القيادة في الإسلام بين الحقيقة والأكاذيب
تاريخ النشر: 03/03/18 | 9:20حينما نتحدث عن القيادة في الاسلام فلابد وان نلتمس من حياة النبي صلي الله عليه وسلم ما يكون لنا نبراسا علي الطريق فقد كان النبي صلي الله عليه وسلم يعتمد في تعامله مع الصحابة علي ما نسميه اليوم بالقيادة بمفهومها الشامل وليس الادارة وكانت كل عناصر هذه القيادة متوفرة في شخص النبي الكريم فكان النبي يمتلك رسالة واضحة يجملها قول النبي صلي الله عليه وسلم (( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق )) فالمنظومه اخلاقية في الاساس وعلي الاخلاق يقوم الدين فيقول النبي صلي الله عليه وسلم (( أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ خُلُقًا )) وفي ضوء هذه الرسالة واهدافها الواضحة كانت الاولويات في الدعوة مصاغة ومحددة والخطوات لتنفيذ هذه الاولويات واضحة ومتدرجة فحينما بعث النبي صلي الله عليه وسلم معاذا إلى اليمن قال: إنك تقدم على قوم أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله. فإذا عرفوا الله فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم فإذا فعلوا فأخبرهم أن الله فرض عليهم زكاة من أموالهم وترد على فقرائهم فإذا أطاعوا بها فخذ منهم وتوق كرائم أموال الناس» وكان النبي يعتمد علي النمط التفاعلي فهو يشاور ويناقش اصحابه ويأخذ بأرائهم فمثلا نجده يستشير الانصار قبل الدفع بهم في أتون حرب موشكة مع قريش كما ينزل علي رأي الشباب بالخروج لملاقاة العدو خارج المدينة في غزوة احد كما يأخذ بالخطة الحكيمة لسلمان الفارسي للذود عن المدينة ويحفر خندقا حولها.كما كان الصفح والتسامح من شيمه الكريمة فحينما قبض علي امرأة تحمل كتابا ِ مِن الصحابي ْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى أُنَاسٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِمَكَّةَ يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا حَاطِبُ مَا هَذَا ؟ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لا تَعْجَلْ ، إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفَسِهَا وَكَانَ مَنْ كَانَ مَعَكَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ لَهُمْ قَرَابَاتٌ يَحْمُونَ أَهْلِيهِمْ بِمَكَّةَ , وَلَمْ يَكُنْ لِي فِيهِمْ قَرَابَةٌ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَتَّخِذَ فِيهِمْ يَدًا إِذْ فَاتَنِي ذَلِكَ يَحْمُونَ بِهَا قَرَابَتِي وَمَا فَعَلْتُهُ كُفْرًا وَلا ارْتِدَادًا وَلا رِضًا بِالْكُفْرِ بَعْدَ الإِسْلامِ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكُمْ ” . قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، دَعْنِي أَضْرِبُ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ , قَالَ : ” إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ تَعَالَى اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ , فَقَالَ : اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ ”
وما حدث في فتح مكة فيه من قيم التسامح و الرحمة الكثير ومن ذلك: أمره للمسلمين أن يدخلوا مكة بروح الموادعة والرحمة والمسالمة بلا قتال. لقد كان ضمن الجيش الزاحف ما يُسمَّى بـ”الكتيبة الخضراء” أو “كتيبة الحديد” – وكان عليها “سعد بن عبادة” الذي أخذه شيء من الزَّهْو، فصاح: “اليوم يوم الملحمة، اليوم تُستحَل الحرمة، اليوم أذل الله قريشًا”، فغضب النبي- صلى الله عليه وسلم- وأعطى الراية لـ”علي بن أبي طالب”، وقال: ” لا يا سعد، بل اليوم يوم المرحمة، اليوم تقدس الحرمة، اليوم أعز الله قريشاً بالاسلام ..فنجد النبي في هذا الموقف يسحب الراية ممن يريد العنف والقسوة ويعطي الراية لمن يحفظ الحرمة .
