متى يتخلص كتابنا من النرجسية.. ؟!
تاريخ النشر: 07/02/18 | 0:27كثيراً ما تسترعي انتباهي الألقاب التي يوقع بها الكتاب والمتأدبون العرب نصوصهم وكتاباتهم الادبية وتعليقاتهم السياسية والاجتماعية ومداخلاتهم الفكرية المنشورة في الصحف والمجلات والاسبوعيات والمواقع الألكترونية . فهذا يكتب ويدوّن الى جانب اسمه الناقد، والاّخر المحامي، وذاك الدكتور ، فتختلط الأمور على القارئ فلا يعرف ان كان طبيباً ام حاصلاً على شهادة الدكتوراة. وهذا يتصل بمحرر الصحيفة الفلاني ويعاتبه لأن مادته نشرت في أسفل الصفحة وبخط صغير ، كيف لا وهو اسم معروف وملمّع ! وذاك يهدي كتابه للناقد فلان ويطلب منه ان يغدق النعوت والألقاب الرفيعة عليه وعلى كتابه الذي لا يستحق القراءة أوالكتابة عنه. واخر ” يتلفن” طالباً نشر خبر نيله الشهادة الأكاديمية ولقب الدكتوراة ، التي حصل عليها بطرق وأساليب شتى وهو ليس جديراً فيها، لكي يباهي فيها الأمم ويبز مجايليه من رجالات العلم والفكر والأدب والثقافة ، وانني اعرف شاعراً مرموقاً يزمجر غضباً اذا لم يسبق اسمه الدكتور الفلاني !
هذه الظواهر ان دلت على شيء فعلى الغرور والنرجسية و”شوفوني يا ناس” المسيطرة على أوساط المثقفين وحملة الأقلام ، وقد دلت الأبحاث النفسية أن أكثر أبناء المجتمع انتفاخاً واعتزازاً بالنفس وحباً للذات لدرجة العشق والعبادة هم الكتاب والشعراء والأدباء.
أن يغرق الكاتب في عشق ذاته أمر سلبي وداء نفسي خطير يجب اجتثاثه والتخلص منه ومعالجته قبل استفحاله ، لأن كتابته عندئذ تكون رديئة ، باهتة ، ضحلة وهشة، وما يسعى اليه ويهمه بالأساس هو تسويق نفسه و”تألق” اسمه .
بنظري على الكاتب ان يكون انساناً متزناً ومتواضعاً وخلوقاً لا ان يعيش في ابراج عاجية ويزدري الناس وينظر اليهم من فتحة انفه،و يرى بأنهم اقل منه ثقافة وعلماً. ولكي يحظى بحبهم وأحترامهم له عليه ان يستلهم واقعهم ويعبر عن افكارهم واحاسيسهم وينقل معاناتهم وبؤسهم وعذاباتهم اليومية ويصور امالهم وأحلامهم الخضراء بصدق وبدون تكلف. والسؤال في النهاية : متى يتخلص كتابنا من سلبيتهم ونرجسيتهم فيعانقون اّلام الجماهير الرازحة تحت القهر والفقر والجوع والألم الانساني ويكفوا عن الركض وراء الشهرة الرخيصة والأعلام المقنن.
بقلم: شاكر فريد حسن