أيمن سيف يستقيل من إدارة سلطة التطوير الإقتصادي
تاريخ النشر: 22/01/18 | 16:18بعد 9 سنوات من العمل كمدير لسلطة التطوير الاقتصادي للأقليات، أعلن أيمن سيف عن انهاء مهام منصبه في نهاية كانون ثاني 2018. سيف الذي يعتبر الموظف الحكومي العربي الأكبر في القطاع العام، بدأ عمله عام 1994 خلال فترة حكومة رابين، حيث خصّصت لأوّل مرة 40 وظيفة لأكاديميين عرب في القطاع العام. سيف في الواقع هو من العرب الأوائل الذين تم استيعابهم في الوزارات الحكومية.
في عام 2008 تم تعيينه مديرًا لسلطة التطوير الاقتصادي للأقليات في مكتب رئيس الحكومة تحت إدارة رئيس الحكومة في حينها ايهود اولمرت والمدير العام رعنان دينور، وقد واجه تحدّيات كبيرة في إقامة سلطة حكومية جديدة. دون موارد تذكر وبميزانية محدودة انطلق في العمل. في نهاية عمله يمكن القول بكل ثقة بأنه أقام سلطة حكومية قويّة وفعّالة ذات قدرة هائلة على التأثير على سياسة الحكومة في كل ما يتعلق بمجال التطوير الاقتصادي والاجتماعي للمجتمع العربي. تضم السلطة اليوم 15 موظفًا كبيرًا متخصصًا من جميع الأديان والمجموعات السكانيّة، وهي مسؤولة عن القرارات والبرامج الحكومية بميزانيات غير مسبوقة، تصل لأكثر من 2 مليار شيكل جديد سنويًا.
في اطار عمله عمله، أحدث سيف ثورة في سياسة الحكومة تجاه المجتمع العربي. موضوع التطوير الاقتصادي للمجتمع العربي، والذي غاب سابقًا عن جدول العمل الحكومي، تحوّل خلال فترة عمله لموضوع استراتيجي ومهم تناقشه الحكومة والوزارات الحكومية. لا يوجد طرف في الحكومة اليوم لا يعرف أيمن أو لا يعترف بعمله ومساهماته من أجل المجتمع العربي. نجح أيمن في ترك أثر كبير في البلاد وحتى في العالم، إذ تصل وفود عديدة من خارج البلاد كي تتعلم من خبرته الكبيرة في دمج الأقليات في الاقتصاد الوطني.
نجح سيف خلال عمله في تغيير الخطاب الحكومي، فلم يعد مجرد خطاب يناقش مجتمعات مهمّشة، فقيرة تحتاج لمساعدة ويتم دعمها بمعونات حكومية، بل تحول لخطاب يناقش الطاقات والإمكانيات الاقتصادية الكامنة في هذه المجتمعات وجدوى الاستثمار فيها لصالح الجهاز الاقتصادي الإسرائيلي ككل.
إضافةً لذلك، نجح سيف في صنع تغيير في الخطاب الاقتصادي داخل المجتمع العربي نفسه. فلم يعد مجرد خطاب حول الفجوات والفقر والرّفاه، بل تحوّل لخطاب يناقش التطوير الاقتصادي، ومشاريع تصنع التغيير، وإقامة حدائق هايتك، ودمج مبرمجين عرب في الصناعات التكنولوجيّة المتقدّمة، وتطوير الرّيادة والمبادرات التكنولوجية، وصناديق استثمار، والتصدير لأسواق جديدة، وتطوير فروع اقتصادية، وتعزيز مكانة السلطات المحلية واحداث تغيير في مجالات التعليم في الجامعات والكليات.