ننتقل من هذه الصور التي تبرز المواصفات التي ارساها النبي وطبقها علي نفسه وكذلك حكمت اختياراته لقادته في الحروب الي الصورة المناقضة لذلك والتي اتفق علي وضعها الفقهاء وجعلت دفة القيادة للقوي الشجاع الفاجر مقدمة علي الضعيف الورع لتهدم منظومة القيم التي تحكم عدالة المعركة التي يخوضها القائد .
فقد اجتمع الفقهاء علي انه اذا تعين رجلان أحدهما أعظم أمانة والآخر أعظم قوة ; قدم أنفعهما لتلك الولاية : وأقلهما ضررا فيها ; فيقدم في إمارة الحروب الرجل القوي الشجاع – وإن كان فيه فجور – على الرجل الضعيف العاجز وإن كان أمينا ….تصور عزيزي القاريء أن الفجور يعلو الامانة والورع فهل يختلف هذا عما جاء به ميكافيللي فيما بعد !!!!!; اما حكمة هؤلاء الفقهاء فقد ساقها الإمام أحمد حينما سئل : عن الرجلين يكونان أميرين في الغزو وأحدهما قوي فاجر والآخر صالح ضعيف مع أيهما يغزى ؟ فقال : إما الفاجر القوي فقوله للمسلمين وفجوره على نفسه!!! ; وأما الصالح الضعيف فصلاحه لنفسه وضعفه على المسلمين فيغزى مع القوي الفاجر!!( والرجل الفاجر في مفهومهم يشمل من كان كافرا ومن كان فاسقا)ً، . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم { إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر . وروي بأقوام لا خلاق لهم } .
ولنتوقف مليا عن هذه القصاصة من حديث طويل لنري ماذا فعل هؤلاء الفقهاء بديننا ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: شهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، فقال لرجل ممن يدعي الإسلام: هذا من أهل النار، فلما حضر القتال قاتل الرجل قتالاً شديداً، فأصابته جراحة، فقيل: يا رسول الله، الذي قلت إنه من أهل النار، فإنه قد قاتل اليوم قتالاً شديداً، وقد مات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إلى النار. قال: فكاد بعض الناس أن يرتاب! فبينما هم على ذلك إذ قيل إنه لم يمت، ولكن به جراحاً شديداً، فلما كان من الليل لم يصبر على الجراح فقتل نفسه، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال: الله أكبر، أشهد أني عبد الله ورسوله، ثم أمر بلالاً فنادى بالناس إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، وإن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر.عزيزي القاريء تأمل معي الحديث بجملته فالنبي ينكر علي رجل مدعي للاسلام ولكنه قاتل في صفوف المسلمين ببسالة ان يكون من أهل الجنة فيرتاب الناس ثم يتبين للناس صدق قول النبي ويعلموا ان هذا الرجل المستبسل لم يبدي نفس الاستبسال في الصبر علي جروحه وقتل نفسه مرتكبا اعظم معصية وكان درس النبي لهم هو انه لا يدخل الجنة الا نفس مسلمة ..كل ما لعبه الرجل الفاجر في هذا الحديث هو التدليل علي صدق النبي في درسه الرائع للناس .هل يمكنك يا عزيزي القاريء ان تستنبط من الحديث شيئا اخر؟ ..بالطبع لا .ولكن الفقهاء حملوا الحديث ماليس فيه وما يخرج تماما عن سياقه واقتصوا عبارة صغيره انشأوا بها فقه للابادة والقتل والتنكيل واغتصاب النساء والممتلكات..في جريمة في حق البشرية جمعاء بتشوية دين بعيدا كل البعد عن هذا الفهم الشاذ .
