ندوة ثقافية في أكاديميّة القاسمي
تاريخ النشر: 30/01/18 | 18:27بأجواء غير مسبوقة من التشوّق والانتظار، ووسط حضور لافت من مثقّفين وأدباء وصحافيّين ومهتمّين ومحاضرين وطلّاب، غصّت بهم مقاعد قاعة المؤتمرات وممرّاتها في أكاديميّة القاسمي، افتتح قسم اللغة العربيّة نادي قرّاء القاسمي “أكثر من حياة”، واحتفى بضيف الشرف الكاتب اللبنانيّ الكبير إلياس خوري وروايته “أولاد الغيتو- اسمي آدم” (عن بعد). وقد افتتحت عريفة الندوة الخرّيجة المربيّة سناء ناطور الندوة بكلماتها الراقية داعية رئيس الاكاديمية أ.د. بشار سعد، لمباركة افتتاح النادي، والذي رحّب بضيف الشرف، وأثنى على فكرة إقامة نادي قرّاء القاسمي وبيّن أهميتها، وشكر صاحبة الفكرة ومؤسّسة النادي، رئيسة قسم اللغة العربيّة د. عايدة فحماوي وتد. وقد قدّمت د. فحماوي وتد ضيف الشرف بقولها “إنه واحد ممن خطّوا وشمهم بين أهمّ أدبيّات النكبة، منذ “باب الشمس” التي أصبحت مخيّمًا حقيقيًّا، انتقل من ورق الرواية إلى أرض الواقع”.
تلتها كلمة الكاتب الذي أعرب عن تأثّره بهذا اللقاء الافتراضيّ قال فيها: “الأدب ينسج لغة التواصل، ويبني مدنًا حقيقيّة ومتخيّلة، ويعبّر عن الألم الذي بدأ عام 1948 الكتابة هي رحلة، ورحلتي الكبرى كانت إلى فلسطين التي لم أزرها، لكنني عرفتها من خلال أهلها […] أنا أشكركم جميعًا وأنا هنا لأستمع إليكم، ثم نحاول أن نتحاور كي نصل جميعًا إلى أن نكتشف أنّ لكلّ واحد فينا قصّة تستحقّ أن تُروى”. تمّ بعدها افتتاح النادي بكلمة رئيسة النادي د. فحماوي وتد، وقد لاقت كلمتها تفاعلًا واسعًا وإعجابًا من قبل الحضور، وقد أشارت في كلمتها إلى أهميّة الكتاب والقراءة في سياقنا الاجتماعيّ والتاريخيّ قائلة: “حين بدأنا نشهر السلاح بوجه بعضنا بدل إشهار الكتب، ونسأل أين الخلل؟ يأتي الكتاب مضادًّا للعنف خالقًا لثقافة الحوار بيننا وبين أنفسنا أولا […] وحين يُصادر الحقّ بالمعرفة، علينا أن نبحث عن الإجابات خارج المنهج وخارج المقرّر، وعندها يأتي الكتاب” وتساءلت: “ماذا تبقّى لنا ونحن لسنا أبطالًا ولا أنبياءَ […] ولا نجلس مجلِس الحكم ولا الحكماء؟ تبقّى لنا أن نأخذ الكتاب وبقوّة لنحيا، لعلّنا نبلغ الحنان والسلام حين نتصفّح أنفسنا في الكتب”. وقد شكرت د. فحماوي وتد كلّ من أسهم في إنجاح وتنظيم هذا اليوم، ومن بين من شكرتهم الباحثة والمحاضرة د. مرام مصاروة على إسهامها الفاعل في إعداد وتنظيم الندوة.
وقد تخلّلت الندوة ثلاث مداخلات افتتحها أ.د. ياسين كتّاني (العميد الأكاديميّ ونائب رئيس الأكاديميّة ورئيس مجمع القاسمي) بمداخلة في صميم النقد الأدبيّ، (أشاد بها الكاتب نفسه لاحقًا)، وهي بعنوان “لعبة السرد في رواية أولاد الغيتو” مبيّنًا خصوصيتها البنائيّة ونسقها السرديّ المتميّز وتوظيفها للاستعاريّ، للتعبير عن غير المنطوق. أما المداخلة الثانية فقدّمها أ.د. يهودا شنهاف (أستاذ علم الاجتماع وعلم الانسان في جامعة تل أبيب ومؤسّس منتدى المترجمين معهد فان لير) وقد كانت بالعربيّة، وتحدّث عن تجربته في ترجمة رواية أولاد الغيتو، وإشكاليّة المحافظة على مناخ النصّ وفكرته خلال الترجمة، وقد تفاعل الجمهور مع مداخلته بشكل لافت. تلتها مداخلة د. هنيدة غانم (مديرة المركز الفلسطينيّ للدراسات الإسرائيليّة- مدار: رام الله) التي كانت حول جدليّة الصمت والكلام في رواية أولاد الغيتو وكيفيّة تعبير الرواية عن الصمت الذي يعيشه ويشهده -حتّى هذه اللحظة- المكان الفلسطينيّ قبل الإنسان، واستعرضت سبل المحافظة على ذلك المكان وعدم طمس معالمه.
وقد أعقب المداخلات تعليق الكاتب بإسهاب على كلّ مداخلة. وبعدها، فتحت مديرة الندوة د. عايدة فحماوي وتد باب تفاعلات الجمهور مع الكاتب من خلال الأسئلة والنقاش، وختمتها بتقديم شهادات تقدير لمقدّمي المداخلات الثلاث. كما وتخلّلت الندوة قراءة مميّزة ومعبّرة (من الرواية) قدّمتها الطالبة المبدعة ريحانة كبها ورافقها في العزف على العود باقتدار وتميّز الطالب الفنّان محمد مصاروة. يُذكر أنه أثناء الندوة قامت الطالبة الفنّانة ذكرى أبو مخ برسم لوحة للكاتب وقد أبدى تأثّره وسروره حين رأى اللوحة في ختام الندوة. كما أنّ لجنة محبّي اللغة العربيّة من طلاب الاكاديميّة، والذين شاركوا بشكل فاعل في تنظيم وإعداد هذا النشاط، قاموا بتكريم رئيسة القسم والنادي تقديرًا لجهودها في تأسيس هذا النادي.