خلال فترة عمله، قاد وطبّق 15 قرارًا حكوميًّا بحجم بلغ 20 مليار ش.ج. في مجالات اقتصادية واجتماعية مختلفة ومتنوعة، مثل التشغيل، وتطوير القطاع التجاري والصناعة، وتطوير المواصلات العامة، والتخطيط والبناء، وتطوير العمل البلدي وتعزيز السلطات المحلية، والتعليم الرسمي وغير الرسمي والتعليم العالي وغيرها. القفزة الأبرز في عمله كان في عام 2016 في أعقاب المصادقة على الخطة الحكومية الخماسية لتطوير المجتمع العربي، عبر القرار الحكومي رقم 922 بميزانية بلغت 15 مليار ش.ج. بالتعاون مع أمير ليفي المسؤول عن الميزانيات في وزارة المالية سابقًا، وبتوجيه الوزيرة جمليئيل، وبتعاون تام مع لجنة رؤساء السلطات المحليّة العربية وممثلي مؤسّسات المجتمع المدني، قاد سيف هذا القرار التاريخي الذي غيّر للأبد سياسة تخصيص الميزانيات في الوزارات الحكومية لتصب في صالح المجتمع العربي. منذ ذلك الوقت تلتزم كل وزارة حكومية مشاركة في الخطة بتصحيح الظلم القائم في معادلة تخصيص الموارد، بحيث يحصل الوسط العربي على الأقل على حصته النسبية من مجمل السكان، أي 20%. مثال بارز كان في وزارة المواصلات التي خصصت حتى صدور القرار 922 حوالي 7% من ميزانيتها للشوارع البلدية في بلدات الأقليات، وستخصص من الآن 40% من ميزانيتها في مشاريع لهذا الغرض. لا شك بأن 922 من شأنها تغيير أسس وجوهر السياسة الحكومية جذريًا، بحيث تقدم حلولا ملائمة وعادلة لاحتياجات المجتمع العربي في الخطط السنوية ومتعددة السنوات للوزارات الحكومية. في حال تم تطبيق هذه السياسة فلن تكون هناك حاجة في خطط خاصة أخرى للمجتمع العربي.
في حوالي عقد من الزمن لتوليه منصبه، يمكن رؤية التغييرات بعيدة المدى التي أحدثها في مجالات مختلفة، والتي كانت نتيجة تفعيل برامج طوّرها سيف: في مجال التشغيل، زادت نسبة تشغيل النساء من 22% في عام 2008 إلى حوالي 35% في عام 2017، نسبة النساء العربيات الحاصلات على لقب أكاديمي ارتفعت من 5% عام 2001 ووصلت إلى 14% عام 2016، نسبة الطلاب الأكاديميين العرب من مجمل الطلاب ارتفعت من 7% في عام 2008 ووصلت إلى 17% في عام 2017، السفر في المواصلات العامّة في البلدات العربية ارتفع من 800,000 إلى حوالي 1,800,000 رحلة مرخصة، ميزانية التطوير للسلطات المحلية ارتفعت بأكثر من مليار ش.ج. ميزانية التطوير للشوارع البلدية والشوارع خارج البلدات ارتفعت من 107 مليون ش.ج. سنويًا بالمعدل قبل 2015 لأكثر من 300 مليون ش.ج. في السنة ابتداءً من 2016، عدد المصالح التجارية المصدّرة ارتفع من حوالي 40 عام 2010 لحوالي 100 في عام 2016. في العامين الأخيرين ارتفع عدد المبادرين العرب الذين حصلوا على قروض بكفالة الدولة بنسبة 350% وحجم القروض ارتفع من 21 مليون ش.ج. إلى 438 مليون ش.ج. (معطيات عام 2016). عدد النساء العربيات اللواتي حصلن على قروض صغيرة وصل لأكثر من 6000، كذلك قادت السلطة أو كانت شريكة في مبادرات نجحت في خلق حوالي 30,000 فرصة عمل في العقد الأخير.
ستنشر وزارة المساواة الاجتماعيّة في الأسابيع المقبلة التفاصيل بخصوص اقامة لجنة توظيف لتعيين مدير للسلطة. التحديات التي ستواجه المدير الجديد ستكون التطبيق الكامل للقرار 922، وتحديد وتطوير أدوات وبرامج لاحتياجات أخرى في المجتمع العربي لم تحصل على حلول بعد في اطار البرامج القائمة مثل الصحة والرفاه. إضافةً إلى مواصلة العمل على تحسين صورة سلطة التطوير الاقتصادي ككيان حكومي مهني، يقود ويؤثر على المجتمع في إسرائيل.