وحتي تجتمع لدينا كل معطيات هذا الفقه الشاذ علينا ان نناقش المثال الحي والوحيد الذي يتم الدفع به عند الحديث عن هذا الامر وهو استعمال النبي للصحابي خالد بن الوليد علي الرغم من انكاره عليه في بعض الامور وقول النبي عنه: { إن خالد سيف سله الله على المشركين } . والسؤال هل النبي اعتمد علي خالد بن الوليد بشكل كلي في كافة غزواته ؟.الاجابة لا..بل قاتل خالد بن الوليد تحت امرة اخرون ووفق صلاحيات محدودة ..ففي فتح مكة والذي اشرنا اليه آنفا وروح السلام التي سرت بين جموع اهل قريش ومع ذلك رفع النبي يديه إلى السماء بسبب خالد قائلا : { اللهم إني أبرأ إليك مما فعل خالد } حينما أعتمد علي خالد بن الوليد وارسله إلى بني جذيمة فقتلهم وأخذ أموالهم دون حق!! وأنكره عليه بعض من معه من الصحابة حتى وداهم النبي صلى الله عليه وسلم وضمن أموالهم ..ومنذ هذا الحين كانت صلاحيات خالد في المعارك صلاحيات محدودة وهو ما يبرز بشدة في موقعة مؤتة فقد قدم عليه النبي ثلاثه من الصحابة هم زيد بن حارثةو جعفر بن ابي طالب وعبد الله بن رواحة لامرة المعركة مع انهم دون خالد في الخبرة العسكرية والقوة والبأس فلهل النبي لم يحط خبرا بما احاط به السادة الفقهاء من بعده ان القائد الفاجر مقدما علي الورع ؟!!!..فأين كان خالد في هذه المعركة فقد وضعه النبي كخيارا اخيرا بعد استشهاد القادة الثلاثه السابقين عليه وهنا تتجلي عبقرية النبي في ترتيبه لهؤلاء القادة فقد طبق خالد انسحابا تكتيكيا رائعا قلل من خسائر المسلمين في هذه المعركة ..وحينما جهز النبي في اواخر حياته جيشا للثأر من الروم لهذة الفاجعة ولي اسامة بن زيد وهو الشاب الصغير ليثأر لوالده فتكلم قوم وقالوا «يستعمل هذا الغلام على المهاجرين الأولين»، فغضب النبي محمد غضبًا شديدًا، فخرج وقد عصب على رأسه عصابة وعليه قطيفة، فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال «أما بعد، أيها الناس فما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة، ولئن طعنتم في إمارتي أسامة، لقد طعنتم في إمارتي أباه من قبله، وأيم الله إن كان للإمارة لخليقًا وإن ابنه من بعده لخليق للإمارة، وإن كان لمن أحب الناس إلي، وإنهما لمخيلان لكل خير، واستوصوا به خيرًا، فإنه من خياركم»انظروا اعزائي القراء لاستعمال النبي الكريم للفظ خياركم وليس اشدكم او افجركم!!! ..والسؤال لماذا لم يستعمل النبي خالد بن الوليد وهو الاقدر والاعنف للثأر من الروم خاصة انه ادار انسحابا رائعا في المعركة السابقة وقدم غلام صغير هو الاقل خبرة في مثل هذه المعارك ..الاجابة حملها لفظ خياركم
الحقيقة ان الاسلوب العنيف للصحابي الجليل الذي لا نقلل ابدا من مكانته كان مرفوضا من النبي صلي الله عليه وسلم ومن الصحابة ايضا وقد وصل عنفه الي مستوي غير مسبوق الي الحد الذي يقتل فيه خصمه ويطهوه ويأكله !!!! ثم يزني بزوجته وهو ما رفضه عمر بشدة واراد اقامة الحد عليه غير ان الخلفية ابو بكر رفض ذلك واعتبره اجتهادا من خالد ! !!!!. فعن إبن أبي عون وغيره : أن خالد بن الوليد أدعي أن مالك بن نويرة إرتد بكلام بلغه عنه ، فأنكر مالك ذلك ، وقال : أنا على الإسلام ما غيرت ولابدلت وشهد له بذلك أبو قتادة وعبد الله بن عمر فقدمه خالد وأمر ضرار بن الأزور الأسدي فضرب عنقه ، وقبض خالد إمرأته ، فقال لأبي بكر: إنه قد زنى فإرجمه ، فقال أبوبكر : ما كنت لأرجمه تأول فأخطأ ، قال : فإنه قد قتل مسلماًً فإقتله ، قال : ما كنت لأقتله تأول فأخطأ ، قال : فإعزله ، قال : ما كنت لأشيم لأشيم : أي لأغمد ، والشيم من الأضداد يكون سلاً وإغماداً ، سيفاً سله الله عليهم أبداً.
