تَحانين من الرحيل.! على طريق الرجوع

تاريخ النشر: 16/02/18 | 9:45

أنا أعطيتك الحياة
وأنت أعطيتني نفح الزعتر
وانت أعطيتيني الحياة
وانا أعطيتك غلة البيدر
لعبنا معاً على حافة الطريق
على التراب الأسمر
أعطيتيني نَسَمَ الرياحين
وأنا أعطيتك الأمل الأخضر
وكبرت معي وكبرت معك
ورسمت على وجهك
تعاريج التيه والضباب المبعثر
*********
مشينا ..
مثلما تمشي الروح الى الحياة
أو الى الممات
وكما يبحر البَحار الى النجاة
مخترقاً سواد العتمات
وكما يزرع الأرض الحفاة
فتنبت زيتوناً
و سنبلات
******************
مشيتِ على قدمي
من ديار الى ديار
وأنت تقطرين دمي
على لهيب النار
وتحملين على كتفي
جفاف دمع أمي
على عتبة الدار
وأنت تجرحين ألمي
بحد المسار

*********
رافقني الرحيل
رحيلك مني
رحيلي منك
كظل الطريق
أبحث عنك كما تبحث
النحلة عن الرحيق
حتى تحول دمّي الى لهيب
من حريق
*********
كان الليل يحمل اليَّ
ذكرى يوم الرحيل
يومها..
دَم دَم الأصيل
وعلَّق بقعاً حمراء
على مِنْشره الطويل
في زرقة السماء
حنَّنَتْ يومها أمي مجمورة
” وِحْنا نوينا عالسفر ..”
قالوا نمشي على ضوء القمر
قبل ان تحرق الشمس
عين العصفورة
ومشينا ..
ومشينا طريق البحر
كانت اضواء النجوم
على صفحات موجاته منثورة
تتناغم مع دموعنا القهورة

*******************

كنا نمشي ولا نمشي
البحر بحر
والسما سما
والقمر قمر
والطريق طريق
التقدم مثل الرجوع
والنزول مثل الطلوع
والشرق مثل الغروب
والشمال مثل الجنوب
*************
كانت الدنيا خرسا
لا صوت ولا خبر
نمشي ولا نمشي
البحر ساكت بلا همس
والرمال ملسا
والريح تخترقنا
عصيَّة عن اللمس
نسير ولا ندري الى أين
صامتين بلا حس
***************
وراءنا بحر
وأمامنا سبع مظلمات
هين ننام .. وهين نمشي
وهين نحط ..
تغريبة ..بلا جهات
هنا نعقد وهناك نحلُّ الربط
هنا نكرُّ ومن هناك نفرُّ
هون سهول وهون جبال
وهناك في الأفق تلّات
هنا نتوقف وهناك نكمل الشوط
في سراب لا نعرف به ما هو
قادم وما هو آت
***************
حتى ومضت لنا شعلة
من بعيد
سرنا إليها نحمل حنينا بين أسنانا
ومفتاحاً وشهيد
ما زلنا نمشي ..ونمشي ..
فالشعلة لاحت من بعيد.

يوسف جمّال – عرعرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة