مع ذلك , سأبقى أنتظر !
تاريخ النشر: 06/09/11 | 14:09كنت أرتشف ألقهوة على شرفة أحلامي , أبتسم للفستان الابيض الذي مر كالطيف في ممر ذاكرتي ,فتحسست موقع خاتمي الذهبي
الذي كان يحتضن خنصري , وأغمضت عيني بقوة , فخرجت من ثُغري تنهدات كانت تعكس ضوء الرضى اللذي ملئ أحشائي.
كنت على أرصفة الايام أنتظر ذلك اليوم !
أعد تلك اللحظات الهاربة من دفتر العمر , وأنتظر عقارب الساعة حتى تهرول بسرعة . فرحتي جعلتني أشعر ان الزمن مقطوع القدمين , يزحف على قلبي زحفا , فيشد أعصابي التي كانت تنتظر كل شئ يتعلق بحياتي معه !
أتعلمون ماذا كان يعني بالنسبة لي؟ كان ,, كان الهواء الذي اعيش عليه كل يوم . كان تلك النبضات التي تُشعرني انني لا زلتعلى قيد الحياة , وتلك الروح التي تتحرك في أنفاق أعماقي . تلك الروح التي يصعُب على الجسد تركها . تلك الروح التي ما ان تترك الجسد حتى تتركهجثة مهترئة حتى تتركه بلا صوت , حتى تتركه بلا انفاس . نعم تلك التي ما ان تتركه حتى يبتلع الصمت ,حتى يختنق بالصمت . وحتى الان أعجز عن كتابة قيمته عندي بهذهالكلمات التي تتحرك بحيز محدود على السطور التي تنتهي , وهذه الصفحات الصغيرة التي تُشعرني أني أكتب في خرم ابرة حين أكتب عنه !
كم يرحل ألوقت بسرعة حين يكون هو موضوع تفكيري . وكم يكون الانتظار طويل , حين يتعلق بذلك ألرجل الذي ملئ كياني , والذي أشبعني فرحة , فرحة حد العجز عن الحزن.
فسبحان ألذي أختصر ألوان أحلامي بلون حبه
وسبحان الذي أختصر تفرعات مشواري بطريقواحد معه !
ولكن ! للحظة شعرت بالاختناق , وخيمت وخزة على صدري
كانت كأنها رأس سكين يحاول ان يتغلغل في داخلي .شهقت , وجفت أبتسامتي , وأستطعت أن انتشل نفسي من حفرة أفكاري . لم يهدأ قلبي , خفت كثيرا , خفت لدرجة اني استسلمت ولم أفكر بعدها بشئ, نسيت ألامر ! وظننت ماحصل سحابة صيف عابرة.
كان علي أن أنهض فلم يبقى على قدوم أميري سوى بضع ساعات . بضع ساعات كنت بحاجة لها , لأبدو تلك الاميرة التي كانت تليق بي !
كانت غرفتي حين دخلتها تقتظ بالفساتين . الأسود, الابيض, الرمادي والكحلي.
فتشائمت منها وحشوتها في صدر خزانتي . وفتحت خزانة اخرى وأخرجت منها فساتين جديدة منسوجة بأحلامي الوردية معه , بألوان الربيع الذي كان فصل الشاهد على زواجنا المنتظر
انتهي بي الامر عند الفستان الزهري ,أرتديته بسرعة ووزعت خصلات شعري على كتفي ونظرت الى نفسي . فأبتسمت لصورتي المعكوسة بالمرآة , لانني رأيته في صورتي المعكوسة تلك . كم كان يشبهني , كان نفسي بجسد اخر . وخرجت أنتظره في الخارج بعد ان جمعت له ازهارا من السعادة التي قطفتها من بستان شوقي. ولكن الوقت !! كان الوقت كل مشكلتي حين يكون هو الشخص المُنتظر . كنت بمجيئه أكره الساعة , اكره تلك العقارب ,وذلك الصوت الذي يُشعرني بأهمية كل لحظة فأتوتر , وأشعر ان الزمن يقف امامي لايتحرك , وأن عقارب الساعة ثقيلة لدرجة ان الهواء يعجز عن تحريكها من ثانية لاخرى !
ساعة , ثلاث ساعات , أربعة ساعات !! لم يصل أحد , لم يتصل , وهو لا يُجيب على هاتفي الذي ناداه ألف مرة !
