عن الجبهة الثقافية ودور الشعر في المعركة
تاريخ النشر: 03/02/18 | 14:41ما من شك أن الجبهة الثقافية هي جبهة مهمة ومركزية في المقاومة النضالية لأجل التحرر والاستقلال، ويلعب الشعر دورًا هامًا في مسيرة الشعوب ومعاركها الكفاحية الوطنية في مقاومة الغاصبين والمحتلين.
والاتجاه السياسي الوطني يقوم على معالجة ومحاكاة قضايا الوطن والشعب ويلتزم بها، ويلهب روح الحماس والوطنية في نفوس الشعب، وبث روح الأمل، وتوجيه الشعب الوجهة السليمة لمواجهة واقعه بصبر وبسالة.
وفي الأدب العربي والفلسطيني الكثير من الومضات والقصائد الشعرية التي تصف الواقع المعاش في ظل الاحتلال وتصور ممارساته القهرية اليومية ضد شعبنا في مخيمات البؤس والشقاء، وتدمغ الاحتلال بشتى النعوت والأوصاف.
وهذه القصائد تشتعل بكل معالم الانطلاق والشموخ والاصرارية على التفاؤل، والقدرة على تجاوز الجراح ودون الوقوع في شرك البكاء واليأس.
والحقيقة أن الذي ساقني الى الحديث عن الجبهة الثقافية ودور الشعر في معارك السياسة والحضارة والتحرر الوطني، هو خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس في المجلس المركزي، حيث افتتحه بقصيدة الشاعر العراقي المغترب الثائر المتمرد مظفر النواب من ديوانه”وتريات ليلية”عن القدس، التي كان قد كتبها قبل حوالي اربعة عقود من الزمن، ويصف فيها الاحتلال بزناة الليل والسيالانات، حيث يقول:
القدس عروس عروبتكم فلماذا أدخلتم كل زناة الليل الى حجرتها ووقفتم تسترقون السمع وراء الأبواب لصرخات بكارتها
بينما الشاعر المصري القومي أمل دنقل(١٩٤٠-١٩٨٣)، زوج الصحفية عبلة الرويني، صاحب قصيدة”لا تصالح”، التي تعتبر من أقوى القصائد التي كتبت ضد جهود السلام ومعاهدة كامب ديفيد، التي وقعها الرئيس المصري أنور السادات، ويصف فيها الاحتلال باللصوص:
لا تصالح في الصلح الا معاهدة بين ندين في شرف القلب لا تنتفض والذي اغتالني محض لص سرق الارض من بين عيني
أما الشاعر الفلسطيني الخالد، أمير قصيدة الثورة والمقاومة محمود درويش، فقد نعت المحتلين في رائعته الشهيرة”عابرون في كلام عابر”بالحشرات، فقال موجهاً كلامه لحكومة الاحتلال:
أخرجوا من أرضنا من برنا من بحرنا من قمحنا من ملحنا من جرحنا
هذا قليل من فيض وكم هائل مما كتبه أبرز وأهم الشعراء، في حين ان الكثير من شعراء الضفة الغربية وقطاع غزة وصفوا الاحتلال بالغول والوحش وغير ذلك.
وغني عن القول، ان الشعر الذي كتبه شعراء الثورة والرفض والمقاومة العرب والفلسطينيين، هو الشعر الذي سيعيد كتابة الزمن القادم، وعدًا ونشيدًا وأغنية، ومهما كانت الانكسارات شديدة وجارحة في هذا الزمن الصعب والقاسي، سيكون كما يريد الانسان الفلسطيني الأتي من عمق التاريخ الكنعاني، وكما يحب أن يكون، ولن يمل الانتظار.
بقلم:شاكر فريد حسن