المرأة في المنظور الإسلامي …رؤية معاصرة
تاريخ النشر: 02/02/18 | 5:10احدث الاسلام طفرة في التعامل مع المرأة فكرمها ايما تكريم ورفع من قدرها وتحدث عن فضلها واوجب لها حقوقا مساوية للرجل علي نحو لم تشهده الحضارات السابقة علي الاسلام. كما حملت سورة من القرأن اسمها : النساء وفي سورتي النساء والطلاق اللتين تناولتا كل ما يخص المرأة وطبيعتها علم القرآن العالم لاول مرة علم المصطلحات الذي تقوم عليه العلوم الحديثة الان فلكل علم لغته ومصطلحاته المحدده التي تحمل معاني قاطعة لا تحتمل الشك فتجد مصطلحات الحيض -النفاس -الطلاق-العدة وغيرها فيجملها القران في مصطلحات ثم يعود لتفصيلها علي نحو دقيق ..
وحينما ننطلق الي الشق العملي في طريقة التعامل مع المرأة بالاسلام نجدها تنقسم بشكل واضح الي قسمين :قسم يختص بتعامل النبي صلي الله عليه وسلم مع المرأة والقسم الاخر طريقة تعامل العلماء و الفقهاء القدامي مع المرأة..وكلا القسمين علي النقيض تماما من الاخر ..فطريقة تعامل النبي مع المرأة كانت في غاية اللطف والاعتراف بكيان المرأة وحسن معاشرتها وكانت كل تصرفاته معها هي الطريقة المثالية لاي رجل جنتلمان بالمعني العصري بينما طريقة تعامل الفقهاء القدامي ومن حذا حذوهم كانت مليئة بالبداوة وعالق بها الكثير من افكار الجاهلية الاولي و نوجز في نقاط اهم الجوانب التي ميزت النبي صلي الله عليه وسلم في تعامله مع المرأة:
١-المرأة ككيان رقيق يحتاج الرعاية والحماية والرفق وحديث النبي:( رفقا بالقوارير) قد ورد بعدة ألفاظ متقاربة, منها: «ارفُقْ – يا أَنْجَشَةُ وَيْحك – بالقوارير»، «رويداً يا أنجشة، لا تكسِرْ القوارير»، «أيْ أنجشة، رويدَك سَوْقَك بالقوارير», ونحوها من الألفاظ المتقاربه. وكانت مناسبة الحديث أن أنجشة وهو صحابي حبشي أسود حَسَن الصوت – اتخذه النبي سوّاقاً لنسائه- كان يسوق بهن مرة في سفر وكانت أم سُلَيْم راكبة معهن وكان يحدو – وكان حَسَن الصوت بالحُداء – فاشتد في السِّياقة فلما رأى منه صلي الله عليه وسلم ذلك أمره بالترفُّق بالنساء. والقوارير تعني الزجاج وهو ما يعني ان اقل شيء يؤثر في المرأة وهو ما يرسخ الامر باللين مع هذا المخلوق الرقيق .
٢- اقر المصطفي صلي الله عليه وسلم حق المرأة في اختيار زوجها فيقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: (لا تنكح الأيم حتى تستأمر, ولا تنكح البكر حتى تستأذن. قالوا يا رسول الله!: إنها تستحي – يعني البكر – قال: إذنها صماتها) إذنها سكوتها, وقال – صلى الله عليه وسلم -: (البكر يستأذنها أبوها وإذنها صماتها), وجاءت إليه امرأة بكر فقالت: يا رسول الله! إن أبي زوجني وأنا كارهة فخيرها النبي – صلى الله عليه وسلم وكذلك اقر بحقها في الانفصال عنه فطلق المرأه التي شكت له واقر كذلك بحق المرأة في خلع زوجها لمجرد انه لا يعجبها فحدثنا أزهر بن جميل حدثنا عبد الوهاب الثقفي حدثنا خالد عن عكرمة عن ابن عباس أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين ولكني أكره الكفر في الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته قالت :نعم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقبل الحديقة وطلقها تطليقة. كما كان النبي في غاية النبل والمروءة حينما اعاد الفتاة التي رفضت ان تقترن به وعلي الرغم من غلاظة قولها الا انه ردها لاهلها بكل احترام واعزاز حيث يروى البخاري هذه القصة في صحيحه عَنْ أَبِى أُسَيْدٍ رضى الله عنه قَالَ 🙁 خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى انْطَلَقْنَا إِلَى حَائِطٍ يُقَالُ لَهُ الشَّوْطُ ، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى حَائِطَيْنِ ، فَجَلَسْنَا بَيْنَهُمَا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : اجْلِسُوا هَا هُنَا . وَدَخَلَ وَقَدْ أُتِىَ بِالْجَوْنِيَّةِ ، فَأُنْزِلَتْ فِي بَيْتٍ فِي نَخْلٍ فِي بَيْتٍ أُمَيْمَةُ بِنْتُ النُّعْمَانِ بْنِ شَرَاحِيلَ ، وَمَعَهَا دَايَتُهَا حَاضِنَةٌ لَهَا ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : هَبِي نَفْسَكِ لِي .
قَالَتْ : وَهَلْ تَهَبُ الْمَلِكَةُ نَفْسَهَا لِلسُّوقَةِ . قَالَ : فَأَهْوَى بِيَدِهِ يَضَعُ يَدَهُ عَلَيْهَا لِتَسْكُنَ . فَقَالَتْ : أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ . فَقَالَ : قَدْ عُذْتِ بِمَعَاذٍ . ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا ، فَقَالَ : يَا أَبَا أُسَيْدٍ اكْسُهَا رَازِقِيَّتَيْنِ وَأَلْحِقْهَا بِأَهْلِهَا ) وقد تكرر هذا الامر مع صفيه بنت بشامة التي كانت في سبي النبي وخيرها فأختارت زوجها.بالطبع كان للكتاب القدامي رأي اخر في القصتين فجعلوا المرأة الاولي هي المرأة الشقية اما المرأة التي اختارت زوجها فهي ملعونة بني تميم !! مع ان كلا المرأتين مارسا حقهما الطبيعي في رفض الزواج حتي ولو كان من النبي صلي الله عليه وسلم ذاته وتقبل النبي منهما ذلك واكرمهما .
٣- اقرار النبي صلي الله عليه وسلم لحق المرأه ووليها في رفض التعدد اذا كان لا يتناسب مع وضعها فرفض النبي صلى الله عليه وسلم لزواج علي ـ رضي الله عنه وزوج ابنته فاطمة من بنت أبي جهل وكانت مسلمه وقتها وقد مات ابوها الكافر لم يكن لكراهية النبي الجمع بين بنت عدو الله وبنت رسول الله، فالقرآن الكريم يعارض هذا بقوله تعالي :(ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى ) وانما كان السبب هو الخوف علي مشاعر ابنته وهو ليس استثناءا خاص بالسيدة فاطمة كما ذهب الفقهاء فلا يمكن ان يرتضي النبي لنساء المسلمين ما لا يرتضيه لبنته بل كان تقرير لقاعدة حق المرأة وولي امرها في تقرير مصيرها اذا اراد زوجها الزواج بأخري وفق وضعها ورؤيتها..
٣-احترام ازواجه فكان يذكر السيدة خديجه زوجته الاولي بكل خير قالت عائشة رضي الله عنها : كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا ذكر خديجة لم يكد يسأم من ثناءٍ عليها واستغفارٍ لها ، فذكرها يوما ، فحملتني الغَيرة ، فقلت : لقد عوضك الله من كبيرة السن. قالت : فرأيته غضب غضبا . أُسْقِطْتُ في خلدي وقلت في نفسي : اللهم إنْ أذهبتَ غضبَ رسولك عنّشي لم أعُدْ أذكرها بسوء . فلما رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- ما لقيت ، قال : كيف قلت ؟ والله لقد آمنت بي إذ كذبني الناس ، وآوتني إذ رفضني الناس ، ورُزِقْتُ منها الولد وحُرِمْتُمُوه منِّي قالت : فغدا وراح عليَّ بها شهرا.
٤-حينما غضب من زوجاته كان الهجر في أدب النبوة أسلوبا مفضلاً للعلاج، فقد هجر الرسول زوجاته يوم أن ضيقن عليه في طلب النفقة.. وهو نفس تصرفه مع زوجته السيدة عائشة في حادثة الافك ولم يضرب احدا من ازواجه ابدا فكان مثلا اعلي وقدوة يحتذي بها في بيته النبوي الشريف.
٥-حسن معاشرته لزوجاته ولطفه الشديد في التعامل معهن وَكَانَ مِنْ أَخْلَاقه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ جَمِيل الْعِشْرَة دَائِم الْبِشْر , يُدَاعِب أَهْله , وَيَتَلَطَّف معهم وَيُضَاحِك نِسَاءَهُ حَتَّى إِنَّهُ كَانَ يُسَابِق السيدة عَائِشَة َ رَضِيَ اللَّه عَنْهَا فقَالَتْ سَابَقَنِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَبَقْته وَذَلِكَ قَبْل أَنْ أَحْمِل اللَّحْم , ثُمَّ سَابَقْته بَعْدَمَا حَمَلْت اللَّحْم فَسَبَقَنِي فَقَالَ ” هَذِهِ بِتِلْكَ ” وكان َيَجْمَع نِسَاءَهُ كُلّ لَيْلَة فِي بَيْت الَّتِي يَبِيت عِنْدهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَأْكُل مَعَهُنَّ الْعَشَاء فِي بَعْض الْأَحْيَان ثُمَّ تَنْصَرِف كُلّ وَاحِدَة إِلَى مَنْزِلهَا . ويقول الحافظ ابن حجر: (ووقع في مغازي أبي الأسود عن عروة فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم لها فخذه لتركب فأجلت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تضع رجلها على فخذه فوضعت ركبتها على فخذه وركبت)وهل في تصرفه الكريم مع السيده صفيه زوجه في هذه القصة ما يختلف عن تصرف الرجل العصري الذي يجعل المرأة في المقدمة (كما يقول الغربيون السيدات اولا ) .كما حلل الكذب لارضاء المرأة وتدليلها واطرائها في مراعاة لطبيعة المرأة وفطرتها وحبها للكلمات الرقيقة التي تضفي علي الحياة الزوجية رونقا وتحافظ علي حيوية هذه العلاقة فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لَا يَحِلُّ الْكَذِبُ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ : يُحَدِّثُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ لِيُرْضِيَهَا ، وَالْكَذِبُ فِي الْحَرْبِ ، وَالْكَذِبُ لِيُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ ) . كما نجد انصهارا روحانيا رقيقا في حديث ضعيف عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(( إن الرجل إذا نظر إلى امرأته, ونظرت إليه, نظر الله تعالى إليهما نظرة رحمة , فإذا أخذ بكفها تساقطت ذنوبهما من خلال أصابعهما )).
.سيدي القاريء آن لهذه الصور الجميلة المتلاحقة ان تتوقف لتطل في المقابل علي ما كتب العلماء الاجلاء القدامي من داخل بيت النبي الكريم ونختار منها قصة مؤسفة لا تتفق مع سمو البيت النبوي فتزعم القصة أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى منزل حفصة فلم يجدها وكانت قد خرجت إلى منزل أبيها، فدعا مارية إليه وقيل في روايات اخري فتاته !!!!!، وأتت حفصة فجأة لتجد النبي علي فراشها مع جاريته او فتاته ، فقالت يا رسول الله: في بيتي وفي يومي وعلى فراشي، فقال: إني أسر إليك سراً فاكتميه وحرم الجارية علي نفسه ارضاء لحفصة غير انها لم تكتمه وقصته علي عائشة رضي الله عنها ..بالله عليكم اي عقل يقبل مثل هذه القصة واي قيمة لها حتي يتناقلها من اطلقوا علي انفسهم علماء غير الاضرار بصورة النبي وتصويره شهوانيا لا يملك نفسه عن مجامعة النساء !!!!!الحقيقة انني استغرب هؤلاء العلماء الذين انبروا يضعفوا احاديث عن الحب والعشق منسوبة للنبي لاستحالة متنها ثم يتركوا هذه القصة ويجعلونها تفسيرا للقرآن !!!!!!
