مالك بن نبي.. بشأن “محافظ” وعنوان كتاب وشكر
تاريخ النشر: 23/03/18 | 9:35على هامش اليوم الدراسي الذي أقامته جامعة الشلف حول مالك بن نبي [1]، استوقفت صاحب الأسطر ثلاث ملاحظات ارتأى أن يخصّص لها مقال منفرد لعلّها تزيل بعض الغموض الذي تحيط بمالك بن نبي رحمة الله عليه ويقدّمه للمهتمين في صورة أكثر صفاء و وضوحا، ومنها:أوّلا: مما قالته أستاذة جامعية: “مالك بن نبي من أسرة محافظة”، وعليه أقول: مصطلح “محافظ” بالمفهوم الغربي معناه: “مسكين لا يأكل الخنزير، مسكين لا يشرب الخمر، ما أتعسها مازالت عذراء وهي في العشرين من عمرها، وغيرها من الأمثلة…”، ويراد بالمصطلح الحطّ من قيمة الشّخص والاستهزاء به لأنّه لم يفعل ما يفعله أقرانه من المجتمع من شرب الخمر والسّهر في العلب اللّيلية وانتهاك حرمة رمضان. وكان على الأستاذة الفاضلة أن تذكر خصائص أسرة مالك بن نبي وتقول مثلا: مالك بن نبي من أسرة فقيرة، والقارئ حينها يعرف أن فقر العائلة أثّر على مالك بن نبي من حيث طلب الهجرة مبكرا للسّعي من أجل لقمة العيش والبطالة التي رافقته مبكّرا، وغير ذلك من الأمور التي لها علاقة بفقر الأسرة. والتخصيص مطلوب في عرض الشخصيات لأنّ له أثر على الشخصية ومستقبلها وأفكارها ومواقفها، كأن تقول: ولد من أسرة أنجبت 5 علماء، عاش في أسرة ثرية غنية أو عاش في أسرة فقيرة، تربّى في أسرة قدّمت 7 شهداء للثورة الجزائرية، امتازت أسرته بكون 6 من أبنائها سفراء في دول عربية وغربية، وغيرها من الأمثلة ما يعطي نظرة تميل للدّقة حول الشخصية المراد دراستها كمالك بن نبي في هذه الحالة.
ثانيا: جلسنا على مائدة الفطور بمطعم بأولاد فارس فكان لي حوار مع الأستاذ من جامعة البليدة2 البروفسور العيادي السعيد الذي أراه وألتقي به لأوّل مرّة، حيث طلبت منه المزيد من الشرح حول ما ذكره عن معارضة مالك بن نبي بشدّة للأستاذ عبد صبور شاهين حين تدخل في ترجمة عنوان كتاب “وجهة العالم الإسلامي ” بهذا الإسم ولم يترجمه كما طلب منه مالك بن نبي بعنوان عن الثورة الجزائرية كهدية للثورة الجزائرية، أجبته حينها وقلت:
قرأنا أنّ مالك بن نبي لم يكن يثق في ترجمة عبد الصبور شاهين وكان يطلب منه أن يوافيه بالنسخة المترجمة قبل الطباعة ليجري عليها مالك بن نبي التعديلات المطلوب، خاصّة وأن عبد الصبور شاهين أساء الأدب مع أستاذه مالك بن نبي وأعماه الجشع والطمع حين أخبره “أنّ كتب مالك بن نبي التي ترجمها أصبحت ملكه”[2]. وعلى إثرها اتّجه مالك بن نبي للأستاذ المحامي اللبناني عمر كامل مسقاوي أمدّ الله في عمره ومنحه حقّ ترجمة كتبه وتراثه وكتب له وصية منشورة في كلّ كتبه ليكون وصيا على تراثه، وفعلا كان الأستاذ عمر كامل مسقاوي أمينا محترفا مخلصا فجزاه الله ألف خير لما قدّم من مجهود.
وذكر مالك بن نبي أنّ كتابه باللّغة الفرنسية ” Vocation de l’Islam”[3] طبع في سبتمبر 1954، وذكر أيضا أنّ هذا الكتاب ترجم[4] إلى اللغة العربية بتاريخ: 22 أكتوبر 1958، ولم يتحدّث عن تلاعب في العنوان وكان باستطاعته أن يذكر ذلك خاصّة وأنّه ذكر أسرارا وأسماء في “Les Carnets” لم يذكرها في كتبه ومحاضراته كلّها دون استثناء وفيما قرأنا لحد الآن، وكلّ ما هنالك أنّه ذكر عبارة وحسب ترجمتي ودائما في صفحة 441 من “Les Carnets” : “كنت أتمنى أن تكون الخطوة المحرّرة” حين أخبره عمر مسقاوي بترجمة الكتاب، ولم يذكر أنّ هناك تلاعبا بعنوان كتابه ، أي لم يقل أنّي كتبت عنوانا خاصا بالثورة الجزائرية ثمّ تمّ تغييره لـ “وجهة العالم الإسلامي”، لأنّه سبق له أن تطرق إلى استخدام عنوان آخر لكتاب آخر لا يحضرني الآن اسمه على وجه التحديد وقد قرأت فعلا عنوان الكتاب المشوّه في شبابي وأظن أنّه يحمل اسم الإسلام لكن لا يحضرني العنوان بالدّقة المطلوبة.
ثالثا: عقّب الأستاذ الجيلالي بوبكر Djilali Boubaker عبر الخاص حين وافيته بمقالي قائلا: “إن شاء الله كنت رائعا وحبذا لو كان الوقت كافيا للمناقشة عقب الجلسة الثانية وما قدمت لليوم الدراسي وللطلبة وللأساتذة مهما ومفيدا فبورك فيك وفي قلمك”. وعقّب على صفحته حين تكفّل مشكورا بنشر مقالي عبر صفحته قائلا: “تحية أخوية وفكرية إلى الأخ الفاضل الأستاذ معمر حبار على تغطيته فعاليات اليوم الدراسي وعلى اهتمامه بالفكر والمفكرين وبالعلم والعلماء في الجزائر وفي العالم العربي والاسلامي وعلى ولعه بالبحث والابداع الفكري والثقافي نحسبه مثقفا مبدعا دام ابداعه واستمر عطاؤه”. فالشكر الجزيل للأساتذة على الأفاضل على ما بذلوه من جهد يشكرون عليه.
معمر حبار