ندوة عن دور الإعلام من العنف والجريمة بالمجتمع العربي
تاريخ النشر: 12/03/18 | 10:35ضمن مشروع “اصدقاء إعلام”، وبحضور عدد من المهتمين والإخصائيين، بينهم رئيس لجنة المتابعة محمد بركة، نظم “إعلام” يوم الجمعة الفائت ندوة تناولت موضوع “دور الإعلام من العنف والجريمة في المجتمع العربي”.
وبدأت الندوة بعرضٍ لفيلم تطرق إلى الموضوع قام كل من الزملاء ضياء الحاج يحيى، وسميرة الحاح يحيى، بإنتاجه تناول موضوع العنف في المجتمع العربي من عدة جوانب مشخصًا الحالة، من خلال مقابلات مع عدد من المتضررين والضالعين في العنف، ومقترحًا عدد من الحلول التي قد تساهم في اجتثاث الظاهرة التي باتت تطال الجميع.
وتلا عرض الفيلم ندوة حوارية شارك بها عدد من المختصين منهم النائب السابق طلب الصانع والذي يترأس لجنة متابعة العنف المنبثقة عن لجنة المتابعة، النائب حنين زعبي رئيس طاقم مكافحة العنف في القائمة المشتركة، والمختصة الزوجية والمستشارة في موضوع منع الاعتداءات الجنسية سريدة منصور- اسعد.
وفي تعليقٍ له، عرض الصحافي ضياء حاج يحيى الصعوبات التي رافقت انتاج الفيلم مشيرًا أنّ تصويره استغرق عدة اشهر ورافقه عدة صعوبات نظرًا وانه تطرّق إلى عصابات الإجرام، كما وتم التوجه إلى الشرطة إلى أنها آثرت عدم التعاون وعدم تقديم اجوبة للتقصير الذي اشار الفيلم له في عملها وآدائها.
بدورها تحدثت الزميلة الصحافية سمير حاج يحيى إلى مسيرة انتاج الفيلم مشخصة الصعوبات التي واجهتهم كطاقم عمل بدءً من عدم التجاوب من قبل عائلات الثكلى وحتى تجاهل الشرطة لتوجهاتهم، مشيرةً أنه واثناء التصوير تعرّض الطاقم لعددٍ من المخاطر.
وذكرت حاج يحيى أنّ المشكلة الأكبر التي شخصها الفيلم هي غياب الرادع عند الشباب الذي بات يرى أن السلاح وسيلة مهمة لحمايته في حين أنّ الحماية غائبة.
وتطرقت حاج يحيى إلى مساعي الشبيبة في شراء الاسلحة وايضًا إلى تبوأ الجناة والمجرمين مكانة في المجتمع حيث باتوا مرجعية وصورة يحتذى بها من قبل الشباب.
النائب السابق، ورئيس لجنة مناهضة العنف المنبثقة عن لجنة المتابعة، طلب الصانع تطرق في كلمته إلى دور الشرطة ومسؤوليتها تجاه العنف المستشري في المجتمع مشيرًا إلى أنّه ومنذ اوكتوبر 2000، قتل 1255 شاب وشابة عربي بالعنف.
وشدد الصانع على أنّ اتهام الشرطة بالتقصير لا يعني أن نخلي المسؤولية عن مجتمعنا حيث بات من الواضح أنّ الشرطة ليست مقصرة فقط إنما تعزز وترسخ الجريمة لأهداف سلطوية مما ينبغي أن نقوم نحن، الشعب، بحل المشكلة والتصدي للعنف، الذي بات يطال الجميع.
وأوضح الصانع طريقة تعامل الشرطة مع الجرائم العربية مشيرًا إلى أنّ الشرطة تدعي غياب الأدوات والميزانيات اللازمة للتحقيق معللة أنّ معظم الميزانيات تخصص لجهاز الأمن العام، الشاباك، الذي يتعامل مع “جرائم قوميّة” فقط وليس جنائية، إلا أنه يتدخل حال كان المجني عليه يهوديًا في أي جريمة قتل.
وعدد الصانع عدد من البرامج التي تبنتها اللجنة لمناهضة العنف للعمل على اجتثاث ظاهرة العنف من مجتمعنا مشيرًا إلى اقامة لجان فشاء سلام وإلى محاولة تأهيل هذه اللجان كي تتعامل مع حالات العنف بصورة أنجع.
