قراءة في رواية “ماري روز تعبر مدينة الشمس”
تاريخ النشر: 11/03/18 | 9:19رواية “ماري روز تعبر مدينة الشّمس” التي صدرت في بيروت عام 1985 هي أولى روايات الكاتب الأردنيّ من أصل فلسطينيّ قاسم توفيق، وقد أعيدت طباعتها عام 2007 في رام الله (الرعاة للدراسات والنشر) وعليها أعتمد. للكاتب عدّة مجموعات قصصيّة منها: “آنَ لنا أن نفرح” (عمّان 1977)، “مقدّمات لزمن الحرب” (بيروت 1980)، “سلامًا يا عمّان، سلامًا أيّتها النجمة” (بيروت 1982). ومن رواياته: “أرض أكثر جمالا” (بيروت 1987)، “ورقة التوت” (القاهرة 2000)، “الشندغة” (رام الله 2006)، “حكاية اسمها الحُبّ” (رام الله 2009)، “صخب” (بيروت 2015).
في رواية ” ماري روز تعبر مدينة الشّمس” نجد مسارين أو حكايتين: الأولى هي بين الرّاوي المُسلم مع “هيام” حبيبته المسيحيّة التي أقام معهاعلاقات جنسيّة خارج إطار الزّواج، والثانية هي حكاية كُليب صاحب الجاه والقوّة الخارقة الذي أحبّ ماري روز عندما رآها في مدينةالشمس وأراد الزواج بها.
يقوم جمال هذه الرّواية على مزج الأسطوريّ بالواقعيّ المتخيَّل، وتبدو الحكاية الأسطوريّة التي تحكيها الأمّ لأولادها، والسّارد هو أحدهم، أكثرَ جمالا وإيحاء من قصّته هو الكاتب/السّارد.
تبدأ الرّواية بفصل لا يتجاوز الصفحة الواحدة، تحت عنوان “الميلاد”، يتذكّر فيه الجنينُ (وهو السّارد نفسه) ساعةَ ولادتِه وخروجِه من الرّحم إلى الحياة. منذ تلك اللحظة الأولى يعلن حبَّه الدّائمَ لها.
أمّا الفصل الثاني فإنّه يفاجِئ القارئَ بمشهد فيه إيحاءٌ بعلاقة جنسيّة بين فتاة وشابّ في وضح النهار في غرفته التي أغلق بابَها بينما أّمّه في المطبخ تبعُدُ عنهما بضعَ خطوات ولا تكفّ عن الهمس بشتائمها رفضًا لهذه العلاقة. نعرف مشاعرَ الفتاة من خلال ما يرويه الشاب، أي دون أن نسمع صوتها مباشرة، بل تبدو كأنّها تنفِّذ ما يطلبه منها برضا عجيب، مع تأكيده هو بأنّها تحبّه. بالنسبة له تكون المتعةُ أكبر عند ممارسة الجنس في الضّوء لأنّ ذلك يعيد الإنسانَ إلى براءته حين كان طفلا لم يتلوّث بعد بأكاذيب الحياة. لكنّ متعة اللحظة سريعا ما تمتزج عنده بإحساس عظيم بالذنب وبخوف يُثقل روحَه. ويعود في ذاكرته إلى الوراء عندما التقيا للمرّة الأولى في أحد شوارع عمّان في ليلة باردة.
لا ترتسم صورةُ الفتاة لنا كقرّاء إلاّ من خلال وجهةِ نظر السّارد عندما يقول عنها بأنّها أجمل من النهار، أو عندما يجعلنا نتكهّن بأنّها قد تكون راقصة أو تهوى الرّقص، مع ذلك هي لا تفهم مثله الموسيقى الرّاقية كمعزوفات بتهوفن وباخ وموزارت بل تطربها الأغنيات التي تهزّ خصرها (ص. 14). نعرف فيما بعد على لسانه بأنّها زميلة له في الجامعة كما يخبر أمَّه قبل أن يحضرَها إلى البيت بحجّة المذاكرة. بالطبع لا نعرف مدى صدقِ عباراته هذه.
