أمسية آذاريّة ثقافية ثانية في كفركنّا

تاريخ النشر: 12/03/18 | 6:13

مرّة أخرى وفي الأمسية الآذاريّة الثانية تفاجئنا ميساء عواودة أمينة المكتبة العامّة في كفركنّا وعضو إدارة الاتّحاد القطريّ بالتحضير الرائع والتنظيم الكبير لأمسية ثانية من برنامج آذار الثقافيّ، وتحت رعاية البلديّة الجديدة ورئيسها السيّد مجاهد عواودة، كان محورها حارس الذاكرة الفلسطينيّة الكاتب المعروف المرحوم سلمان ناطور، ابن دالية الكرمل، صاحب المقولة الشهيرة: “ستأكلنا الضباع إن بقينا بلا ذاكرة”. فقد غصّت قاعة المكتبة العامّة مساء الخميس الفائت الموافق 8/3/2018 بجمهور غفير من أهالي المدينة والقرى والمدن المجاورة، وقد برز حضور أسرة الكاتب المرحوم: السيّدة “أمّ إياس” وابنه وابنته، وكذلك حضر أعضاء الاتّحاد القطريّ للأدباء: د. بطرس دلّة رئيس لجنة المراقبة والكاتب سعيد نفّاع الأمين العامّ والشاعر علي هيبي الناطق الرسميّ والشاعرة وفاء حزّان عضو الإدارة وخالديّة أبو جبل عضو الاتّحاد، وقد برز حضور السيّد جعفر فرح رئيس جمعيّة “مساواة”، حضروا خصّيصًا ليشاركوا الداعين في أمسية “أرز الكرمل” من أمسيات آذار، والتي تناولت الكاتب المرحوم سلمان ناطور وأعماله التاريخيّة والأدبيّة ومجمل إنتاجه التوثيقيّ، وبالأساس الجانب الذي حفظ ودعا إلى حفظ الرواية والذاكرة الفلسطينيّة مقابل الرواية الصهيونيّة الكاذبة. وتجدر الإشارة إلى أنّ الأمسية الأولى كانت يوم الخميس، في غرّة آذار، تحت عنوان “ياسمين الثقافة واللغة العربيّة”. وكانت الكاتبة أسمهان خلايلة عضو إدارة الاتّحاد القطريّ قد تولّت عرافة الأمسية، وفي تقديمها رحّبت بالحضور وشكرت سائر المشاركين في إنجاح هذه الأمسية، ومن ثمّ قرأت أمام الحضور بعضًا من كتابات ناطور الأدبيّة، وقد دعت في ديباجة الأمسية إلى تكثيف القيام بهذه النشاطات التثقيفيّة، وتوجيه الجمهور وبخاصّة الشباب إلى حضورها وإلى جني الفائدة منها.

وبدوره رحّب رئيس البلديّة السيّد عواودة بالحضور الكريم مشيرًا إلى سمو مكانة كفر كنّا بهذه البرامج والأمسيات وبمشاركة هذا الحضور من الأدباء، لإحياء الذاكرة مع كاتب بقامة المرحوم ناطور، وتطرّق في كلمته إلى العنف المستشري وإلى السلاح المنتشر في الوسط العربيّ، وما له من تأثير سلبيّ على حاضرنا ومستقبلنا، ودعا إلى الخروج من هذه الأجواء السائدة والمقيتة بأجواء وأمسيات ثقافيّة، مثل هذه التي تسود الآن في آذار الكناويّ. وقد أعلن السيد عواودة عن إطلاق اسم المرحوم الدكتور سامي جرايسي على قسم الرفاه الاجتماعيّ في البلديّة، احترامًا لشخصه ودراساته العلميّة وتقديرًا للعلم والثقافة.أمّا مديرة المكتبة ميساء عواودة فقدّمت باقة من التحيّات للبلديّة ورئيسها وللاتّحاد القطريّ للأدباء وجمعيّة “مساواة” ورئيسها وأسرة الكاتب المرحوم، باركت جميع الحاضرين بباقة من الكلام الشاعريّ الرقيق: “من قانا العربيّة العنيدة العصيّة على أعدائها والحاضنة لأهلها وأحبّائها”، ومن ثمّ تلت قصيدة كتبتها للمناسبة ولتليق بقيمة ناطور الباقي في الذاكرة.كلمة أسرة ناطور الكريمة قدّمها وبشعور من السموّ والشموخ نجل الكاتب السيّد مراس ناطور، فنوّه بهذه الأمسية والقائمين على نجاحها، ودعا إلى صيانة الأدب الفلسطينيّ لأنّه الطريق لصيانة الوجود والحفاظ على الذاكرة وهو نهج للتربية الوطنيّة التي تلقّاها مراس عن والده المرحوم، وممّا ذكره أنّ الحضور الكريم في هذه الأمسية إنّما يعبّر عن وجه والده الوطنيّ والفلسطينيّ، كما دعا مراس الجميع إلى الاستفادة من الإرث الثقافيّ الذي تركه أبوه، مكتبته الكبيرة والغنيّة بالكتب والوثائق والمؤلّفات في مجالات المعرفة المختلفة. كما ألقى الأستاذ حاتم حسّون، صديق المرحوم منذ زمن الشباب والدراسة كلمة معبّرة عن تلك الفترة الحميمة من العلاقات بينهما، وممّا قاله: “فبالرغم من مرور سنتين على رحيله الجسديّ، لكنّ الشعور أنّ سلمان ما زال باقيًا بيننا وفي وجداننا”. وقد ذكر أنّ المرحوم كان من أبرز كتّاب الرعيل الثاني في الشعب الفلسطينيّ.

