نشاطات جمعية “عنبار” لإنقاذ المرضى
تاريخ النشر: 23/05/18 | 9:00أطلقت جمعية “عنبار” مؤخرًا حملة خاصةً هدفت من خلالها إلى رفع الوعي الجماهيريّ لخطورة مرض “حمى البحر المتوسط”، حيث دعت السكان، خاصة من أصول شرقيّة، من العرب واليهود، إلى إجراء فحوصات تتعلق بالمرض املا في تدارك تفشيه وتداعياته حيث تُعد تطورات المرض خطيرة جدًا. واشارت جمعية “عنبار” أنّ هنالك ما يقارب 20 ألف مريضًا في إسرائيل مُصابون بـ ” حمى البحر الأبيض المتوسط “، وعدد آخر قد يصل إلى الاالأف لم يتم تشخيص حالته بعد، عليه جاء إطلاق الحملة. يُشار إلى أنّ مرض “الحمى العائلية”-أو “حمى البحر الأبيض المتوسط -FMF”، والذي أطلق عليه ايضًا اسم “الحمى الغامضة” لسنوات كثيرة، مرض وراثيّ كان من الصعب تشخيصه إلى ما قبل العقدين الأخيرين، وقد سميّ بحمى البحر الابيض المتوسط لأنه مرض شائع في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط وعند الاعراق من العرب والأتراك والإيطاليين والأرمن، فنسبة حدوثه بين هذه الشعوب هي 1-3 بالألف، بينما تندر مشاهدتها في الأجزاء الأخرى من العالم.
ويتميّز المرض بهجمات للجسم تتنوع من مريض إلى آخر، منها؛ نوبات حرارة جسم مرتفعة قد يرافقها آلام في البطن والصدر سببها التهاب غشاء البطن والصدر، أوجاع غامضة، انتفاخ وأوجاع في المفاصل وغيرها، وهذه العوارض نُسبت قبل التشخيص الوراثي، الذي تطوّر قبل عقديّن، لالتهاب الزائدة الدودية، إلتهابات مفاصل، أو مشاكل هضم صعبة.وفي السياق، واستمرارًا للحملة، نشرت “عنبار” معلومات مهمة عن المرض جاء فيها أنّ عدد المرضى في العالم يتراوح ما بين 100-150 الف مريض، وهو عدد كبير نسبيًا، وأنّ درجة الألم من الاوجاع التي ترافق المرض تصل من 7-10 (على سلم من 1-10)، كما وأنّ 60% من المُشخصين بالمرض وصلهم بطرق وراثيّة مما يستدعي إجراء فحوصات، علمًا أنه في 10% من حالات الإصابة لم يكن أي من الوالدين مصابين بالجين الوراثي المؤدي إلى المرض، في حين أنّ لـ 70% من حاملين المرض هنالك والد حامل للجين الوراثي المسبب له، كما وتطرقت المعلومات إلى معطى مهم جدًا وهو أنّ متوسطة ساعات “الهجمة” (النوبات) من المرض قد تتراوح ما بين 12-96 ساعة مما يعني أنّ المريض قد يعاني لمدة ايام!. وحول المرض تحدثنا إلى د. عبد عويسات، المختص في أمراض المفاصل في مستشفى روتشيلد (حيفا)، والذي قال: حمى البحر المتوسط هو مرض منتشر نسبيًا ايضًا في المجتمع العربي، والحديث يدور عن مرض وراثيّ الذي ينتقل من الوالدين للأولاد، ولانتشاره يجب على الوالدين أن يكونا حاملين له. إنسان صاحب جين واحد مُصاب، محتمل أن يعيش حياته بدون أن يمرض بالمرض، ولا يكون مدركًا لكونه يحمل المرض، إلى أن ينتقل لأولاده.وقال د. عويسات: من المهم تشخيص المرض وعلاجه مبكرًا، غياب التشخيص قد يُؤدي إلى أضرارٍ كبيرة إلى المدى القريب والبعيد، فكل نوبة للمرض وظهور عوارضه تسبب معاناة شديدة للمريض وعائلته، ويُبقي نُدُباً على أعضاء حيوية خاصة؛ الكبد والكليتان. وقال: نصيحتي للوالدين، في حالة وجود شك، بحالات ارتفاع حرارة متكرر غير المُفسر طبيًا، مع آلام بطن شديدة عابرة عفويا خلال عدد من الأيام، الام في الصدر، في القدمين أو المفاصل، يجب الشك بحمى البحر الابيض المتوسط والتوجه للفحص، خاصة إذا ما كان المرض مشَخَصا لدى أحد افراد العائلة او أنّ المريض من اصول شرقيّة. وأضاف د. عويسات عن تعقيدات المرض: التعقيدات متنوعة منها الضرر بالأداء الوظيفي للكليتين، عرقلة بالنمو، وفقر الدم المزمن.