٦- كان النبي صلي الله عليه وسلم يعلم زوجاته وبناته أمور الدين والصلاة وتلاوة القرآن ومساعدة المحتاجين حتى أصبحن نموذجاً يقتدي به المسلمون
٧-نبله في الزواج فيتزوج سيدة في الثمانين بعد وفاة زوجها وقد صارت لا عائل لها وهي السيدة سودة بنت زمعة ـ رضي الله عنها ـ أول أرملة في الاسلام وكانت مسنة غير ذات جمال، ثقيلة الجسم،و كانت تشعر أن حظها من قلب الرسول هو الرحمة والشفقه وليس الحب، فأراد النبي أن يسرحها سراحًا جميلاً كي يجنبها وضع شعر أنه يؤذيها ويدمي قلبها، فأذهلها عزم النبي علي طلاقها ومدت يدها مستنجدة فأمسكها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالت: والله ما بي على الأزواج من حرص، ولكني أحب أن يبعثني يوم القيامة زوجة لك وقالت له: ابقني يا رسول الله، وأهب ليلتي لعائشة فيتأثر صلى الله عليه وسلم لموقف سودة العظيم؛ فيحنو عليها ويبقيها زوجة له معطيا ايانا درساً عظيما في المروءة صلى الله عليه وسلم والرفق بالمرأة.
علي النقيض تجد بعض الكتاب المسلمين القدماء يروي قصصا تسيء للنبي بشكل كبير وتصوره شهوانيا بشكل لا يليق بالمقام النبوي ففي الطبقات الكبرى لأبن سعد باب ذكر من خطب النبي صلي الله عليه وسلم من النساء فلم يتم نكاحه عن ضباعه بنت عامر فينقل عن أبن عباس قوله انها: كانت من أجمل نساء العرب وكانت إذا جلست أخذت من الأرض شيئا كثيرا (كبيرة المؤخرة).. فذكر جمالها عند النبي فخطبها إلي ابنها سلمة فقال :حتى استأمرها وقيل للنبي أنها كبرت فلما رجع أبنها للنبي بموافقتها انصرف النبي عنها!!!!!.غير ان الحافظ ابن حجر في الاصابة يضيف اضافة قيمة فاتت اخيه ابن سعد !!! وعن أبن عباس ايضا انه قال أن النبي رأى ضباعة داخل البيت( أي الكعبة عريانة) وكان النبي غلاما فجعلت تخلع ثوبا وتقول :
اليوم يبدو بعضه أو كله ما يبدو منه لا أحله
أخسم كالقعب باد ظله كأن حمى خيبر تمله.