كلمة باسْم جمعيّة “مساواة” ألقاها رئيسها السيّد جعفر فرح، وقد تطرّق فيها إلى قضيّة الثقافة العامّة وإلى ضرورة إقامة زوايا مكتبيّة في كلّ المؤسسات التعليميّة والتربويّة، كما أقامت المكتبة العامّة في كفر كنّا وبمبادرة الأمينة ميساء واجتهادها الدائم والمدعوم من رئيس البلديّة وبشكل مباشر، ودعا المجتمع إلى نشر الكتاب فمكافحة العنف لا تنجح إلّا بنشر المعرفة والتربية منذ الصغر في البيوت والروضات والمدارس، وحبّ القراءة والتربية على الانتماء الوطنيّ والأخلاقيّ، وقد قال فرح: “كنت محظوظًا بعلاقتي الشخصيّة مع سلمان، ومن خلال العمل في جمعيّة “مساواة” ومرافقة أعماله وإبداعاته، وبخاصّة المسرحيّة التي مثّلت في حيفا والناصرة”. ويشار إلى أنّ جمعية “مساواة” وأسرة الكاتب قد أنتجوا فيلمًا قصيرًا عُرض في الأمسية، يوثّق جانبًا من شخصيّة سلمان واهتماماته وأعماله الثقافيّة ونشاطاته المتنوّعة.وكان للشعر نصيب، فقد ألقى الأديب د. أسامة مصاروة نائب رئيس الاتّحاد قصيدتيْن: الأولى بعنوان “حكاية لنا وطفلها”، وهي عبارة عن حواريّة بين لاجئة وابنها تعكس المعاناة الفلسطينيّة، وبإخراج جميل وبشكل تمثيليّ، ألقاها بمشاركة الأخت هنادي يوزباشي، أمّا الثانية فكانت بعنوان “أداء الحبّ”، ولاقت القصيدتان وإلقائهما استحسان الحضور.

والمداخلة النقديّة في الأمسية كانت مداخلة د. محمّد هيبي عضو الاتّحاد، تطرّق فيها إلى حياة ناطور وإنتاجه العامّ وأنشطته المختلفة في المؤسّسات والميادين الثقافيّة والأدبيّة ونضاله الدائم ضدّ المؤسّسة الصهيونيّة وحفاظه على الرواية والذاكرة، وممّا قاله: “سلمان ناطور صاحب الثلاثين مؤلّفًا، أكثرها في حفظ الذاكرة ليس بحاجة إلى ألقاب، فاسْمه معه فهو ناطور الكرم وناطور الوطن وناطور الذاكرة الوطنيّة، ولعلّ أبرز مميزات كتاباته اثنتان: الأولى في المضمون الوطنيّ وهي حفظ الرواية الفلسطينيّة مقابل الرواية الصهيونيّة المزيّفة، والثانية في الشكل والأسلوب وهي السخرية التي وظّفها كتقنيّة فنيّة وكسلاح أدبيّ مصوّب نحو هدف التمسك بالحياة عندما تقسو السياسة على الإنسان الفلسطينيّ، الذي يعاني من واقع عربيّ متواطئ ومهزوم ومأزوم وصلف صهيونيّ واحتلال واستيلاء على الأرض والوطن ومحاولة فاشلة للاستيلاء على الذاكرة.وقد كان مسك ختام هذه الأمسية الرفيعة المستوى بمضامينها وحضورها وتنظيمها وإخراجها، مفاجأة اعدّتها مديرة المكتبة العامة السيدة ميساء عواودة عضو الإدارة للاتحاد القطري للادباء والشعراء الفلسطينيين الكرمل، وقد تسمّرت من أمامها الخطوات ودمعت لها المآقي، وهي الإعلان عن افتتاح زاوية مكتبيّة دائمة، تخليدًا لذكرى الكاتب الكبير سلمان ناطور وتقديرًا لما قدّمه في مجال الثقافة العربيّة في بلادنا، وما كرّسه في خدمة شعبنا وحضوره على هذا التراب الذي لا تراب لنا سواه، وهي تشمل أعماله ومجمل إنتاجه، وقد نفّذت هذه الفقرة بإزاحة الستار عن وجه الزاوية الجميل وبإضاءة الشموع وبمشاركة الجميع.
من الشاعر علي هيبي – الناطق الرسميّ للاتّحاد القطريّ للأدباء الفلسطينيّين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة