متحدين نقف,متفرقين نسقط!
تاريخ النشر: 21/01/18 | 13:46خطوة كان يتوجب حصولها قبل سنوات, وقبل حصول أي مأساة تمس الطرفين. صحيح أنها جاءت متأخرة لكنها جاءت. علها تبعث الأمل في المستقبل, وعلها تكون عبرة أو رادعا قبل وقوع الجريمة للمعتبرين من المحاصرين في دوامة جرائم القتل.
خبر كان يجب أن يعم صداه أرجاء المعمورة أجمع. إلا أنه لم يأخذ حقه المطلوب والمفروض أيضا.
يوم السبت المنصرم, عقدت راية الصلح في قرية البعنة بين أطراف عائلية متنازعة (عائلة حصارمه), التي كانت قد انجرفت في مسلسل دماء امتد على مدار سنوات وراح ضحية هذا المسلسل المقزز 6 ضحايا من نفس العائلة. 4 من طرف و2 من الطرف الآخر.
بعد سنوات مريرة ذاقتها هذه القرية الهادئة من خلال رؤية الدم البارد والكثيف على الطرقات, جاء اليوم التاريخي لوقف هذا النزيف ولوضع حد للكره والحقد الذي تولد عبر السنوات المؤلمة الماضية.
رغم أنني ما زلت لا أرى نفسي في مثل هذا الموقف, إلا أنني أعتز وأفخر لوجود أشخاص عقلاء شرفاء يتبنون مواقف الخير هذه. مواقف حاسمة مشرفة بالفعل. فلجم الغيظ والمشاعر المريرة بعد فقدان أشخاص قتلوا بدم بارد ليس سهلا أبدا. ومصافحة يد قد زهقت أرواحا بشكل متعمد ليس أمرا سهلا البته بالأخص على الطرف المضطهد.
هذا الخبر كان يجب أن ينشر في جميع المواقع العربية والعبرية, بالإضافة إلى محطات التلفزة والراديو. إلا أن صدمتي جاءت بمكانها. كالعادة, لم يأخذ هذا الخبر الهام حقه الفعلي.
المواقع العبرية ليست بحاجة لنشر هذا الخبر الاجتماعي العربي وهذا مفهوم ضمنا. ولكن ماذا عن مواقعنا العربية؟
الجهود الجبارة التي تتواجد في مثل هذه المواقف لن يفيها حقها أي سابقة إعلامية. هذه الجهود لا تقدر بثمن. حيث أنها تأتي بعد مفاوضات عدة تأخذ أياما وشهورا وأحيانا سنوات للوصول إلى الحل الأصح لنبذ العنف, وهو الصلح بين الأطراف المتخاصمة والترابط الاجتماعي.
مواقعنا ومنابرنا العربية تعتبر نفسها سلطة رابعة طامحة للتغير نحو الأفضل. لذلك يتوجب على البعض منها الاهتمام أكثر في هذه القضايا والأخبار الهامة التي تحمل إيجابية معينة, عوضا عن الأخبار التافهة التي تتناقلها بين الفينة والأخرى والتي تهدف إلى تشويش وشغل فكر الجمهور (مثل خبر المهرجين وغيره).
كيف ستثبت هذه السلطة الرابعة تأثيرها الإيجابي إذا لم تهم بما هو مهم أصلا؟
كيف سيتم التغيير الفعلي للأفضل إذا لم تبث أخبار تحمل حلولا سلمية؟
كيف سنقتدي بالإيجابيات ما دامت لا تأتي على ذكرها الصحف أو المواقع أو وسائل التواصل الاجتماعي؟
كيف سنحافظ على النسيج الاجتماعي ما دامت منابرنا لا يعنيها تشرذمنا؟ ولا تقوم بواجبها الفعلي؟
يتوجب أن تؤمن هذه المنابر بأنها من وإلى المواطن ووظيفتها إيصال صوت المواطن العربي سعيدا كان أم حزينا أم غاضبا. وليس بالضرورة أن يكون مواطنا ذي فضيحة ليستهل خبر فضيحته الصفحات الرئيسية.
بنظرة اجتماعية:
ان الأخبار السيئة أصبحت وكأنها شيء روتيني بالنسبة للمواطن, هذا لأنه اعتاد عليها بشكل يومي.
عندما ينتشر خبر فاضح أو تافه, مع كل أسف إنه يتصدر عنوانين الصحف والمواقع الالكترونية. خلافا عن هذا الخبر (خبر الصلح) الذي تناقلته بالكاد بعض المواقع الالكترونية ولم يجد الصدى المناسب له.
لماذا لا نقلب الدفة لصالحنا ونبدأ بتضخيم الأخبار الاجتماعية الإيجابية أيضا لكي تبعث الأمل أكثر في المواطن؟ علنا نغير من روتينه المشؤوم ولو قليلا. وعلنا نبدأ بترقيع نسيجنا الاجتماعي الممزق
إذا أراد لنا الغير أن نقتدي بالسيئات (من خلال خطط ممنهجة)لا يجب أن يأتي هذا متزامنا مع مساهمتنا!
ان الأغلبية العظمى من منابرنا أصبحت تجارية وربحية, هذا ليس شيئا سيئا ولكنه يتحول إلى سيء عندما تتناسى هذه المنابر رسالتها الأولى والنزيهة اتجاه جمهورها, وتبدأ بالعمل فقط على الربح دون الاهتمام بتفكك المجتمع من حولها. مع الأسف نهج القطيع الغبي الذي تنتهجه بعض المواقع دون الأخذ بعين الاعتبار إيجابيات وسلبيات الحدث ومدى التأثير على المواطنين إيجابيا كان أو سلبيا, يأتي بنتائج مستقبلية نحن بغنى عنها.
أن تصبح المنابر تجارية لا يعني أن تنسى ضميرها! وإلا فعلى الدنيا ألف سلام وسلام.
هناك مثل ياباني يقول: “متحدين نقف, متفرقين نسقط”.
مع العودة إلى خبر الصلح فإنني مع الأسف الشديد, لا, لم, ولن أرى وجود أو تمثيل للشرطة في هذا الصلح! (ولا في غيره طبعا).
يبقى السؤال الأهم. لماذا لم يكن هناك أي تمثيل للشرطة (جهاز الأمن والأمان) في مثل هذه المواقف والقضايا؟
أنا أعرف الإجابة تماما. السؤال لك عزيزي القارئ.
بقلم: أزهار أبو الخير- شَعبان.عكا