وفي رواية اخري فلما دخل المسجد قام إليه عمر بن الخطاب فإنتزع الأسهم من عمامة خالد فحطمها وقال : أرياء قتلت أمراً مسلماًً ، ثم نزوت على إمرأته ، والله لأرجمنك بالجنادل وخالد لا يكلمه ولا يظن ألا إن رأي الصديق فيه كرأي عمر ، حتى دخل على أبي بكر فإعتذر إليه فعذره وتجاوز عنه ما كان منه في ذلك ، وودى مالك بن نويرة ، فخرج من عنده وعمر جالس في المسجد ، فقال خالد : هلم إلي : يا إبن أم شملة ، فلم يرد عليه وعرف أن الصديق قد رضي عنه.
وفي رواية تظهر لنا موقف الصحابي ابو قتادة :أخبرنا : عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري : أن أبا قتادة ، قال : خرجنا في الردة حتى إذا انتهينا إلى أهل أبيات ، حتى طلعت الشمس للغروب ، فأرشفنا اليهم الرماح ، فقالوا : من أنتم ، قلنا : نحن عباد الله ، فقالوا : ونحن عباد الله ، فأسرهم خالد بن الوليد ، حتى إذا أصبح أمر أن يضرب أعناقهم ، قال أبو قتادة : فقلت اتق الله يا خالد فإن هذا لا يحل لك ، قال : اجلس ، فإن هذا ليس منك في شيء ، قال : فكان أبو قتادة يحلف لا يغزو مع خالد أبدا ، قال : وكان الأعراب هم الذين شجعوه على قتلهم من أجل الغنائم ، وكان ذلك في مالك بن نويرة.
فمن هو مالك بن نويرة وما هي جريمته الشنعاء التي استحق عليها ان يقتل وتتطهي رأسه ويدخل بأمرأته يوم مقتله؟!!! انه سيد من سادات تميم وكان صاحب الكلمة النافذة في قومة وهو السبب في دخولهم الاسلام قال النبي فيه : (من أراد ان ينظر إلى رجل من أهل الجنة ، فلينظر إلى هذا الرجل )ولثقة النبي فيه اوكل اليه جمع الصدقات من قومه وتوزيعها علي الفقراء . وكل جريمته انه اتهم بالامتناع عن دفع الزكاة بعد وفاة النبي وهي شبهة فهل يقتل الرجل بشبهة وقد شهد ان لا اله الا الله …الاجابة يحملها لنا قول النبي صلي الله عليه وسلم لاسامة بن زيد وقد قتل رجلا شهد ان لا اله الا الله خوفا من القتل فجاء البشير إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فسأله وأخبره، حتى أخبره خبر الرجل كيف صنع، فسأله فقال: ((لم قتلته؟))، فقال: يا رسول الله، أوجع في المسلمين، يعني أكثر القتل، فقتل فلاناً وفلاناً، وسمى له نفراً، -النفر ما بين الثلاثة إلى التسعة-، سمى له نفراً، يعني هذا رجل قتل من المسلمين عددًا، ثم قال: لا إله إلا الله بعدما حملتُ عليه، قال: وإني حملت عليه فلما رأى السيف قال: لا إله إلا الله، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أقتلته؟))، قال: نعم، قال: ((فكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة؟))، قال: يا رسول الله استغفر لي، قال: ((وكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة؟))، فجعل لا يزيد على أن يقول: ((كيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة؟))، رواه مسلم هذا الحديث في كافر قال لا اله الا الله فوجب حقن دمه فما بال مسلم يقول لا اله الا الله واستحل دمه وعرضه، ومع حب النبي لأسامة بن زيد ، الا انه لم يستغفر له، وقال له ((كيف تصنع بلا إله إلا الله؟))،وهو نفس موقف النبي مع خالد حينما قتل بني جذيمة دون جريرة فلم يستغفر له ..