ماذا حصل ! أين هو ؟ لم أكن أعلم .. بقيت أنتظر وأنتظر ولكنه لم يأتي , لا, ولم يتصل ! تركت أزهار سعادتي الذابلة , وحملت دمعتي ودخلت أنتظر في شرفتي أن يتصل , لكنه لم يتصل.
خطيبي لن يتصل !
ولن ياتي أبدا بعد أليوم !
وذلك الفستان الابيض تحول الى كفن أخذه من حضني الى بيت تُرابي وزفافنا بلحظة غضب , بلحظة حقد , بكراهية قلب, برحيل عقل تحول الى جنازة
مات خطيبي , كيف كنت انتظر؟ نعم , مات لماذا كنت انتظر؟
أتعلمون ماذا ؟ قتله صديقه بحادث بشع , وبلحظة مات وانا كنت انتظر . كنت انتظر منه ان يعود , وهو قتله دون ان يعلم اني كنت انتظره
تلك الفساتين السوداء التي حشوتها في خزانتي كان وقتها فلماذا كنت انتظر؟ لماذا ازلتها وخرجت انتظر؟
وذلك الزفاف كان جنازة وفستاني كان عباءة سوداء . ولم اكن اسير بجانبه بل بجانب ذلك النعش الذي اصبح كابوسي في كل ليلة ونسيت بعده كيف ابتسم , نسيت كيف يكون الحلم. لا , لم يقتله صديقه لوحده , فتلك الرصاصة التي استقرت صدره اصابت كبد ايامي , قتلته مرة , وقتلتني بعده الف الف مرة
قتلت فستاني, احلامي, ابتسامتي وخاتمي الذهبي الذي فقد بريقه على خنصري , ولم يبقى معي منه سوى خاتم حقير كان يوهمني بالكثير .
نعم ! مات . وبعده…. بقيت انتظره في كل يوم من كل سنة وفي تاريخ زفافنا وسابقى أنتظره , في كل يوم .
مسكينة هي العدالة, ظنت أنها أحضرت لي حقي حين سجنته . لم يفهموا ابدا, انني معه تحت التراب وان ما بقي مني هو جسد لا يجيد سوى الانتظار في كل يوم من كل سنة وفي نفس التاريخ.
كيف يستطيعون ان ينسوا , ان المرأة لا تنسى. لرُبما نسوا ان الروح حين تخرج لا يبقى بعدها الا الجسد !
كم قلبك قاس يا قاتل روحي , قتلته مرة وبقيت تقتلني كل مرة؟
كم كنت جبان, حين كنت احلم , وكنت تقتل به يا قاتل روحي , أنسيت ان وراء غريمك امرأة تحيا لاجله . أمرأة لن تحيا بعده , امرأة لن يكفيها دمك ,اتثأر لنفسها وفستانها وزفافها وأحلامها ؟
فكلك لن تنفع حتى لتكون ثأرا , فأنت أدنى من الثأر حتى بكثير بكثير بكثير.
لعنك الله يا قاتل الارواح أينما كنت.
سحقا لك , ولكل يوم تحياه
أسقاك الله دما كالذي هدرته
وأسكنك قبرا وانت لا زلت على قيد الحياة
لأانك أقل من أن أثأر منك , فلو قتلتك لخفت ان يمضي يوما من عمرك دون ان تتعذب . ولكن العدالة لم تفهم , ولن تفهم ماذا يعني كل هذا ! لامرأة مغدور بها .
ومع كل ذلك ! سأنتظر
أتعلمون ماذا سأنتظر ؟
ذلك اليوم الذي سأرحل به أليه .ذلك اليوم الذي فيه سنلتقي بعد ان حرمتنا تلك الرصاصة من اللقاء وتركت الفستان الابيض بيننا كفناً .
فسأنتظر !
بقلم بنان أبو عبيد
* ملاحظة: لا يتعلق بحياتي الشخصية ولكنني كتبت واقع شعرت نحوه بالالم , خاصة وسط ظواهر القتل البشعة التي نعيشها فأتمنى من كل أنسان ان يفكر قبل ان يقتل ,كتبت لربما استطعت ان اوصل ما في داخلي اتجاه القتل البشع.
يا ويلي عليك يا ابنتي براكين احاس متدفقه لا اراكم الله مكروه بعزيز ربي يبعد الشر يا رب برا وبعيد عنا وعنكم
قصة مؤثرة جداً وراءها من العبر ما يملأ بحار ومحيطات ..فلنتعلم منها ونستقي من كلماتها الكثير الكثير حتى لا يخوننا الحقد ويترسب في داخلنا كما فعل بذلك الصديق.