كما وذكر عدة شروط يجب أنّ تتحقق حتى يتم اجتثاث الظاهرة منها التثقيف في المدارس واقصاء عصابات الإجرام من الحيّز العام، كما واتخاذ خطوات عقابية كالحرمان لكل من يستخدم السلاح، في الأعراس أو أي مكان آخر.
النائبة حنين زعبي، رئيسة طاقم مناهضة العنف في القائمة المشتركة، بدأت مداخلتها بأنّ المقولات حول ” الانهيار القيمي لمجتمعنا” هي مقولات مبالغ بها، مؤكّدة أنّ مجتمعنا ليس أكثر ميلاً ولا شرعنة للعنف من مجتمعات أخرى، وأنّ تحميل القضية إلى كاهل ” ثقافة معطوبة”، هي إخطاء للهدف، وأن ما يحدث هو فلتان في سهولة ارتكاب الجريمة، وفِي شروطها، مؤكّدة أن الظواهر السلبية كالعنف والفساد تبرزان، كما وفي كل مجتمع، عند غياب سلطة القانون والرقابة وأدوات المحاسبة والعقاب، فالدول التي تتمتع بمؤشرات منخفضة من الفساد لا تصل لذلك بسبب ميل فطري للناس ولا بسبب ضوابط رقابة ذاتية، بل بالأساس بسبب وجود آليّات محاسبة خارجية تردعهم، ومن ثم تطور هذه الآليّات ثقافة ذاتية، لكنّ الاخيرة لا تكفي لوحدها بكل تأكيد، ولا تعيد إنتاج ذاتها، ولا يستطيع أي مجتمع أن يعتمد عليها، دون وجود الردع الخارجي الذي هو وسيلة الردع الأكثر فعالية وتأثيراً.
ثم تطرقت زعبي الى القاعدة الاقتصادية للعنف، مشيرة إلى خطأ ربط الجريمة بالفقر، حيث نرى أن عصابات الحريمة تتوسّع الآن في بعض مدن التي تنتعش فيها الإمكانيات الاقتصادية، وليس بالضرورة تلك الأكثر فقراً من غيرها، وحاولت زعبي أن تربط ” ازدهار” الجريمة بمحاولات ثراء سريع، وأشارت أننا قلّما نشير إلى هذا الجانب وبالتالي فنحن لا نستهدفه.
ثم أشارت زعبي إلى أنّ الخطورة الحقيقية تكمن في ازدياد النفوذ الاجتماعي لعصابات الجريمة، وفِي تغلغلها عبر منافذ ما، إما من خلال لجان الصلح، وإما من خلال السلطات المحلية، حيث تعقد صفقات انتخابيّة مع رؤساء السلطات المحلية، وربط علاقات، تتعلق بمناقصات وتوظيفات، وهنا تكمن المسؤوليّة المجتمعية الأولى في محاربة نفوذ عصابات الجريمة.
وأكدت زعبي أن الانتخابات المحلية القادمة هي فرصة ومحال عمل مجتمعي لكنس جميع رؤساء السلطات المحلية المرتبطين مع عصابات الجريمة، ونادت بضرورة تحمل المسؤولية والتحلي بالجرأة بهدف فضح هذه العلاقات المدمّرة لمجتمعنا والقضاء عليها.
وفي مداخلتها استعرضت المختصة في العلاقات الاسرية والزوجية، سريدة منصور اسعد، تعريف العنف ومظاهر العنف وفق الأدبيات المتعارف عليها طارحة السؤال إذا ما كان العنف موروث أم مكتسب من البيئة.
واشارت إلى بحث قد عملت عليه في وزارة المعارف فحص مدى ونسبة العنف لدى الطلاب، ليشمل البحث قرابة الـ 200 طالبًا عربيًا من أصل 800.
وشددت منصور- اسعد على مساعي وزارة التربية والتعليم عامةً، ومساعيها خاصة كمستشارة تربوية، في محاولة التثقيف ولجم العنف مؤكدة أنّ شبابنا يتوجه كآخر حل لمربي أو مدرس ليشاركه فيما يتعرض من عنف.
واختتمت الندوة بأسئلة من الحضور الذي أكدت على تقصير الشرطة في التعامل مع الملف وعلى مسؤوليتنا تجاه انفسنا في مواجهة هذه الآفة الخطرة.