يقول عن نفسه بأنّه يتمنّى الزواج بها. ولا نفهم كقرّاء سببَ تأجيله، تماما مثل أمّه ومعارفه الذين يتساءلون عن السّبب في عدم ارتباطه بها، كما لا نفهم تلك العلاقة الجسدية التي حدثت بسرعة بينهما. يتكلّم عن فتاته كأنها تمثّل الشّمس بينما هو “شيء سائب في أزقّة عمّان الوطيئة” (ص. 18).
تهديه الفتاةُ شمعةً كبيرة في رأس السنة الميلاديّة وتقول له:
“نحن نشعل شمعة للقديسة أمّ المسيح كلّما أصابنا خير، وأنا أريد أن أشعل هذي الشمعة حتى تنتهي السنة” (ص. 19).
تبدو أمُّه ذاتَ شخصيّة مُبدعة، فكلّ شيء يحدث، مهما بدا تافها، تحكي عنه قصّة من خيالها، وتكون حكاياتها أكثرَ إقناعا للمستمع، وأجودَ سَبكا وصياغة من حكايات الكتّاب المتمرّسين، وكأنّها قد عايشت الأحداث ولم تكن من نسج خيالها فحسب.
هكذا تبدأ حكاية ماري روز التي تبدأ صفحة 24 ولا تكتمل إلاّ قربَ نهاية الرّواية، يفصل بين البداية والنهاية حكايةُ الحب التي يرويها السّارد (والذي يبقى دون اسم).
كانت ماري روز أجمل بنات بلدها الصغيرة واسمها “دير شمس”. هي أجمل بنات شرق الأردن.. وهي ابنة خوري. كلّ رجال البلد أرادوها لهم بينما هي امتنعت كي تهتمّ بأبيها الذي صار شيخا هرمًا. أحبّت حياةَ الكنيسة فكانت تقضي معظم وقتها ليلا في الصّلاة، بينما تهتمّ نهارا بالفقراء والقادمين إلى الكنيسة من فلسطين أو الشام وغيرها فتقدّم لهم الطعام والشراب وتداوي جروحهم. وحيكت عنها الحكاياتُ بسبب إحسانها العظيم للناس. إلى أن حلّ يومٌ كاللعنة على “دير شمس”حيث لاح رجل من رجالات العرب، على رأس الشارع، وهو في طريقه للصيد وقد اشتدّ به العطش. وقف كُليب أمام باب الكنيسة مُتعبًا وطلب من أحد رجاله أن يذهب إلى الكنيسة يطلب ماء. قد يكون الكاتب يحيل إلى كليب بن ربيعة التغلبي (440-495م)، وهذا ما يفسّر عبارة الأم “ويحكي التاريخ” كما تبيّن الحكايةُ ارتباطَ حكايةِ الأم بما حدث في فلسطين من تهجير. تحكي الأمّ:
“إنّه عندما طرق الرّجل الباب فتحته امرأة هي شيء من المسيح. قال الرّجال الذين يسمعون قصصا عن أمّ المسيح، إنّها مريم العذراء، فكّروا أنّ فلسطين قريبةٌ من دير شمس، والإنجليز حطّوا بها، وثبّتوا فيها أقدامَ اليهود فلم ترضَ أمّ المسيح عن ذلك فهاجرت إلى هنا. والبلد كلّه من المسيحيين، وخوري الكنيسة رجل مؤمن يعبد ربّه أحسن عبادة، ولا يفتأ يعمل الخير لكلّ الناس. فهاجرت مريم لتسكن معه حتّى يحميها من شرّ الذين صلبوا ابنها” (ص. 26).
جمالها العظيم صعق كُليب الجبار ذا العينين الحمراوين، أمّا الرجل الذي طلب الماء فقد تمتم مذهولا: “يا أمّ المسيح نجّيني”(ص. 27). فأعاد صوتها الرّخيمُ الحياةَ من جديد لكليب بعد أن سألتهم: “بماذا نخدم العربان؟” (ص. 27)، وطار لبُّه بعد أن تأكّد من أنّها امرأة من لحم ودم، “وكاد يجنّ فرحًا عندما أبصر عنقها وقد وضح كالبدر” (ص. 24).
عُرِفَ عن كليب ولعُه بالنساء، لكن ما أن يصرن غنيمة له حتى يفترسَ جسدَهنّ الجميل. أراد كليب أن يكلّم الخوري راجيا أن يزوّجه ماري روز، أو أمّ المسيح في الرواية، لكن الخوري ردّ عليه: “يا بني حرّمَ علينا دينُنا ذلك” (ص. 29) فأجابه كليب بأنّه مستعدّ أن يدفع له ما يطلب. لكنّ الخوري قال “تصير منّا؟”. فغضب كليب واهتاج وهدّد ولعن الخوري ونشر بين أهل البلد بأنّه سيعود إليهم بعد شهر حاملا ما عنده من السّلاح والذهب مقابل ماري روز. مَن يرفض يُقتَل.
مضى الشهر أيّاما سودًا على “دير شمس” “وصارت أجراس الكنيسة تدقّ حزينة وتوشّحت الآحاد بالسّواد وصار الناس يرون ماري روز مرتدية فستانا أبيض جميلا وفوق وجهها الذي أصابه الشحوبُ يرتسم الحزنُ والقلق” (ص. 30). أهل “دير شمس” مسالمون لا يقاتلون إنّما يصلّون ويتوسّلون للعذراء أمّ المسيح كي تنقذهم من كُليب السفّاك.
أمّا قبيلة كليب فتحضّرت للفرح الكبير ثلاثين يوما وليلة بالرّقص والغناء والأكل الدّسم بحسب أوامر الرّئيس. إلى أن حان موعدُ دخول قافلة كليب إلى “دير شمس” محمَّلة بالهدايا والذهب وبالبنادق والسّيوف، دون أن يجد بالمقابل من يستقبله من أهل دير شمس.
دلف الممرَّ المؤدّي إلى بيت الخوري متأمّلا تمثال أمّ المسيح وقد أحنت رأسها تبكي ولدها المتوّجَ بالشوك، مصلوبا على حائط الكنيسة، وقد ارتسمت هالةٌ من النور حول رأسها. انقبضت روح كليب لكنّه صمّم على دفع الباب والدخول إلى بيت الخوري.
“يقول التاريخ إنّ ماري روز كانت ممدّدة على الأرض هادئة وقد عاد لها جمالها الذي خبا منذ شهر وفوق رأسها أُشعلت شمعة” (ص. 33). تنعس الأمّ ولا تكمل القصة.
كان ابنها الذي يحكي قصّته هو متأكّدا مِن أنّ زمانه يختلف عن زمان تاريخ حكايتها وأنّ حبّه ليس كحبّ كُليب لماري روز، فحبيبته تبادله الشعورَ ذاتَه.
لكنّ حبيبته حزينة بينما هو يشجّعها لنكتشف أنّ سبب حزنها أنّها حامل وهو يشجّعها على الإجهاض كحَلّ منطقيّ لعلاقتهما التي تخالف الأعراف والتقاليد والدّين. تبدو هي مستسلمة لقدرها، خاضعة لحبيبها، بشكل يستفزّ القارئ/ة.
صفحات كثيرة من الرواية تضعنا في غرفة الانتظار عند الطبيب الذي يرفض بالنتيجة أن يقتل نفسا في شهرها الثالث. يدفعهما ذلك للبحث عن طبيب آخر عنده الاستعداد للقيام بهذه العمليّة، لكنّ تكلفتها، كما يتّضح لاحقا، كبيرة بينما لا يتوفّر المبلغ معهما.
يعود السّارد عبر ذاكرته، مُستخدمًا تقنية التداعي الحرّ وهو عند الطبيب بسبب القرحة في معدته، إلى تذكّر إحدى الليالي عندما كانوا ثلاثة (هو وصديقاه راسم ومحمّد) يسيرون دون أن يعرفوا الطريق. نفهم أنّهم طلاب في الجامعة ومن سكّان المخيّم. هم مُطارَدون لأنّهم يتعاملون بالسّياسة وكتابة الشعارات على قطع كبيرة من القماش. أخيرًا يدخلون البيت. يبدو راسم منضبطا بينما يكون السارد ضعيفا مرتجفا تؤلمه معدته.
يؤمن راسم بأن العشق للوطن فقط. مع ذلك كان يحترم علاقة السّارد بهيام ويريد لهما الزواج. كان راسم يقرأ كثيرا وأم السّارد تعتبره الأعقل بين الأصدقاء.
يُعتقَل راسم بعد أن اجتاز النهر وفجّر قنابله في إحدى المستعمرات. ويُحكم عليه بالسجن المؤبّد (ص. 67).
في رأي سارد الرواية: لراسم دور عظيم في عمّان، بينما محمّد يؤكّد قائلا: “وطننا هناك” (ص. 73)، وهي إشارة واضحة لأصل الكاتب الفلسطيني. يُعتقل السّاردُ كذلك ثمّ يُفرَج عنه وعن الطلاب كلّهم بعد واحد وعشرين يوما.
هذا الجزء من الرّواية يبدو مُقحَما لإكساب النصّ بُعدًا سياسيّا نضاليّا، لكنّه يفتقر إلى الحياة والبلورة والتطوير الدرامي، فالشخصيّات تبقى ورقيّة أو حبريّة دون أن يشعر القارئ بأنّها شخصيّات من لحم ودم. كما أنّ الحياة في المخيّم لا يتمّ الكلام عنها ووصفها بمشاهد مقنعة وكافية تبيّن معاناة الفلسطينيّين.
يبدو الكاتب/السّارد أفضل عندما يتحدّث عن الحبيبة هيام التي هي المدينة، هي “عمّان” ببردها وصيفها.. بحزنها وفرحها. يسهر معها إلى وقت متأخر من الليل ويكذب على أمّه عند عودته إلى البيت لكنّها لا تصدّقه. يستبدل ملابسه لينام فيسمع أمّه تكمل لأخوته قصّة “ماري روز”:
“ماتت ماري روز. قالوا إنّها انتحرت خوفا من أن تصير قطعة لحم بين أسنان كليب يمضغها حتى يمتصّ ماءها ثم يبصقها. لكن الخوري نظر إليه وقد ارتدّ مفزوعا من غرفة ماري روز يكاد يلطم خدّه وقال له:
– قتلتها يا كليب؟ دم ماري روز أغلى من الذهب” (ص. 89).
لم يفهم كليب وخرج غاضبا فهو لم يلمسها كي يقتلها. هرب كليب كالطفل المذعور وهو الفارس المغوار. كذلك أسرع أتباعه بالخروج ولم ينقلوا إلى قبيلتهم إلا كلمات الخوري: “دم ماري روز أغلى من الذهب”.
تعجّب قوم كُليب فكلّهم يعرفون قيمة الذهب؛ لقد قَتل كليب من أجل الذهب أبناء عمّه وخان اعزَّ أصحابه وغزا قبائلَ.. فعلَ كلّ ذلك ليجمعَ الذهب، فكيف يكون دم المرأة هذه أغلى منه (ص. 90).
تتغيّر حالُ كليب بشكل مدهش.. صار كئيبا خائفا، يمشي مفكِّرا بما عناه ذلك الخوري العجوز. قيل سمعوه يبكي وكان خائفا إلى حدّ الجنون. وتعجّب قومه ممّا أصابه، فأهل دير شمس لا يتميّزون بالشجاعة، ومعظم السكّان هم من النساء. ولم ينجح السّحرة ولا الشيوخ في تخليص كليب من حالته النفسية.
تنخدع قبيلة كليب عندما يجيئها رسول من “دير شمس” ليقول لهم بأنّ دير شمس ما كانت مرّة سببا في شقاء إنسان وأنّهم لن يسامحوا أنفسهم إذا أصاب كليب مكروه. ولذلك يريدون الصلح (ص. 93).
دعوهم إلى الطعام يوم الجمعة بعد وقت الصلاة، وطلبوا منهم التخلّي عن السّلاح، ومُدّ الطعام في قدور عظيمةالحجم غُطّيت بالأرز واللحم واللبن.
