امرأة بلا وجه للأديبة تركية صلالحه
تاريخ النشر: 29/03/14 | 1:42بقلم: الشاعر رافع حلبي
في ظل نزاعات شرسة وتقلبات اجتماعية على كل الساحات في شرقنا الأوسطي وفي خلال شهر آذار 2014 شهر المرأة وعيد الأم العالمي تصدر الأديبة تركية صلالحة المحترمة، ابنة قرية بيت جن الجليلية وسيدة من سيدات مجتمعها ومربية أجيال في مدارسها، روايتها بعنوان: امرأة بلا وجه، تتصدرها أوضاع وحالات إجتماعية مختلفة مع المرأة الشرق أوسطية التي ترفع أعلام الأسرة العربية من جهة وأعلام المجتمع العامة من الجهة الأخرى، حياة مختلفة كلياً عن كل سيدات الأرض على اختلاف مجتمعاتها شقاء أكثر عذاب أكبر ومشاعر جياشة تسري بسرعة البرق وتتحول في انصهار مستمر وانصياع لعادات وتقاليد مميزة وخاصة تناسب مجتمعنا فقط، في ظل الحضارة المعاصرة والزمن الحاضر بين الشريعة والدين والروحانية والتطور والتغيير ثبت أن هنالك ثوابت اجتماعية تبقى كما هي لا تتغير مع امتدادها لآلاف السنين من ماض واتواصل بحاضر يشير إلى المستقبل.
تضع الكاتبة روايتها في 221 صفحة من الحجم الوسط طبعتها في منشورات دار الوسط رام الله – البيره وقد قام بمراجعة الرواية الأستاذ جمال محمود قبلان المحترم، والمراجعة الأخيرة والتدقيق قامت به الشاعرة آمال عواد رضوان المحترمة، حيث قدم للرواية الأديب محمد نفاع المحترم، وجاء في مقدمته للرواية: ” امرأة بلا وجه: العنوان معناه اللفظي الحرفي يوحي بالقشعريرة والرهبة. له معنى عظيم من خلف المضمون والسطور. العنوان هنا يرمز إلى الكثير من قضايا المرأة الشرقية التي عانت. وما زالت حتى يومنا هذا في بعض المجتمعات.” ويتابع ويقول: ” كل قضية في الرواية ترمز إلى مشكلة قائمة بحد ذاتها. ومختلفة عن الأخرى. واقعية وليست من نسج الخيال وفي الوجه أوجه حياة وجمال وكمال.”
تكتب الأديبة في إهدائها حيث تقدمه: ” إلى المرأة التي اختبأت أحلامها في ظلال الظلام. وفقأت بحيرات عينيها مشاهد تتلعثم الشفاه عن وصفها لتصفها الأفلام. إلى التي كوّرت جسدها تحت لحاف. لتحمي نفسها من آهات وأنين. وأمضت الليالي تغرق في أرق التفكير! إلى التي تموجت أحزانها عندما سافرت عيناها إلى البحر لتراه متدثراً بالسكون. فتعود وتصفعُ الأشعة ببؤبؤ عينيها لتستمد الدفء الحنوَّ. ولتحيك بهما أجنحة أبنائها. ”
كما وتتابع الأديبة في إهدائها لتقول: ” إلى أجمل وأثمن ورود حياتي – زوجي ورفيق عمري فؤاد و- رنده – آية – أحمد – آدم ” حيث تشمل الأديبة في تقديمها أسرتها الكريمة من زوج وأبناء وبنات.
وجوه عدة للمرأة في المجتمع العربي الشرق أوسطي والذي ما زال يعيش تحت ظلال العادات والتقاليد الراسخة من دون تغيير هذا ولا يهم أين يتواجد الرجل العربي والمرأة العربية تبقى هناك تأثيرات قوية ومباشرة للجذور ومسقط الرأس على الرجل والمرأة في كل أنحاء المعمورة، ولا يتأثر هذا الرجل أو ذاك أو هذه المرأة أو تلك بنظام حكم ديمقراطي أو دكتاتوري ولا بقوانين مدنية في دول مختلفة ففوق رأس الرجل والمرأة على حد سواء أمور ونظام عليهما أن يتتبعانه لأنه يمتهم بصلة للآباء والأجداد حتى لو لم تناسبهم هذه الجذور.
