في ذكراه..شكيب جهشان الشاعر والمعلم
تاريخ النشر: 15/02/18 | 22:10في الرابع عشر من شباط سنة الفين وثلاث، رحل الشاعر الجميل، المغاري الرامي النصراوي الفلسطيني العربي، شكيب جهشان، المعلم الذي مارس العطاء، وزرع الفرح في عيون الناس، وغرس فينا عشق لغة الضاد والثقافة العربية، والشغف بالأدب وتذوقه، وأكسبنا الانتماء والوطنية ومحبة الناس.
شكيب جهشان، الانسان، والمثقف، والذواقه، واللغوي، والمربي، والشاعر صاحب القلم الوطني الملتزم، والفكر التقدمي الحر، الذي ساهم في نشر الوعي والمعرفة والالتزام الوطني، كان معطاءً بلا حدود، عروبياً وقومياً وفلسطينيًا حد النخاع.
شكيب جهشان من مواليد قرية المغار الجليلية العام١٩٣٦، عام الثورة، تلقى تعليمه الابتدائي في قريته، ثم انتقل الى الناصرة والتحق بمدرستها الثانوية البلدية، وبعد تخرجه عمل معلمًا في دير الاسد، ثم في مدرسة الرامة الثانوية، وأثناء عمله التحق بعدة دورات استكمالية في الجامعة العبرية في القدس.
بعد ذلك عمل معلمًا للغة العربية في مدرسة المطران وثانوية مار يوسف في الناصرة ثلاثة وعشرين عامًا.
شارك شكيب جهشان في اواخر الثمانينات في تأسيس الاتحاد العام للكتاب الفلسطينيين في الداخل، وانتخب نائبًا لرئيسه لدورتين متتاليتين.
وفي العام١٩٩٦شارك في تأسيس مؤسسة توفيق زياد للثقافة الوطنية والابداع في الناصرة، وبقي عضوًا في هيئتها الأدارية حتى رحيله.
صدرت لشكيب جهشان المجموعات الشعرية التالية:”أحبكم لو تعرفون كم، ثم ماذا، أذكر، رباعيات لم يكتبها عمر الخيام، لوحتان، عامان من وجع وتولد فاطمة، نمر ياسين الساعدي يحكي لكم، جادك الغيث، على شوق لأيام غوال، ويطلون أوسمة من شذا”.
وصدرت آثاره الشعرية الكاملة بعد رحيله عن دار “راية”للنشر في حيفا، لصاحبها الشاعر بشير شلش، سنة ٢٠١٣.
عرف شكيب جهشان بتواضعه ودماثته وطيبته وانسانيته المعهودة، وامتاز بسخاء عطائه وحسن معاملته، وثراء لغته، وغزارة فكره، واتسم بجميل ابداعه في الأدب والشعر والنثر، وترك لنا ثروة أدبية وفكرية، ونهجاً بل مدرسة خاصة في تدريس اللغة العربية الجميلة، الحبيبة والعزيزة عليه، التي كتب فيها عن موضوعاته الاجتماعية والوطنية، معبرًا فيها عن مشاعر وأحاسيس وهموم الجميع.
قال فيه الكاتب القصصي محمد علي طه غداة رحيله:”هادئاً في حياته، رزينًا في مماته، أمينًا لقضيته، عاشقًا لتراثه، محبًا لعائلته وشعبه وطلابه، وفيًا لاصدقائه، مخلصًا لعقيدته، لا يضيع البوصلة مهما اكفهر الظلام وحلك الليل، نظيف اليد واللسان، صادقًا في فنه، عائشًا في تفصيلة قصيدته ورويها، متجليًا في ايقاعها، ساكبًا روحه في حروفها ومقاطعها لا يتملق ناقدًا ولا يلهث وراء الاعلام، هذا هو الشاعر الكبير، واللغوي القدير، والمعلم المتفاني، والمربي الذي علم طلابه العزة والكرامة وحب الناس”.
شكيب جهشان شاعر رقيق شجي وعذب، بدأ رومانسيًا، وكانت مواضيعه تتراوح بين الحب والطبيعة ثم تحول ليكون شاعرًا وطنيًا بامتياز، ملتزمًا بالهم الفلسطيني العام، وبالقضايًا الوطنية، وارتبط روحًا ونشيدًا وقصيدة بالناس البسطاء والعامة، ثائرًا على الوضع الراهن، والواقع القهري الاضطهادي، وتنبأ بالانتفاضة الفلسطينية وغنى لها قبل انفجارها، ورسم في قصائده من خلال الكلمات لوحات وصورًا ومشاهد للانسان الفلسطيني العادي، البسيط، الغارق حتى أذنيه في همومه وعذاباته اليومية، الباحث عن العيش الكريم الشريف، والحالم بالحرية والاستقلال.
في ذكراك يا أبا اياد، يا سيد الرجال، وأصدق الشعراء، وأوفى الأوفياء، وأظرف الظرفاء، نتذكرك ونستحضر صورتك ونحكي عن مآثرك، ونعود من جديد لقراءة نصوصك النثرية وقصائدك النازفة بجرح الوطن.
فأنت لم تمت، بل باقيًا في قلوب أبناء شعبك الذين أحبوك وبكوك يوم توقف نبض قلبك، ويرددون دومًا والى الأبد مقولتك الرائعة الخالدة” أحبكم لو تعرفون كم”.
بقلم:شاكر فريد حسن