كوّر كُليب بيده لقمة كبيرة ومثله فعل الرّجال. لكن، لم يكمل مضغها حتّى أحسّ حلوها، وتيقّن أنّ الطعام مسموم. ولم ينج أحدٌ منهم بعد أن برز لهم رجالٌ كالجان ليقطعوا رأسَ زعيمهم وكلّ مَن حاول الهرب.
هكذا تنتهي حكاية الأمّ بعبارة: “دم ماري روز أغلى من الذهب”. وهي حكاية جميلة يغلب عليها عنصر الفانتازيا، وينتصر فيها الخير والحَقّ والإنسان البسيط المسالِم على الشرّ والظلم والاستبداد.
تلتقي حكاية السّارد بحكاية الأمّ في هذه النقطة، فقد وجد العاشقان طبيبا ليجري لهيام عمليّة الإجهاض. تبدو هيام خائفة من الموت وتتمنى في الوقت ذاته أن تموت قبل موت طفلها.
لا يفهم القارئ ولا يقتنع بالدافع أو السّبب في قرار العاشقَين بالقيام بعمليّة الإجهاض، فهل يكفي اختلاف الدّين ليكون سببا في ارتكاب هذه الجريمة؟ وهل العادات والأعراف تبرير كاف لعدم الزواج بينهما؟
ويتقرّر موعدٌ لإجراء عمليّة الإجهاض.
ينام السّارد ويحلم حلما يعذّبه. وفي الصباح تصله رسالة من صديقه راسم من سجن الرّملة تمنحه القدرة على التحدّي، فيها يسأله عن أخبار هيام وكأنّه على يقين من أنّ صديقه يعيش معها زمانا حلوا. يلتقي الحبيبان في المقهى وهي تبقى صامتة. يفكّر بينه وبين نفسه وكأنّه يريد أن يخرجها من صمتها ليعرف ما تفكّر به: “هلّا قلتِ إنّكِ لا تريدين الدّم، لا تريدين المسيح، لا تريدين الموت؟ هلّا صرخت فيّ أنّك تريدين الصّغير؟” (ص 106). عبارته هذه (مونولوج) تعني أنّه يخيِّرها بين المسيح وبين الطفل كحلّ لأزمتهما.
تحدث المفاجأة السّارّة عندما يقرّر السّارد أن يأخذها إلى السّوق كي يشتري لها فستانا جديدًا يلائم بروزَ بطنها بدل الذهاب إلى الطبيب، وقد فهم أخيرا أنّه وحبيبته يجب أن يكونا مثالا يقتدى لكلّ المحبّين وحُلما عظيما لكلّ المدينة. هكذا صارت هيام “طائرا من الفرح” وانطلق ثلاثتهم معًا إلى عمّان.
نهاية سعيدة ورمزيّة ينتصر فيها الحبّ والعدل رغم اختلاف العقيدة، متحدّية الظروف والأعراف كما انتهت حكاية الأمّ عن ماري روز. كذلك تمنح هذه النهاية أملا بتحقيق الوحدة بين العرب من طوائف مختلفة وبانتصار المهمَّشين أو الضعفاء من أفراد المجتمع. لكنّ ما يزعج، على امتداد الرّواية، أنّ خلاص الحبيبة يتمّ فقط عندما يقرّر الرّجل العاشق إنقاذها بينما تبقى هي دون صوت ودون مقدرة على اتخاذ القرارات، كأنّها مجرّد متلقيّة سلبيّة لما يريده الرّجل. في المقابل تبدو صورة الأمّ أكثر إيجابيّة وقدرة على الفعل وعلى إسماع صوتها.
ننوّه بأنّ الزمن في الرواية لا يسير بحسب تسلسل الأحداث بخطّ مستقيم، إنّما نجد تلاعبا بالزمن وقفزا بين الماضي والحاضر بشكل سلس، بحسب تيّار وعي السّارد العفويّ مع دخولِ قصص جانبية ثانوية إلى الحدث الرّئيس. هذا ما يفسّر عدمَ انتظام السّرد وتداخل الأفكار والأحداث.
(أصلُ المقال مداخلةٌ لي في النّدوة التي أقامها نادي حيفا الثقافي بتاريخ 08/03/2018 احتفاءً بالكاتب قاسم توفيق).
المحامي حسن عبادي