٨- معايير اختيار الزوجة الصالحة في الاسلام حددها النبي صلي الله عليه وسلم – في الحديث الصحيح: (تنكح المرأة لأربع: لمالها, ولجمالها, ولحسبها, ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك) كما ان الحب يعتبر سببا جوهريا للزواج قال رسول الله صلى الله وعلية وسلم: (ما رأيت للمتحابين خيرا من النكاح).. انظر الي هذه الكلمات الرائعة التي تحمل معني وقيمة ثم قارن ذلك بأختيار النبي ضباعه لكبر مؤخرتها ثم انظر عند الاخوة الشيعة لحديث أبي عبدالله (عليه السلام) قال: أتى النبي (صلى الله عليه وآله) رجل فقال: يا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، إنّي أحمل أعظم ما يحمل الرجال، فهل يصلح لي أن آتي بعض ما لي من البهائم، ناقة أو حمارة، فإن النساء لا يقوين على ما عندي؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله تبارك وتعالى لم يخلقك حتى خلق لك ما يحتملك من شكلك، فانصرف الرجل فلم يلبث أن عاد إلى رسول الله (عليه السلام) فقال له مثل مقالته في أول مرة، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): أين أنت من السوداء العنطنطة (طويلة العنق في دلالة علي اتساع الرحم !!) قال: فانصرف الرجل فلم يلبث أن عاد فقال: يا رسول الله، أشهد أنك رسول الله (صلى الله عليه وآله) حقا، إني قد طلبت من أمرتني به فوقعت على شكلي مما يحتملني (وقد أقنعني) ذلك وهكذا وللاسف انصرف الكتاب السنة والشيعة في تصوير سيد المرسلين علي هذه الصورة الشهوانيه فتارة يختار امرأة لكبر مؤخرتها وتارة يصف لرجل شاذ روشتة بالمرأة السوداء طويلة العنق فتكون الوصفة الجنسية سببا في اسلامه!!!!!!!
نأتي الي القسم الثاني :وهو تعامل الفقهاء والعلماء القدامي وبعض المعاصرين مع المرأة
الحقيقة ان الفقهاء القدامي ومن سار علي دربهم لم يعيروا انتباها لهذه الصور المضيئة من حياة النبي وتركوا الكثير منها دون تأصيل فأضاعوا فرصة البناء عليها والغزل منها لفقه عصري يليق برسالة الاسلام وحضارته و ملائما للمرأه الجديدة التي تحررت من ربقة العبودية بالدخول في الاسلام وليس العكس وهذه الصناعة لهذا النسيج الفقهي لن تكون متكلفه ابدا فهي ظاهرا وباطنا جزءا لا يتجزيء من مباديء الاسلام التي اوضحناها من خلال صور حقيقية من حياة النبي مع ازواجه لكن الفقهاء القدامي نحو منحي مختلف ومضوا في اثر خطبة غريبة لسيدنا عمر بن الخطاب حيث يزعمون انه قال : (ما بال رجال لا يزال أحدهم كاسرًا وساده عند امرأة مغيبة ، يتحدث إليها ، وتتحدث إليه؟ عليكم بالجنبة فإنها عفاف ، فإنما النساء لحم على وضم إلا ما ذبَّ عنه.) فهل يستقيم هذا مع اختيار عمر بن الخطاب الشفاء بنت عبد الله لتولي لمنصب الحسبة وهي من الولايات العامة ام نسي انها من اللحم المذكور في الخطبة!!!! …وأصبحت المرأة من وقت تدوين هذا الاثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كاللحم الذي يخشي عليه في حط رهيب من قدر المرأه والتقط هذا التشبيه اغلب علماء السلف وفي مقدمتهم ابن تيميه وراحوا يتفننون في اضافة المسميات لهذا اللحم الي ان وصل عند الامام القرطبي الي تشبيه المرأة بالنعجة ففي (الجامع لأحكام القرآن ) يقول فى تفسيره لآية{ إِنَّ هَذَا أَخِى لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً } ما نصه:«والعرب تُكنِّى عن المرأة بالنعجة والشاة؛ لما هى عليه من السكون والمعجزة وضعف الجانب!!. وقد يُكنَّى عنها بالبقرة والحجرة والناقة، لأن الكل مركوب»!!!.كما ساوا بين المرأة والكلب في قطع الصلاة !!! والحقيقة ان علماء السلف سبقوا داروين في أصل الانواع بقرون طويلة في مسألة المساواة بين الانسان والحيوان بل واجتازوه واعتقد ان داروين لو اطلع علي هذه التشبيهات لوجد في كتب التراث الاسلامية ضالته وتوسع في نظريته الي ان اصل الانسان يشمل النعجه والبقرة والكلب وليس القرد فحسب !!!! والافت ان زوج النبي صلي الله عليه وسلم السيدة عائشة تنبهت لهذه المسألة مبكرا وحاولت تصحيحها فقد أخرج البخارى ومسلم: «عن عائشة: ذكر عندها ما يقطع الصلاة، الكلب والحمار والمرأة، فقالت:( شبهتمونا بالحمر والكلاب، والله لقد رأيت النبى صلى الله عليه وسلم يصلى، وإنى على السرير، بينه وبين القبلة مضجعة، فتبدو لى الحاجة، فأكره أن أجلس، فأوذى النبى صلى الله عليه وسلم، فأنسل من عند رجليه) وكما يتضح من الحديث أن الاضطجاع أو النوم أمام المصلى هو أشد من المرور من أمامه فالاضطجاع حدث مستمر والمرور حدث لحظي فأيهما يصرف انتباه المصلي منطقيا؟!!! وأن ذلك الحدث الذى روته كاف لرد هذه الاقوال الا انه تم الالتفاف عليه ضمن التأويل والجمع بين الروايات ..تنتقل من عالم الحيوان الي عالم الانسان لنتتقل الي توصيفات اخري للمرأة ولكن هذه المره باعتبارها نصف انسان بلا ارادة فابن كثير في تفسيره ينقل عن ابن عَبَّاس تفسير قَوْله ” وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ ” باعتبار ان السفهاء في الاية َ هُمْ ابناءك وَالنِّسَاء. تصور !!!!! وهو ماذهب اليه الطبري في تفسيره عَنْ الْحَسَن قَالَ : (النِّسَاء وَالصِّغَار , وَالنِّسَاء أَسْفَه السُّفَهَاء ) فأذا كانت المرأة سفيهة فكيف نرد علي حديث البخاري من أن أبو سفيان قد منع النفقة عن زوجته فاشتكت للنبي صلى الله عليه وسلم فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : ( خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ) فلو كانت المرأة سفيهة بل واسفه السفهاء هل كان النبي يترك لها تقدير ما يكفيها ويكفي ولدها من مال الزوج؟!! . نأتي الي نقطة هامة وهي علاقة الرجل بالمراة في الاسلام فلقد وضع القران دستورا لهذه العلاقة في آياته الكريمة عنوانها: المودة والرحمة قال تعالي 🙁 وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون)َ هل تأملت معاني الاية الكريمة سيدي القاريء ؟ الان عليك ان تهبط الي اسفل سافلين وتنظر الي هذه العلاقة في ادني صورها عند العلماء المسلمين ونسلط الضوء علي ابن كثير فنجده يتعرض لهذه العلاقة عند تفسيره لقُوله تَعَالَى ” الرِّجَال قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء ” فيقول في معني قوامون 🙁 أَيْ الرَّجُل قَيِّم عَلَى الْمَرْأَة أَيْ هُوَ رَئِيسهَا وَكَبِيرهَا وَالْحَاكِم عَلَيْهَا وَمُؤَدِّبهَا إِذَا اِعْوَجَّتْ ” بِمَا فَضَّلَ اللَّه بَعْضهمْ عَلَى بَعْض ” أَيْ لِأَنَّ الرِّجَال أَفْضَل مِنْ النِّسَاء وَالرَّجُل خَيْر مِنْ الْمَرْأَة وَلِهَذَا كَانَتْ النُّبُوَّة مُخْتَصَّة بِالرِّجَالِ وَكَذَلِكَ الْمَلِك الْأَعْظَم) فالصورة القرانية التي ساوت بين الرجل والمرأة واقرت وحدة الجنس البشري في قوله تعالي : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً) شوهها هؤلاء العلماء علي نحو لا يمكن قبوله فجعلوا جنسا مقدما علي جنس اخر وفي نهاية حديثنا في هذه الجزئية لايمكننا ان نمضي دون ان نعرف رأي شيخ الاسلام ابن تيمية في العلاقة بين الرجل والمرأة والتي شبه فيها المرأة بالاسير !!!!