ولم يتوقف الامر بالصحابي خالد بن الوليد عند هذا الحد بل انه حينما ظفر بجيش الفرس ضرب اعناق سبعين الفا من الاسري في مشهد لو حدث بالفعل فليس له نظير في التاريخ البشري قاطبة
حيث أخذهم خالد جميعًا عند نهر «أليس» وسد عنه الماء ومكث يومًا وليلة يضرب أعناق الأسرى حتى يجري النهر بدمائهم وفاء بنذره لله عز وجل ان يروي النهر بدمائهم !! فقال له القعقاع بن عمرو ولعله هاله هذا الكم الرهيب من الدماء: لو أنك قتلت أهل الأرض جميعًا لم تجر دماؤهم «لأن الدم سريع التجلط»، فأرسل الماء على الدماء يجري النهر بدمائهم، ففعل خالد ذلك وسمى النهر من يومها نهر الدم فهل يعقل ان يكون هذا مصير الاسري في الاسلام ؟!!
الحقيقة ان كل ما سبق واعطاء كافة الصلاحيات لخالد بن الوليد كان في عهد الخليفة ابو بكر الصديق والذي بوفاته افل نجم الصحابي خالد بن الوليد حيث بادر الخليفة الثاني عمر بن الخطاب الي عزله وفي ساحة القتال وتولية ابو عبيدة بن الجراح مكانه وهو المعروف بلين جانبه فهل يا تري كان ايضا عمر لا يعي تقديم القائد القوي الفاجر علي القائد الورع …ودائما ما تجد حجة العلماء في عزل عمر بن الخطاب لخالد بن الوليد هو خشية عمر من افتنان الناس بسيف خالد متجاهلين كافة الظروف والملابسات والاسلوب العنيف في القتال الذي استخدمه خالد ولم يكن عمر عنه راض وكثير من الصحابة ايضا..
اننا بدراستنا هذه لا نريد ان نحاكم صحابيا او نشوه صورته بل نريد ان نسلط الضوء علي صور موجوده في كتب التراث هي التي يستلهم منها داعش والنصرة اليوم فهل تجد عزيزي القاريء فيما سردته عن الصحابي الجليل خالد بن الوليد ما يختلف مع ما تفعله النصرة وداعش بحق المدنيين المسلمين وغير المسلمين ونري شجبه من مؤسساتنا الدينية في كل مكان من العالم العربي ؟! طبعا لا يوجد اي فارق ولهذا ولان الخطب اصبح جللا واصبحت دماء المسلمين وغيرهم تراق في كل مكان من العالم العربي فعلي المؤسسات الدينية ان تكون اكثر فاعلية وبدلا من بيانات الشجب ان تكون اكثر شجاعة وتعترف بوجود مشكلة حقيقية في القصص الاسلامي وتضع نصب اعينها خيارات ثلاث :الاول ان تقر بخطأ الصحابي خالد بن الوليد وخطأ الفقهاء الذين بنوا علي عنف شخص فقها بأكمله وأن هذه الافعال ليست من الاسلام في شيء ولم يرتضيها النبي في حياته كما لم يرتضيها عمر بن الخطاب .الخيار الثاني هو الاخذ بالمنهج العلمي في الوقوف علي صحة هذه القصص من عدمه وجعل البحث عن الوسائل لتضعيفها هو الاساس وتبرئة هذا الصحابي من الكثير من هذه المبالغات ونشر ذلك علي نطاق واسع .اما الخيار الاخير فهو التوقف عن نشر الكتب التي تحمل هذه القصص سواء حدثت بالفعل او ثبت عدم حدوثها والتنبيه عليها فهو علم لا ينفع بل يضر ويأصل للعنف والارهاب والوحشيه وعدم احترام حقوق البشر ..
د.محمد فتحي عبد العال
صيدلي وماجستير في الكيمياء الحيوية
كاتب وباحث مصري