البكالوريا: بين قلق الطالب وغشّ الوالدين
تاريخ النشر: 28/06/18 | 19:23لم تشهد بكالوريا هذا العام الفوضى التي شهدتها بكالوريا سنة 2016 و 2017، وكانت أقلّ ضجيجا من قبل، وعليه كانت ملاحظات الأب والمثقف الجزائري المتتبّع لشؤون الجزائر، وهي:
قلق يشتّت الطالب ويضعفه
يدخل طالب البكالوريا اليوم للامتحان وهو يحمل معه كمّا من الهموم التي تتعدى طاقته الطرية ومهمته التي جاء من أجلها وهي الإعداد الجيّد والإجابة المناسبة، فهو عوض أن يبدأ بما هو مطلوب منه من تحضير ، ومتابعة، ومراجعة، وطرح أسئلة، وقراءة، وشرح، تراه يعيش في قلق دائم يتمثّل على العموم في: حول تسريب مواضيع امتحان البكالوريا، والتوقيت المحدّد للدخول، والتوقيت الإضافي، والتوقيت المسموح به، والتوقيت القاتل أي الذي إذا تجاوزه التلميذ يقصى من الامتحان ومن شهادة البكالوريا، ونوع الآلة الحاسبة المسموح بها، ونوع الآلة الحاسبة غير المسموح بها، والمعدّل الذي يجب أن يتحصّل عليه الطالب لأنّه يريد هذا التخصّص أو ذاك، وهل هناك دورة ثانية أم لا؟، وهل يقدّم الموضوع الأوّل أم الموضوع الاحتياطي؟ و متى يبدأ توقيت حظر وسائل الاتصال ومتى ينتهي؟ و غيرها من الأسئلة والهموم التي تشغل باله، ممّا يرفع حدّة القلق لدى الطالب ويشغله عن التركيز فيما جاء لأجله. ومثل هذا القلق لم يكن له أدنى وجود من قبل، وأتحدّث هنا عن تجربتي وتجربة من كان مثلي في تلك الأيام، وهي بكالوريا جوان 1986.
من غشّ فهو ابني، والغشّ من شروط رضا الوالدين
لن يضيف صاحب الأسطر شيئا إذا قال: أنّ الغشّ مسّ المجتمع في جميع أركانه، ولا يوجد قطاع – أقول لا يوجد قطاع – لم يمسّه الغشّ، ورغم ذلك هناك فئة ما زالت وتظلّ أمينة وفيّة تبغض الغشّ وتحاربه ، وهي التي تحتاج كلّ الدعم والمساندة. و أخطر ما في الغشّ أن يصدر من الوالدين، كأن توصي الأم ابنها وهو متّجه لاجتياز الامتحان: ” عليك بالغشّ لأفتخر بك أمام الجيران”. وقبل أربعة أيام من امتحان شهادة البكالوريا، كتب صاحب الأسطر على صفحته بالحرف الواحد: ونحن نتبادل تهاني العيد، يقول لي وهو غير المتعلّم: ما أحزنني حقّا أنّ الأب هو الذي اشترى “البلوتوت” لابنه بسعر مليونين سنتيم ليغشّ في امتحان البكالوريا. أخفّف عنه الصدمة، وأقول: حين يغشّ ربّ البيت فاعلم أنّ التخلّف بلغ العمق، ولا يمكن محاربته حينها بنزع زرّ أو قصّ خيط. وجريمة البيوت التي تهدم الأمم العظيمة بحاجة لتربية طويلة تبدأ من اختيار الجذر وماء السقي.
قرأت عبر صفحات بعض الزملاء الأساتذة الذين شاركوا في الحراسة، أنّ هناك تضييقا لبعض الأساتذة الذين لم يسمحوا بالغشّ من طرف بعض زملائهم الأساتذة، وقرأت لبعض الأساتذة أنّ بعض الطلبة انهالوا على بعض الأساتذة الشرفاء الأمناء بالشتائم والسّباب، لأنّهم لم يسمحوا لهم بالغش. إذن المجتمع أمام ظاهرة خطيرة تتمثّل في كون الغشّ ينبع من الوالدين، ومن بعض الأساتذة، ومن بعض طلبة العلم، وهذا هو الداء القاتل، والوباء المهل.
مازالت التكنولوجيا ضعيفة
رغم حظر وسائل الاتصال أثناء امتحانات شهادة البكالوريا، إلاّ أنّه تمّ تسريب موضوع “العلوم الطبيعية” بالنسبة للعلميين، ولا يمكن أن يتحدّث المرء إلاّ بما أكّده له الطلبة الذين سهر على نقلهم طيلة أسبوع من البكالوريا، ما يتطلب رفع المستوى العلمي والفني في كيفية التعامل مع التكنولوجيا مقابل جيل يبدع ويتفنّن في استعمال الأدوات التكنولوجيا لأغراض مختلفة، وفي نفس الوقت غرس ثقافة التعامل مع التكنولوجيا من كونها ليست وسيلة غشّ تبقي على التخلّف قائما وسائدا، بل وسيلة لتقريب العلم وتسهيله ووضعه في متناول الجميع ومزيدا في خدمة الانسانية.
معمر حبار