أمسية ثقافية مع إبداعات الكاتب قاسم توفيق بحيفا
تاريخ النشر: 12/03/18 | 10:06يواصل نادي حيفا الثقافي نشاطه وأمسياته الأسبوعية دائبًا على تكثيف حضور إخواننا المبدعين والأدباء الفلسطينيين في كل مكان حاملا رسالته أننا شعب واحد هنا وفي الشتات، جناحا وطن واحد رغم الحواجز والحدود والبعد الجغرافي .
فكان لقاؤنا يوم الخميس الفائت في أمسية مع إبداعات الكاتب قاسم توفيق، بمشاركة د. كلارا سروجي شجراوي، د. رباب سرحان، د. لينا الشيخ حشمة، المحامي حسن عبادي وعرافة الكاتب حسين ياسين.
كانت البداية ب”لمسة وفاء” لطيب الذكر الشاعر محمود درويش، بمناسبة يوم ميلاده، عبر شريط قصير مصور وقصيدته الخالدة “سجّل أنا عربي”.
افتتح بعدها الأمسية رئيس نادي حيفا الثقافي المحامي فؤاد مفيد نقارة، فرحب بالحضور والمشاركين وهنأ المرأة بيومها. قرأ بعدها مقتطفات من كتاب “أيام خارج الزمن، سيرة كاتب، نصف قرن من الدم والحبر” للمتوكل طه الصادر عن درا “فضاءات” موصيًا بقراءته،
ثم دعا لأمسيات النادي القادمة مستعرضا تفاصيلها.
تولى عرافة الأمسية الكاتب حسين ياسين، صاحب رواية “عليّ-قصة رجل مستقيم” التي نجحت بالوصول إلى القائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية لعام 2018، فقدم صاحب الأمسية وسيرته الأدبية.
بدأت المداخلات مع د. كلارا سروجي- شجراوي بمداخلة مثرية عنوانها “تمازج الأسطوري بالواقعيّ في رواية ماري روز تعبر مدينة الشمس” وأشارت أن النهاية سعيدة ورمزيّة ينتصر فيها الحبّ والعدل رغم اختلاف العقيدة، متحدّية الظروف والأعراف كما انتهت حكاية الأمّ عن ماري روز. كذلك تمنح هذه النهاية أملا بتحقيق الوحدة بين العرب من طوائف مختلفة وبانتصار المهمَّشين أو الضعفاء من أفراد المجتمع. لكنّ ما يزعج، على امتداد الرّواية، أنّ خلاص الحبيبة يتمّ فقط عندما يقرّر الرّجل العاشق إنقاذها بينما تبقى هي دون صوت ودون مقدرة على اتخاذ القرارات، كأنّها مجرّد متلقيّة سلبيّة لما يريده الرّجل. في المقابل تبدو صورة الأمّ أكثر إيجابيّة وقدرة على الفعل وعلى إسماع صوتها.
تلتها د. رباب سرحان بمداخلة مثرية أخرى عن رواية “فرودمال” فأشارت إلى غنى الرواية بالتفاصيل حول الفساد المالي والإداري في البنوك والاحتيال المصرفي وفكّكت طلاسم فرودمال والاحتيال المستشري في عالمنا وتسخير السلطة والنفوذ للمصالح الشخصية. تناولت ثنائية الحب والشر، وانتهت بانتصار الشر، لأن الشر له ألف سبب وسبب للتواجد والخير له سبب واحد – إنسانية الانسان، الشر هزم بطل الرواية لكن سيظل الأمل لأنه الأنقى ونجحت أن تبث الحياة فيها.
تلتها د. لينا الشّيخ- حشمة بمداخلة حول رواية صخب عنونتها : “هند بين شهرزاد وعشتار”، ووصفتها بأنها صاخبة بالقمع، وصخب القمع لا يولّد إلّا التخلّف، وفي ظلّ التخلّف يموت الحبّ ويحلّ الخراب. صاخبة هي بجدليّة تضادّها بين الجهل والعلم، الحبّ والكراهية، الحقيقة والوهم، الصمت والبوح. صاخبة هي بقمع ثالوثها المحرّم: السياسة، الدين والجنس، وما يصنعه هذا الثالوث من تدجين وعجز وانحطاط. ولكنّها كذلك صاخبة بأسلوبها الأدبيّ: بمهارة عالية في توظيف التناصّ والأسطورة والإغراب والفانتازيا. تصل إلى نتيجة أن هند –بطلة الرواية- هي رمز لعشتار التي تبحث عن خلاصها في عالمها السفليّ، ليس عالم الأموات، بل هو عالم الظلم والاضطهاد والقمع على الأرض، علّها تجد حبيبها حمزة/ تمّوز، لا لتأكل كبده، بل لتنقذه وتبعث الحياة والخصب والجمال من جديد في صخب هذا الجدب، ولتعيد الحبّ والخلاص إلى أرض لم تعد تحتمل شدّة صخب الدم وضجيج العنف وصرخات الألم.
وكانت المداخلة الأخيرة للمحامي حسن عبادي الذي تناول بدوره رواية “الشندغة” :”وقد عنونها “هل الآخرون هم سبب إغترابي؟” وقال إن التيمة thema في الرواية هي الاغتراب الذي يسيطر عليها، فكلّ واغترابه !! أشار أن أسلوب الكاتب مشوّق فقد نجح برسم شخصيّاته، على علّاتها، دون رتوش فجاءت طبيعيّة انسيابية تجعل القارئ يتماهى معها، نجح قاسم توفيق أن يعرّي المجتمع بمشرطِه، فسمّى الأمور بمسمّياتها ، بصراحته المعهودة، دون مواربة، وأن أصعب ما عاشه أحمد هو اغترابه في داخل الوطن، وصار في غربة جديدة، فحياته من غربة إلى أخرى، “وعندما بدأ يعي ما يدور، صار يخاف على حلمِه،ِ كلما قرأ عن المعتقلات التي تزيّن دول العالم الثالث …… وآفات الفقر وتشرد الناس، وسكنُ الأحياءُ في القبور، وتفشّي الدعارة، والإدمان، والجرائم، والرشوة، وتحكّم طبقة في كل ذلك وتحكّم أميركا في هذا وذاك. أخذت تشوب أحلامَه حال قلق مبهمة. حتى أني تمنيت مرة أن لا تُحرّر فلسطين لتُحكَم بهذا القبح.” وأضاف : وطني حيث أكون حرّا… إن تحرير فلسطين لا يأتي إلا مع تحرير الإنسان. فلنحلم!!! وعقّب الكاتب على صفحته :”كتب نصًا إبداعيًا موازيًا للشندغة عندما تحدّث عنها”
تخلّل الأمسية وصلة زجليّة بمناسبة يوم المرأة العالمي للزجال وائل أيوب لاقت استحسان الحضور وتفاعله معها.
نهاية، كانت كلمة مسجلة للمحتفى به، نتيجة للمنع الأمني، تحدث عن رواياته وعبّر عن جزيل شكره وامتنانه للقيمين على النادي لعملهم الدؤوب على نشر الثقافة والاهتمام بها في هذا الزمن الرديء.
يجدر بالذكر أن الأمسية أقيمت برعاية المجلس الملّي الأرثوذكسي-حيفا.
لقاؤنا القادم يوم الخميس 15.03.2018 في أمسية احتفائية مع الروائي والشاعر جهاد أبو حشيش ومناقشة أعماله الروائية والشعرية بمشاركة د. راوية جرجورة بربارة، د. منير توما، د. صالح عبود، المحامي حسن عبادي وعرافة الناشطة الثقافية خلود فوراني- سرية.
خلود فوراني- سرية