وأوضح د. عويسات: أنّ النوبات الاولى عند أغلب مرضى الـ FMF قبل تشخيص مرضهم بشكل دقيق، شُخِصت بالخطأ كتلوث بالبطن أو التهاب بالزائدة الدودية مما أدى الى عمليات جراحيه متكررة ليس لها حاجه، إلا أنّ تطور الطب الجيني اليوم يمنع حدوث مثل هذه الحالات. وعن العلاج قال: علاج المرض هو دواء “الكولشيسين” الفعال جدًا في تقليل عدد النوبات او منعها تمامًا. كما وانه يمنع المضاعفات التي ذكرت أعلاه. الجرعة اليومية لـ “الكولشيسين” قدرها 1-2 ملغ يوميًا، وهي موزعة على جرعتين أو ثلاث، مدى الحياة.وأضاف في سياق العلاج: في السنوات الأخيرة حصل تقدم ملحوظ بعلاج مرضى الـ FMF بعد ظهور الأدوية البيولوجية “مضادات إنترلوكين 1” والتي تمثل خيارًا علاجيا ممتازًا للمرضى الذين لم يجدِ معهم علاج الكولشيسينَ نفعًا.باسيل طوّر مهارات في التعامل ومواجهة المرضباسيل خطبا، ابن الـ 9 من بلدة عرابة يعاني من المرض، وحول الموضوع تحدثنا إلى والدته المربية ليلى خطبا والتي قالت: تم تشخيص المرض عند باسيل في جيل مبكرة جدًا، حيث كان يصيبه موجات من الحم والحرارة غير مبررة ويرافقها جروح تخلفها الحرارة، وبعد تنقل إلى عدةِ أطباء تم تشخيص المرض عند باسيل. وعن الهجمات التي تصيبه قالت: بالأساس ارتفاع في درجة الحرارة وشعور بالضعف والارتخاء، وخاصة في الرجلين، وهذه الهجمات مع حصول باسيل على علاج تظهر كل أربعة أشهر تقريبًا.
وما يميّز باسيل وفق والدته ليلى أنه: طفل ذكي جدًا، فرغم صغر سنه إلا أنه يعني ماذا يعني مرضه، ويعرف بدقه متي تصيبه الهجمة ليقوم بالاحتياطات اللازمة مثل التواجد في المنزل، أو إعلامي أو إعلام والده. وتضيف الأم ليلي خطبا موجهة رسالة للأهالي: من المهم جدًا إجراء الفحوصات اللازمة للأهالي، خاصة إذا وجد حامل للمرض في العائلة، فمرض “حمى البحر المتوسط”، ليس بالخطير إذا ما تم تشخيصه والسيطرة عليه، لكن هنالك حالات لا يعني الأهل أن موجات الحم المتكررة، على سبيل المثال، قد تكون هجمة من هجمات المرض، وقد يعتبروها نوبة عابرة بسبب الظروف، مما يؤدي إلى تفاقم الموضوع أكثر، عليه أنصح الأهل، حال كان هنالك أيًا من العوارض التي ذكرت أعلاه، وتكررت، أن يقوما بإجراء فحص “حمى البحر المتوسط” وتدارك المرض. واختتمت بالقول: بالنهاية التشخيص الصحيح، هو الخطوة الأولى في التعامل مع المرض، لكنها الأهم، لأنه في الخطوات القادمة يبقى التعامل معه والسيطرة عليه، وهذا ما نقوم به انا وباسيل سوية مع بقية افراد العائلة. بقي أنّ نشير في السياق أنّ جمعية “عنبار” تنشط مؤخرًا في المساعدة في العلاجات البديلة والفحوصات اللازمة حيث خصصت موارد من أجل تشخيص المرض جينيًا لمنع الوصول إلى التعقيدات التي ذكرت آنفًا والتي تؤثر على حياة المريض الصحيّة والاجتماعية.