كتاب: في مجرى الاحداث 2017
تاريخ النشر: 05/07/18 | 16:37صدر عن المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات )ملف( كتاب جديد بعنوان “في مجرى الاحداث 2017” من تأليف عدد من اعضاء اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين (فهد سليمان، معتصم حمادة، فتحي الكليب وزياد جرغون). والكتاب من اصدار شركة دار التقدم العربي للصحافة والطباعة والنشر – بيروت والدار الوطنية الجديدة – دمشق ويقع في 256 صفحة من القطع الكبير..
ويمكن القول دون تردد، إن العام 2017 كان عاماً فلسطينياً بامتياز، لما شهدت خلاله القضية الفلسطينية من تطورات مهمة؛ ففي مطلع العام دخل البيت الابيض رئيس أميركي جديد، هو دونالد ترامب، شكل فوزه في الانتخابات الرئاسية مفاجأة، بل وصدمة لأطراف عديدة، من بينها الحالة الفلسطينية، والرسمية منها بخاصة، التي راهنت على فوز المرشح الديمقراطي هيلاري كلينتون، والذي كان من شأنه أن يصنع التواصل بين إستراتيجيتها لحل المسألة الفلسطينية واستراتيجية سلفها باراك أوباما.
ترامب دخل البيت األبيض، وهو ينتقد بشدة سياسة أوباما، خاصة موقف إدارته في مجلس الأمن في تمرير القرار 2334 لادانة الاستيطان الاسرائيلي، وما وصفه من ضغوطات مارستها الإدارة الديمقراطية على حكومة نتنياهو، مؤكداً الوفاء بما وعد به في الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة بلاده إليها، وتوفير الغطاء السياسي للاستيطان، والدعم اللامحدود لحكومة اليمين الاسرائيلي، ومناصبة العداء للجمهورية الاسلامية في إيران، الخ.. ومما لا ريب فيه أن وصول ترامب إلى البيت األبيض زاد من حدة الاضطرابات في إقليمنا، مع كل خطوة خطاها على طريق بلورة مشروعه “الاستراتيجي” لاعادة صياغة أوضاع الاقليم الجيوستراتيجية، والذي أطلق عليه “صفقة العصر”، حين أعلن عنه من مؤتمر الرياض الذي جمعه وكبار المسؤولين في أكثر من خمسين دولة وعربية ومسلمة.
هذه التطورات، بتداعياتها الواسعة، يتناولها هذا الكتاب في فصوله التالية:
القضية الوطنية في زمن الإضطراب الإقليمي
يعالج هذا القسم إنعكاسات هذا الاضطراب على مجمل الحالة الفلسطينية، وكيفية التفاعل معها، ورسم خطط درء مخاطرها على الوضع الفلسطيني العام. لكن أهم ما يتوصل إليه هذا الفصل هو تحليله لحالة القيادة الرسمية الفلسطينية، التي أربكتها التطورات، وفاجأتها، بل وشكلت صدمة قوية لها، ولرهاناتها الفاشلة، بحيث أصابها “قصور في التفكير، وعجز في التدبير، وضعف في الارادة السياسية”.
“في إقليم يزداد إضطراباً” يتناول “تجاذب المحاور” و”تقاطع التحالفات”، بحيث دخلت المنطقة في ظل هذا كله مرحلة جديدة تبدو فيها العلاقات الاقليمية، بمظاهرها الجديدة، خارج المألوف، وقد إنزلقت المصالح والمفاهيم نحو مربعات جديدة، أسهمت، وما زالت تسهم، في إحداث النقلات الاستراتيجية في بنيان الإقليم، والعلاقات بين أطرافه.
إطار مفاهيمي لقضايا المنطقة
مجموعة من المقالات لباحثين ومفكرين أمريكيين من الأكثر شهرة في “معهد واشنطن للشرق األدنى”، تعكس كتاباتهم التطور الحاصل في رؤية مراكز البحث الامريكية ونظرتها إلى إقليم الشرق الاوسط والصراعات الدائرة فيه، على أكثر من جهة، وفي أكثر من بلد؛ كما تشكل كتاباتهم دليل عمل تسترشد به الادارة الامريكية الحالية والوزارات المعنية بالمنطقة (الخارجية بشكل خاص). وبالتالي يشكل الاطلاع على هذه المقالات مدخلاً مهماً وغنياً للوصول إلى بعض جوانب العقل السياسي الامريكي بتدخله في أوضاع المنطقة، وسعيه لفرض هيمنته عليها، وصولا إلى العمل على إعادة رسم الحدود الجغرافية والاوضاع الداخلية لبعض دول هذه المنطقة وشعوبها.
بعد هذا، يفتح الكتاب ملفات القضية الفلسطينية فيتناول في فصوله:
أزمة الحركة الوطنية الفلسطينية
يعدد هذا القسم مظاهر الازمة، بدءاً من إنسداد مشروع أوسلو، مروراً بالإنقسام، وصولاً إلى سياسة تذويب مؤسسات م.ت.ف، في مؤسسات السلطة في رهانات فاشلة على بناء مؤسسات “الدولة” تحت الاحتلال. ومن الطبيعي أن ينتهي العرض بتقديم الحلول في عناوينها العريضة.
