طرح قضايا النساء الغزّوايات الواقعات تحت الحصار
تاريخ النشر: 05/06/18 | 14:09” أكثر من عقد من الزمن وقطاع غزّة ينزح تحت الحصار الاسرائيلي وسط تقييدات وتضييقات غير انسانية على حركة التنقل وحركة التجارة مما أدى الى تدهور الاوضاع الانسانية هُناك. حكومات اسرائيل المتعاقبة هي المسؤول الاكبر عن الكارثة الانسانية التي تعصف بسكّان القطاع في ظل انقطاع الموارد المعيشية والنقص الحاد في الخدمات الطبيّة، لهذا قررت عقد هذه الجلسة الهامة التي تناقش أوضاع النساء الغزّوايات الواقعات تحت الاحتلال واسقاطات الحصار على جميع مناحي حياتهنّ. تعرّضت في الاسبوع الاخير لهجمة وانتقادات واسعة بإدعاء أن اللجنة برئاستي يجب أن تنظر في قضايا النساء الاسرائيليات وليس الفلسطينيات، لكننّي اقول هُنا مرّة اخرى أن التجربة والواقع المرير الذي فرضه علينا الاحتلال أثبتا أنّ أمن النساء الاسرائيليات مرتبط بوضعية النساء الفلسطينيات في غزّة وبإستمرار الحصار. عندما تُعاني النساء في غزّة تحت حصار غير انساني، لا مفرّ من أن يؤثر ذلك على امان سكّان الجنوب”
بهذه الكلمات افتتحت النائبة عايدة توما-سليمان (الجبهة – القائمة المشتركة) ورئيسة اللجنة البرلمانية لرفع مكانة المرأة اليوم (الاثنين) جلسة خاصّة حول أوضاع النساء الغزّاويات الواقعات تحت الاحتلال، بحضور عدد كبير من نوّاب المشتركة ونوّاب اخرين، ووسط حملة شرسة من الانتقادات قادها نواب برلمان من الإئتلاف الحكومي وأيضًا من المعارضة بحجّة أن اللجنة تتجاهل اوضاع النساء الاسرائيليات في غلاف غزّة، بحيث طالبوا رئيس الكنيست بإلغاء الاجتماع. من جهة اخرى، شارك النوّاب موسي راز وميخال روزين (ميرتس) وزهير بهلول وشيلي يحيموفيتش (المعسكر الصهيوني) الى جانب نوّاب المشتركة وأثنوا على اهمية عقد الجلسة وطرح هذه القضيّة.
وأضافت توما-سليمان في مستهلّ الجلسة ” حملة الانتقادات الاخيرة كشفت زيف البعض من نوّاب الكنيست الذين يدّعون النسوية ويناصرون حقوق النساء، واضح أن هؤلاء يؤمنون بقضايا النساء فقط حين يتعلّق الأمر بالنساء الاسرائيليات. أنا اؤمن أنه على النساء اسماع صوتهن أيضًا في القضايا السياسية، ومن يحاول اقتصار عمل اللجنة على القضايا الاجتماعية اقول له: ليس في ولايتي برئاسة اللجنةّ!”
*منظمة “جيشا – مسلك”: أزدياد بنسبة 200% بالنساء المؤهلات للعمل، بالمقابل ارتفاع نسبة البطالة لـ 70%”*
هذا واستعرض مركز “جيشا – مسلك” تقرير تحت عنوان “أحلام معلّقة” رصد تأثير واسقاطات الحصار على السكّان في غزّة والنساء خاصة في جميع مجالات الحياة ابرزها سوق العمل والحياة الاسريّة، والاثمان الاقتصادية والاجتماعية الباهظة التي تدفعها النساء، والتي نُسبت بحسب التقرير لاستمرار الحصار على غزّة وسط تقييدات شديدة على حريّة التنقل، خاصة في ظل الانقسام الفلسطيني الداخلي.
وأشار التقرير الى معطيات مؤلمة حول تدهور الاوضاع الانسانية في القطاع بحيث أن أكثر من 70% من سكّان القطاع بحاجة لمساعدات انسانية، و 47% يعانون من انعدام الأمن الغذائي. كما اظهرت المعطيات ان الاوضاع المعيشية الصعبة تزداد حدّة في ظل زيادة نسبة البطالة خلال الاعوام العشر الاخيرة، بحيث وصلت ذروتها لـ 70% لدى النساء، بالرغم من زيادة بنسبة 200% بعدد النساء المؤهلات للاندماج بسوق العمل.
كما اشار التقرير الى التقييدات الاسرائيلية على حرية التنقل لسكّان القطاع والتي تمنعهم من ممارسة ابسط حقوقهم لحياة اسريّة سليمة ومتماسكة اذ تحول سياسات الفصل دون ممارسة هذا الحق وتمنع التواصل الطبيعي بين ابناء العائلة الوحدة بين شقيّ الاراضي الفلسطينية، باستثناء حالات الزفاف والمرض الشديد وموت أحد اقرباء العائلة من الدرجة الاولى، كلّه وسط تقييدات لاصطحاب الاطفال والقاصرين وتقييدات زمنية ومكانية. سياسات الفصل الاسرائيلية التي يعاني منها أهل القطاع.
*انخفاص حاد في عدد التصاريح لتلقي العلاج*
هذا ةاستعرضت منظمة أطباء من أجل حقوق الانسان معطيات النقص الحاد في الادوية والمستلزمات الطبيّة وعدم توّفر الامكانيات العلاجية لمرضى السرطان كعلاجات الاشعة والعلاجات الكيماويّة مما يضطر المرضى لطلب العلاج خارج القطاع في الضفة او المستشفيات الاسرائيلية، ولكن ما يحول دون ذلك البيروقراطية الاسرائيلية وتجاهل سلطات الاحتلال لهذه الطلبات مما يضطر المرضى لانتظار شهور متواصلة حتى البتّ في طلبهم. سياسات التجاهل هذه اودت، بحسب معطيات المنظمة، بحياة 54 مريض خلال العام 2017 الذين توّفوا خلال فترة الانتظار.