.. بالطبع سوف يثور الكثير علي نقدنا لهذه التفاسير والاراء لان النقل مقدم علي العقل !! فهل يا تري تستطيع ان تستخدم هذه القاعدة حينما يتحدث الفقهاء القدامي والمفسرون من ان فترة الحمل سنتين وثلاثه وفي اقوال خمس سنوات وعشر سنوات فأعتقد اننا بحاجة الي الغاء العلم ايضا وليس العقل فقط فالإمام القرطبي يتحفنا في تفسيره الجامع لاحكام القرآن في معرض تفسيره لسورة الطلاق في المتوفى عنها زوجها وتشك أنها حامل عليها أن تنتظر إلى خمسة أعوام في انتظار الوضع وزاد أبن العربي بجواز انتظارها عشرة سنوات وهذا نصه : فإن ارتابت بحمل أقامت أربعة أعوام، أو خمسة، أو سبعة؛ على اختلاف الروايات عن علمائنا. ومشهورها خمسة أعوام؛ فإن تجاوزتها حَلَّت. وقال أشهب: لا تحلّ أبداً حتى تنقطع عنها الرِّيبة. قال ابن العربي: وهو الصحيح؛ لأنه إذا جاز أن يبقى الولد في بطنها خمسة أعوام جاز أن يبقى عشرة وأكثر من ذلك!!!!!!. فهل يا سيدي القاريء فهم القدامي واجتهاداتهم المخالفة للعلم والمنطق والعقل علي هذا النحو صالحة لعصرنا وتكفي ان نغلق معها باب الاجتهاد!!!!
اما ما استند اليه بعض الفقهاء من كون المرأة نصف انسان في مسألتي الشهادة والميراث فموضوع نصيب المرأة في الميراث بحسب الشريعة الاسلامية علي النصف من الرجل فهو في حالة واحدة فقط وهناك ثلاث حالات اخري للمرأة في المواريث الأولي فيها :تأخذ المرأة مثل الرجل. والثانية تأخذ المرأة أكثر من الرجل. والثالثة : أن ترث المرأة ولا يرث الرجل.وبالتالي فلا يصح الاستناد الي هذه الاية الكريمة:( يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ ۚ) في الانتقاص من انسانية المرأة وواعتبارها نصف انسان !!اما فيما يخص شهادة المرأة وانها علي النصف ايضا فلا يعني ابدا ان المرأة اقل من الرجل فالمرأة ليست وحدها التي تقع فريسة للنسيان فالرجل ايضا عرضة لذلك الا ان الدراسات الحديثة فصلت الفرق بين الرجل والمرأة في النسيان فأظهرت دراسة حديثة أن الرجال يواجهون صعوبة أكبر في تذكر الأحداث والأفعال التي قاموا بها وتفاصيل المحادثات بشكل عام، أما النساء فقد يواجهن صعوبة في تذكر الأسماء والتواريخ بشكل أكبر.، ويتزايد ضعف الذاكرة لدي المرأة في فترات الحمل والرضاعة نتيجة بعض التغيرات الهرمونية ولما كان القضاء يحتاج الي تذكر الاسماء والتواريخ بشكل دقيق فقد استلزمت الشهادة اثنتين من النساء..
الفقه ضرورة لكل عصر وفقه هذه الامة الحالية ان تتسق مع واقعها وتعيد قراءة نصوص دينها قراءة عصرية ولا نقول تهمل اسهامات القدماء بل الاحري ان تعيد النظر فيما خلفه السابقون من اثار واسهامات ناسبت عقولهم ومعطيات ازمنتهم واجتهاداتهم الاولي وقد يكون بعضها غير ملائم الان …
د.محمد فتحي عبد العال
صيدلي وماجستير في الكيمياء الحيوية
كاتب وباحث مصري