زيارة “نساء العودة” إلى بيسان المُهجرة
تاريخ النشر: 01/05/18 | 7:03شارك يوم الأحد الماضي العشرات من النساء ضمن مشروع “نساء على درب العودة” في الجولة التي نظمتها “نساء قياديات يافويات” بالتعاون مع جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين و- “كيان”- تنظيم نِسوي الى قرية بيسان المهجرة.وأقيمت الجولة في أحياء بيسان العريقة وقدم للمشاركات من النساء شرحًا من قبل مهجريها عن الحياة فيها ما قبل النكبة.ويُشار إلى أنّ القوات الصهيونية استولت على بيسان في 2 أيار عام 1948 وقامت بترحيل اهلها بالقوة وهدموا الغالبية الساحقة من بيوتها، ولم يبق اي عربي في المدينة، حيث بلغ عدد سكان بيسان عام 1948 حوالي 6000 نسمة”. كما وتم تعريف مدينة بيسان على أنها من أقدم مدن فلسطين حيث كانت على مر العصور بلدة ذات أهمية تجارية وزراعية وعسكرية لوقوعها على الطريق العام الذي يصلها بشرق الاردن وحوران ودمشق، ولوجودها في غور خصب في قلب سهل بيسان حيث المياه الوفيرة والارض المنبسطة والتربة الخصبة.ووفق تقديرات اليوم، يعيش عشرات الآلاف من لاجئي بيسان في منطقة غور الأردن وفي مدينتي إربد وعمان في الأردن وفي سوريا ولبنان والشتات، ويقيم المئات من مهجري هذه المدينة في الداخل، في الناصرة والفريديس والكبابير.
وخلال الجولة سمعت الناشطات من شهادات أهل بيسان المهجرين، حيث رافقهّن كل من مدير جمعية “السيباط” النصراوية، خالد عوض، وهو الجيل الثاني لمهجري القرية، والحاج محمد سرحان والذي افتتح الجولة بالتعريف عن نفسه وعن بلده وذكرياته في البلد، قائلا: جمعونا في مركز البلد، حمّلت الناس ما تستطيع من أمتعتها، وأحضروا سيارات الشحن لترحيلنا، كانت أخواتي قد وضعن الملابس والأمتعة داخل حقائب وكذلك الأموال والذهب، وجاء الضابط وقال لنا إن السيارات ستوصلكم إلى الناصرة وجنين ونهر الأردن، كل واحد يختار الجهة التي يريدها، كان ذلك في شهر حزيران، ومن شدة الخوف نسيت أخواتي حقيبة المال والذهب وركبوا السيارة، تسللت وتجاوزت الطوق وعدت إلى المكان الذي نسينا فيه الحقيبة. أخذت الحقيبة وعدت بسرعة إلى السيارة وأدخلتها من شباك السيارة إلى أخواتي، وانكسر زجاجها لأنني دفعت الحقيبة بقوة وبسرعة، ولكنني لم أتمكن من الصعود إلى السيارة، وهكذا انطلقت السيارات وبقيت في البلد، عاد والدي ليبحث عني بعد أن سمحوا له بذلك، رَحل أخي وأخواتي في الباص المتجه إلى الناصرة، بقينا 6 أشخاص من بينهم أرسين الأرمني ولطفية البولص وأنا ووالدي، كنا بجانب خمارة، مرت بقربنا سيارة يقودها ضابط يهودي، قال لنا أنه سيرسل سيارة لتأخذنا إلى الناصرة، جمعنا أمتعة من بعض البيوت، وبعد انتظار 3 ساعات جاءت السيارة وحملنا فيها الأثاث وركبت فيها أنا ووالدي وأبناء وبنات بلدنا، سارت بنا السيارة حتى إكسال، كان للسيارة قلاّب، هناك أُنزلنا نحن والأثاث بالقلاب، عند مشارف الناصرة قرب اكسال. انتقلنا إلى الرينة، وبعد سقوط الناصرة غادرت البلاد، أهلي بقوا وبعد سنتين في سوريا عدت الى البلاد، أقوم كل فترة بزيارة بيسان وأنا احترق شوقا وحنينا للعودة الكاملة. وتابع الحاج سرحان في شهادته للمشاركات: اليوم نعودها سويًا نحمل ذكريات طفولتنا وشبابنا ونحدثها للأجيال القدمة على أمل أن نكمل رسالة هذه القرية ونحمل راية درب العودة.
وواصل الحاج سرحان الجولة وهو يقدم الشرح للمشاركات عن البنايات والمدارس والاجواء الثقافية التي عاشها أهل بيسان.وفي حديثٍ مع محمد كيال، مركز الجولات في جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين، قال: هذه الزيارة التي تنظمها جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين وجمعية “كيان” إلى مدينة بيسان تهدف إلى تعزيز وعي نسائنا بأحداث النكبة واطلاعهن على سياسة التهجير التي مارستها إسرائيل منذ عام 1948، وإسماعهن الرواية الفلسطينية، حيث تمنع الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لاجئي بيسان بشكل خاص وكل اللاجئين والمهجرين عمومًا من العودة إلى قراهم ومدنهم التي استولت على أراضيها ومبانيها وكل أملاكها، منتهكة بذلك حقوق الإنسان والقرارات والمواثيق الدولية ذات الصلة بحق العودة واستعادة الأملاك. وتقوم هذه الحكومات بطمس المعالم العربية والفلسطينية لهذه المدينة وتزوير تاريخها وشرعنة الوجود اليهودي فيها. وقد تم اصدار كراس عن تاريخ بيسان العريق والذي يقدم نبذة عن وضعها والحياة فيها على مدار قرون طويلة، وبشكل خاص قبل النكبة. وقد جمعنا فيه معلومات من كتب ومن مقابلات مع لاجئي المدينة ويتضمن الكراس صورًا قديمة وحديثة لها، ويتطرق إلى سياسة التهجير التي مارستها سلطات الاحتلال خلال النكبة.بدورها قالت انوار منصور من جمعية “كيان”: هذه الجولة خصصت لمشاركات مشروع “نساء على درب العودة” والذي يُدار من قبل “كيان” وجمعية الدفاع عن حقوق المهجرين. تهدف الجولة إلى تعزيز وعي نسائنا لأحداث النكبة، لاسيما وأنّ المشروع ينشط لخلق قيادة نسوية من الحقل بهدف تعزيز حضور النساء في الحيّز العام. نرى في “كيان” أنّ هنالك أهمية كبيرةً لدمج نسائنا في الحيّز العام، فلا يمكن أن نتواصل مع الماضي ونعمل على بلورة مستقبلنا السياسي دون مشاركة نسائية، فالحديث الكلاسيكي عن الجيل الجديد وحمل الراية لا يمكن أن يطبق على أرض الواقع ما دامت نسائنا، والمربيات لهذه الأجيال، بعيدات عن العمل والتثقيف السياسيّ.