تشرح الأديبة تركية صلالحة المحترمة، في روايتها عن حالات إجتماعية عدة تمر بها نساء المجتمع وتلتزم الصمت والسكوت على الرفض والمبادرة بحياة تناسبها وهنا تعلن الأديبة ثورتها على المجتمع القابع بين العادات والتقاليد وامتدادها لجذور الأجداد والحضارة المعاصرة التي تنفي في معظم الأحيان عادات وتقاليد ” أكل عليها الدهر وشرب “، معلنة لنخرج من الظلام والظلمة إلى النور والهدى كي نبني يداً بيد مجتمعاً أفضل مبني على الحرية والمساواة والتسامح والتآخي بين كل قطاعات المجتمع وللأسف لم نصل بعد إلى هذا الحد في فكرنا وعقلانيتنا الحضارية فيوم نعود لقرانا من كل مكان نتصرف وكأننا لم نخرج منها منذ الأزل ويوم نخرج منها لمكان ما في عمل أو حنى نزهة نتصرف وكأننا لم نعيش في جو قروي بتاتاً ولم نعرف أي شيء عن قرانا… وبين هذه العادات والتقاليد من جهة والحضارة المعاصرة لزمننا من الجهة الأخرى علينا كرجال ونساء أن نجد السبيل الذهبي للحياة دون أن نسيء لأحد ودون أن نتورط في وجوه تكاد تكون سبباً لموتنا.
الرواية إمرأة بلا وجه، تتناسب مع إمرأة متعددة الوجوه لأن في داخلنا أشياء كثيرة تدفعنا نحن الرجال لنرفع أعلام المساواة للمرأة في المجتمع لنيل حقوقها والإستماع لرأيها واستشارتها والأخذ بعين الإعتبار كل مشاعرها وأحاسيسها إلا أننا نتكسر كما الزجاج على صخور العادات والتقاليد التي تحدد مكانة المرأة في المجتمع من دون أي تغيير فيها حتى لو كانت لا تناسب مراحل حياتنا في هذا الزمن المعاصر.
قامت في الماضي صرخات عديدة تناشد بالتغيير ولكن معظم الأمور بقيت كما هي والكاتبة وأنا والكثيرين من أبناء وبنات مجتمعنا لا نقف موقف التحريض والتغيير والرفض وإنما نبحث عن سبل ونهج يعزز في مكانة المرأة من دون أن يتصدع مجتمعنا ومن دون أن ينهار فلكل مكانته واحترامه وتقديره بقي علينا أن نشد أواصر المجتمع بخيوط الفكر والعقلانية والمحبة والتقدير والاحترام والتسامح والحرية والمساوات والتآخي كي نصل مع الجميع كمجتمع ووحدة إجتماعية طيبة إلى شواطئ وبر الأمان.
إلتقيت بالكاتبة في نادي الصديقات ورئيسته السيدة شفيقه قدور المحترمة، وفي خضم الاحتفال الناجح والرائع والتي بادرة إليه رئيسة النادي بمناسبة يوم المرأة العالمي جمع رجال وسيدات من قرانا في الكرمل والجليل قدمت لي الكاتبة روايتها وباكورة أعمالها الأدبية كهدية قيمة بالنسبة لي، شكرتها على عطاءها وطالبتها بمزيد من العطاء والتقديم في مجال العمل الأدبي، لقد كان الإحتفال في جمعية ندى لذوي الإحتياجات الخاصة والتي يترأسها السيد أبو فادي سلمان عواد المحترم، والمعروف في وتقديمه وتضحيته وعطاءه للمجتمع.
في النهاية هذه الراوية ليست من نسج الخيال وإنما مستقاة من واقع حياتنا اليومية في قرانا العربية والتي جذرت فينا ورسخت ما هو كاف جداً من عادات وتقاليد الأجداد وليس بالسهل التخلي عنها أو تغييرها مهما عصفت رياح التغيير والحضارة فما سجل في على لوحات الروح والفؤاد وفي عقلية ونفسية كل فرد منا لا يتغير بسرعة ونترك للزمن الحاضر والآتي أن يحرر عقولنا من أمور تكاد لا تناسب واقع حياتنا وعلينا بناء أنفسنا لستقبال واقع جديد.