يشوهون سمعة فتاة لا علم لها بما يقولون ولم تقترف جريمة، وزاد الطين بلة تلك الإشاعات المقرفة أَنَّ خلفية الحدث علاقة مشبوهة، ليتبين في النهاية أَنْ الفتاة خجولة ولا علاقات لها.
لماذا لا نتريث حتى يتبين لنا الخيط الأبيض من الخيط الأسود؟، ونسارع قبل الضوء ونسبقه لنشر الإشاعات، لماذا نشيع أن كل محاولة قتل أو قتل هي على خلفية (شرف العائلة)، لماذا نحن مغفلون إلى هذا الحد، أقصد من يسمون مثقفين.
تحدث جرائم قتل في الوسط اليهودي على نفس الخلفية أكثر مما يحدث عندنا، ولا نسمع شيئا، ثم لا تسمي الشرطة الجريمة هناك (شرف العائلة) بل (خلفية رومانسية أو خلفية عاطفية) وهي نفس الجريمة والدوافع، فلماذا لا نسمي الجريمة عندنا بهذا الاسم؟ ونتوقف عن تبني ما ترمي لنا الشرطة عمدا، وهدفها أن نظل نشعر بدونية، وكثيرون بيننا يحققون للشرطة ما تريد لعل جيناتهم فيها جين الدونية.
بقلم: محمود مرعي