وبحسب المعطيات التي عُرضت، تتلقى المنظمة حواليّ ال 25000 توجه سنويًا لطلبات تصريح لتلقي العلاج يتم رفضها، واشارت مندوبة المنظمة الى انخفاض حاد في عدد التصاريح لتلقي العلاج الذي يتم الموافقة عليه سنويًا بحيث وصلت النسبة في عام 2005 لـ 95% تصريح وانخفض العام الفائت حتى وصل لـ 52%.
*حضور ملفت لنوّاب المشتركة وحزب ميرتس*
من جهته قال النائب مسعود غنايم أن ” هنالك من يعتقد أنه لا يوجد في غزّة مدنيين ، نساء وشيوخ وأطفال لديهم احلام وطموحات بالعيش كباقي البشر. وفقًا لعدّة تقارير من الأمم المتحدة، إن قطاع غزّة هو مكان لا يصلح للعيش فيه. حكومة اسرائيل هي المسؤولة عن تدهور الاوضاع الصعبة وغير الانسانية التي تعيشها النساء واهالي غزّة عامة، ومن يتجاهل الكارثة الانسانية هناك فإنه يلغي انسانيته!”
أما النائبة حنين زعبي قالت أن ” الكارثة الانسانية في غزة تبدأ بالحصار وتنتهي بإنتهائه. النقاش في الجلسة الان يعكس اصرار المجتمع الاسرائيلي ومندوبيه إنكار مسؤوليتهم في الكارثة. أمامنا عائلات تعتاش على 200-400 ش.ج في الشهر، وأن الاطباء يلجئون لبتر اعضاء المرضى نتيجة لعدم توفر الدواء او الاجهزة. هذه ليست كارثة انسانية من السماء، بل هي جزء من عقاب جماعي لمليونيّ فلسطيني، وبالتالي الحل هو فهم السياق السياسي للحصار والنضال ضدّه”
وشكر النائب دوف حنين رئيسة اللجة على عقد هذا الاجتماع الهام بحيث قال ” لا يمكن أبدًا تجاهل الوضع الكارثي في غزّة كما يختار بعض نوّاب الكنيست هُنا محاولين التنصل من مسؤولية الحكومة عن المآسي الانسانية في القطاع مما ينعكس أيضًا من خلال المعطيات الخطيرة التي كشفتها التقارير.” وأضاف ” نحن نحتاج لعقد المزيد من الجلسات التي تطرح قضية الحصار على غزّة في العديد من اللجان البرلمانية، لأن من يعاني من هذا الحصار ليس فقط الفلسطينيين في غزّة انما ايضا المواطنين الاسرائيليين”
أما النائب د. يوسف جبارين فقال ” بالرغم من الظلام السياسي الحالك الذي يخيّم على المشهد السياسي في ظل حكومة اليمين، فإن عقد هذه الجلسة بمبادرة الزميلة عايدة توما-سليمان هي خطوة هامّة وجريئة وتعيد الاعتبار للقيم الانسانية التي يجب ان تكون فوق أي اعتبار اخر.” وأضاف ” إن تغيير السياسات الحكومية بهذا المجال يستوجب تغييرًا معياريًا وقيميًا في تعاملها مع المواضيع، خاصّة وأن الحديث عن قضية في غاية الحساسية مثل قضية النساء في غزّة اللواتي يعانين الامريّن بسبب قهر الاحتلال والحصار.”
النائب ايمن عودة، رئيس القائمة المشتركة، قال في حديثهِ ” ان من معارضة عدد من نوّاب الكنيست عقد هذا الاجتماع، تكشف عورتهم وانعدام انسانيتهم. هذا التنصل من المسؤولية تجاه الجرائم التي ينتجها الاحتلال والحصار هو بائس. على حكومة اسرائيل تحمّل المسؤولية تجاه تدهور الاوضاع في غزّة، تحمّل المسؤولية لا بد أن يكون بإنهاء الحصار”
*توما-سليمان ” قضيّة غزّة هي قضيّة سياسية تتطلّب حلّ سياسي طويل الامد”*
وفي تلخيصها للجلسة قالت توما-سليمان ” أنا منتخبة جمهور ووظيفتي طرح الاسئلة والقضايا الصعبة خاصة عندما تتعارض مع السياسات الاحتلالية للحكومة. المآسي التي يعاني من اهلنا في غزّة عامّة والنساء خاصة هي ليست قضايا انسانية فقط بل هي قضيّة سياسيّة تتطلّب حلّ سياسي طويل الامد يبدأ بإعتراف حكومات اسرائيل بمسؤوليتها تجاه ما يحصل في غزّة وينتهي بإنهاء الحصار واقامة الدولة الفلسطينية المستقلّة. أنا اتحدّث هُنا عن الحقّ في الحياة بكرامة والحقّ بتقرير المصيروليس فقط مجموعة قوانين اجتماعية”
وأضافت ” لا أحد يُنكر أن النساء في غلاف غزّة يعانين بدورهنّ، لكن لا يمكن المقارنة بين هذه المعاناة ومعاناة النساء الفلسطينيات الواقعات تحت نير الاحتلال وسط حالة معيشية تكاد تكون كارثية. من يُريد انهاء معاناة النساء الاسرائيليات عليه أن يعي انه لا بُد من انهاء الحصار.”