هذه الامور، هي الحلول نفسها التي إستفاض في معالجتها التقرير السياسي للجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين تحت عنوان “في وهج الإنتفاضة” معالجاً الحالة الفلسطينية من جوانبها المختلفة، مستنداُ إلى تجربة “إنتفاضة القدس وبوابات األقصى” وقدرة الحركة الشعبية، حين تتحرر من البيروقراطية أن تفرض رؤيتها وقرارها على قيادة العمل الوطني، ما يؤكد أن الصراع السياسي لإحداث النقلات السياسية في اصلاح أوضاع م.ت.ف، واستعادتها لموقعها التمثيلي والقيادي، وعلى رأس برنامج الكفاح في الميدان، وفي المحافل الدولية، هو الشارع والحركة الجماهيرية، بعد أن باتت المؤسسة الرسمية أشبه بالهياكل الفارغة، وقد جردت من مسؤولياتها لصالح “لمطبخ السياسي” وأُغرقت بالعناصر البيروقراطية، مما حولها الى مجرد هيئات تشاورية لا تملك سلطة القرار في مواجهة الفرد.
العملية التفاوضية بين إدارتين
أكبر من التفاصيل يستعرض الكتاب في فصل خاص “العملية التفاوضية بين إدارتين”، إدارة أوباما، التي تبنت “حل الدولتين” وفشلت في الضغط على إسرائيل للإستجابة للحد الادنى من شروط هذا “الحل”، بصيغته الامريكية، وبين إدارة ترامب، التي أطلقت “صفقة القرن” باعتبارها صفقة للحل الاقليمي الشامل، ليس فقط للقضية الفلسطينية، بل، وكما تقول الادارة الاميركية، لكل قضايا الاقليم، ما يقود إلى قيام “حلف إقليمي” يضم إسرائيل والدول العربية ذات
الانظمة الإستبدادية، والإقتصاد الريعي، وحكم سلالات الشد العكسي في مواجهة الخطر المتمثل في “الإرهاب وحاضنته الرئيسية طهران وامتداداتها في المنطقة”(!) وفي ظل هذا “الحل” ـــــــ أو هذه “الحلول” ـــــــ تتراوح حدود الحل للمسألة الفلسطينية بين أكثر من مشروع تقوم كلها على شطب برنامج الدولة المستقلة وحق العودة للاجئين، وعلى قاعدة أن قيام دولة فلسطينية مستقلة لم يعد شرطاً ضرورياً للوصول إلى السلام في المنطقة.
القضية الفلسطينية بين محطتين
يتناول الكتاب، في السياق نفسه محطتين من محطات القضية الفلسطينية التي تعكس واقعها، وحقائق أزماتها والصعوبات التي تعطل تقدمها الى الامام:
المحطة الاولى في فصل خاص بأعمال “اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني الفلسطيني”، التي إنعقدت في بيروت في 2017/1/11-10، كان يمكن لها أن تشكل إنطلاقة جديدة لإنهاء الإنقسام، واستعادة الوحدة الداخلية، والدخول في عملية مراجعة سياسية، بالعمل على خطين متوازيين: خط تشكيل حكومة وحدة وطنية، وخط تنظيم إنتخابات شاملة، للرئاسة، وللمجلسين التشريعي (السلطة) والوطني الفلسطيني (م.ت.ف)، بما يوفر الفرصة لاستنهاض عناصر القوة في الحالة الفلسطينية ومواجهة الإستحقاقات والتحديات القادمة على يد الإنزياح اليميني في إسرائيل، والإدارة الأميركية الجديدة. لكن سطوة التيار الإنقسامي لدى طرفي النزاع (فتح وحماس) نجح في إجهاض ما توصلت إليه “اللجنة التحضيرية” من نتائج متقدمة وايجابية.
المحطة الثانية، وتندرج في السياق نفسه، هي محطة “حوارات القاهرة” التي إنعقدت على ثلاث مراحل: الأولى بين القيادة المصرية، وكل من فتح وحماس على حدة؛ المرحلة الثانية بين القيادة المصرية وبين فتح وحماس مجتمعتين، توصلتا تحت الرعاية المصرية إلى تفاهمات 2017/10/12؛ أما المرحلة الثالثة فكانت جلسة الحوار الوطني الشامل يومي 21 و2017/11/22؛ والتي توصلت إلى بيان ختامي يشكل أساساً للعمل على إخراج الحالة الفلسطينية من أزمتها. لكن، وعلى غرار ما وقع مع نتائج “اللجنة التحضيرية”، ولأسباب متباينة وعديدة، وصلت تطبيقات تفاهمات حماس وفتح الى الطريق المسدود.
يختم الكتاب فصوله بفصل خاص عن “اللاجئين الفلسطينيين في لبنان والسياسات الرسمية”، يشرح معاناتهم مع القوانين اللبنانية الجائرة التي تُحرِّم عليهم العمل في عشرات المهن والحرف، خاصة خريجي الجامعات من أطباء ومحامين وصيادلة ومهندسين وغيرهم، في إطار سياسة تستخدم فزاعة التوطين ذريعة لتبريرها، في محاولة لحشر الوجود الفلسطيني في الزواريب السياسية الضيقة للمحاصصة الطائفية والتجاذبات المذهبية.
هذا الكتاب، وهو الرقم 33 في سلسلة “الطريق إلى الإستقلال”، الصادرة عن “المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات” (ملف)، من شأنه أن يشكل تحليلاً موثقاً لوقائع الحالة الفلسطينية في العام 2017، في ظل إضطرابات إقليمية، وصراعات يشتد إحتدامها، وسيناريوهات يتلاحق الكشف عنها، ما يضع القضية الفلسطينية في ظروف شديدة التعقيد، تحتاج في مواجهتها إلى قيادة من نوع آخر “لا تشكو من قصور في التفكير، أو من عجز في التدبير، أو من ضعف في الإرادة السياسية.