هروب أعضاء الكنيست العرب من وجه بينيس وبينيت
تاريخ النشر: 22/01/18 | 12:24الكنيست الاسرائيلي الذي يشارك في لعبته الديمقراطية نحو ثمانون بالمائة من العرب في اسرائيل ,اعتبرته قيادة هذه النسبة بمثابة المنبر الذي من خلاله يجب ان نتقن اللعبة ونوصل صوتنا وقد فعلوا ذلك ولكنهم ومع مرور الوقت حولوا الطريق عن الهدف سعيا الى اكتساب الشهرة الذاتية بعيدا عن الهدف الرئيسي ,وزاد هذا الانحراف قوة التنافس الشديد بينهم على البقاء في مقدمة القيادة.
سبعون عاما مرت على قيام اسرائيل ,وقد تمكنا في بداياتها من كسب مواقف اسرائيلية وعالمية الى جانب قضيتنا من خلال طرح شعار السلام مع شعبنا الفلسطيني والمساواة لنا في اسرائيل ,في تلك الفترة ورغم الذكاء الذي ينم عن هذا الشعار الا ان عالمنا العربي وشعبنا الفلسطيني قاطعنا ولم تزل اثار هذه المقاطعة ماثلة امامنا حتى اليوم لكن ليس كما كان في تلك الحقبة.
اليوم وبعد ان تبنت منظمة التحرير الفلسطينية شعار السلام والمساواة بل تجاوزت مواقفنا من خلال اتفاق اوسلو وهرولة بعض الدول العربية الى اسرائيل وصولا الى قناعة تامة بضرورة اللجوء الى الواقعية واحلال السلام العادل والشامل المبني على انسحاب اسرائيل من الاراضي العربية التي احتلت عام سبعة وستين ,ظهرت عدم الجدية الاسرائيلية من خلال رفض او المطالبة بتعديل المبادرات للسلام وباتت تسابق الزمن في فرض الامر الواقع بتوسيع الاستيطان في كل زاوية من اراضي الضفة الغربية والجولان لفرض امر واقع يقوض اي حديث عن السلام.
هنا وربما بشكل غير مباشر ساهمنا نحن العرب في اسرائيل في تغول حكومات اسرائيل وتطرفها وابتعادها عن السلام , لانها بدأت تشعر اننا لم نعد ذلك المواطن الاسرائيلي الذي يطالب بالمساواة مع مواطني الدولة اليهود وتحقيق السلام واقامة الدولة لشعبه الفلسطيني , بل بدأ يلعب دورا آخر يتمثل في التخلي عن برامج المواطنة والمطالبة بالحقوق والعيش المشترك والسلام ,ووضع نصب عينيه قضايا اكبر من حجمه ممهدا الطريق لليمين المتطرف لتتعاظم قوته وتلاشي دعاة السلام في اسرائيل , وصولا الى شبه الاجماع الاسرائيلي على عدم مشاركة العرب في صنع القرار الداخلي او حتى الارتكاز عليهم كشبكة امان كما كان حاصلا في السابق.
القيادة العربية في الكنيست الاسرائيلي التي تتحمل المسؤلية الجزئية وليست الكاملة عن الجنوح الاسرائيلي نحو التطرف ضد العرب في اسرائيل لم تعطي امثلة ديمقراطية البتة الى درجة ان دفعت ممارساتها الى ابتعاد بقايا اليسار الاسرائيلي عن الشراكة معهم ويتمثل ذلك بمجموعة “ترابط” التي اعلنت انسحابها من الشراكة استنادا الى ممارسات القائمة المشتركة والحرب المندلعة بينهم على تقاسم المناصب وعدم الوفاء للعهود والمواثيق وتصدير هذه الازمة الغريبة الى التلويح بالمواقف المتشددة التي تجاوزت في بعض الاحيان مواقف فصائل منظمة التحرير الفلسطينية , وانكشف المستور وتجلى العداء السياسي الذي تجاوزوه لغاية في نفس يعقوب ,وبمعنى ادق من اجل البقاء في الكنيست الاسرائيلي.
كلنا نرفض قرار الرئيس الامريكي دونالد ترامب بخصوص نقل السفارة الاسرائيلية الى القدس واعتبارها عاصمة لاسرائيل , ويسعى معظمنا الى ان تقام الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 67 وعاصمتها القدس الشرقية , وفي نفس الوقت نركز على مواطنتنا وضرورة تحصيل الحقوق الكاملة عدا عن بعض ممثلين في الكنيست الذين يرون في غير ذلك حضورا قويا لهم في الاعلام وللاسف.
السواد الاعظم من الاسرائيلين مع ما يسمى (القدس الموحدة) عاصمة ابدية لدولة اسرائيل الا بقايا اليسار الذي ايضا بدأ يبتعد عن الشراكة مع العرب , واليسار الممثل باقلية ضعيفة جدا في الكنيست يدفع باتجاه حل الدولتين ولكنه يقوم بعمله من خلال التأثير وليس الهروب والانسحاب والانهزام كما حدث مع اعضاء الكنيست اسرائيل العرب الذين قرروا مغادرة قاعة الكنيست عند وصول نائب الرئيس الامريكي مايك بينس , الذي تم استقباله في جمهورية مصر العربية والمملكة الاردنية الهاشمية واسرائيل.
فبدلا من التواجد وابداء الموقف وقول كلمتهم ليشعر بان هناك من يعارض سياسته في اسرائيل ايضا , وبدلا من التعاون مع اصوات يهودية تلتقي مع موقفهم , اختاروا الطريق الاسهل وهو اخلاء المنبر للامريكي والاسرائيلي وتغييب اي صوت معارض ، وترك المنبر لبينيس وبينيت وسائر اليمين.
وبعد ان تخرج الصورة للعالم دون اعتراض عليها يعودون للفن الذي يتقنوه جيدا وهو فصول المسرحية البرلمانية التي يكون فيها العرب في اللجان ورئاسة الكنيست التي غالبا تكون خالية من الاعضاء ولكن اجهزة الاعلام الاسرائيلية حاضرة لالتقاط بعض المشاهد التي تزين الديموقراطية الاسرائيلية وتروجها في العالم داحضة كل حديث عن العنصرية ضد العرب فها هم يتقلدون اعلى المناصب داخل الكنيست.
من اجل وقف هذه المسرحيات , ومن اجل وضع النقاط على الحروف , ومن اجل اظهار الصوت الواقعي والعقلاني الحريص على مستقبل هذه الجماهير , نقول لا بد من نهج جديد وثورة حقيقية تقود هذا المجتمع الى مستقبل مشرق بالامل والحياة والبناء والسلام والمساواة ,من اجل ذلك كله لا بد من كرامة ومساواة.
بقلم: الاعلامي محمد السيد