النائب حنين: قانون القومية وصمة عار سنواصل النضال ليتمّْ شطبه
تاريخ النشر: 20/07/18 | 23:47“راية سوداء ارتفعت مساء أمس في قاعة الكنيست فوق نصوص مشروع القانون، سنعمل على إزالتها، فهذا القانون يحمل مضامين أيديولوجية خطيرة جدا، سينتج عنها دولة ستكون أسوء بكثير مما كانت عليه حتى الآن”.
هذا ما قاله النائب د. دوف حنين (الجبهة – القائمة المشتركة) في خطابه أمام هيئة الكنيست العامة حول قانون القومية، وأضاف: “قلتُ إن هذا القانون ايديولوجي بامتياز، لكن أية ايديولوجية بالضبط؟، قُرأت هنا أقوال وكلمات جبوتينسكي، لكن الأخير لم يكن يريد قانونا كهذا، ثم جرى استحضار كلمات لمناحم بيغن على المنصّة لكنه لم يحلُم بمثل هذا القانون حتى في أسوأ أحلامه”.
وأضاف د. حنين: “خلال حديثي في القاعة مع أعضاء الكنيست من الائتلاف الحكومي أعربوا عن عدم ارتياحهم من القانون، إلا أن هذه الأقوال من المؤسف جدا لم تُترجَم إلى أفعال وإلى تصويت ضميري من قبلهم. باعتقادي كان بالإمكان أن لا يحظى القانون بالأكثرية لو كانت عملية التصويت سرية، وفي حقيقة الأمر كان عرضه بالفرض وبشكل عدائي، أثبت ضحالة وتأثير الكنيست، ولهذا فإن القانون يحملُ علمين، الأول هو دولة إسرائيل الكبرى، والعلم الاخر هو علم العنصرية”.
وتطرّق د. حنين للبند الأول من مشروع القانون، مشيرا أنه يُقرّ الحق الاستثنائي الانفرادي في تقرير المصير للشعب اليهودي، وقال، إنها الايديولوجيا لإقامة إسرائيل الكبرى، ولكن على هذه الأرض يعيش شعبان، لكل منهما الحق في تقرير المصير، بينما هذا القانون يلغي حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وبذلك فإن الضرر لا يمسّْ فقط بالشعب الفلسطيني، بل بالشعب الاسرائيلي أيضا، وعندها لن يكون هناك مستقبلا للسلام العادل الذي يضمن الأمن والاستقرار لإسرائيل طالما لم يحظ الشعب الفلسطيني بمستقبل يتوفّر فيه الأمن والسلام في دولته المستقلة إلى جانب إسرائيل.
وأشار د. حنين للجانب العنصري في مشروع القانون مؤكِّدا أن الحق في تقرير المصير لا يمكن أن يُبنى على أنقاض التمييز على أساس قومي وإنشاء نظام عنصري تمييزي، فليس من حق الأكثرية أن تدوس حقوق الأقلية القومية.
وحول البند السابع في القانون الذي ينص بوضوح التمييز الصارخ قال د. حنين، إن هذا البند يمنح الاستيطان اليهودي الأولوية الدستورية في القانون، وبما معناه فإن هذه الفقرة تُصنِّف المواطنين العرب على أنهم درجة ثانية في الدولة، وبلداتهم درجة ثالثة، وبالمقابل يحظى الاستيطان اليهودي بالقيمة الإضافية من حيث الأولويات. وأضاف: “من الناحية التاريخية لهذا البند، يبدو وكأنه يضع أسس محايدة، وجاء فيه (أن كل مجتمع يستطيع أن يقيم له بلدات منفصلة). أما مصدر هذا البند فقد جرى ترجمته من اللغة الأفريقية للعبرية من قانون المناطق المنفصلة الذي اعتمده برلمان جنوب أفريقيا في تموز من العام 1950. والفرق بين هنا وجنوب أفريقيا أن البرلمان الجنوب أفريقي خجل من فرض هذا القانون كدستور على المناطق المنفصلة ولهذا ألغت محكمة العدل العليا في جنوب أفريقيا هذا القانون (قانون المناطق المنفصلة) رغم أن هذه المحاكم موجودة في دولة الفصل العنصري (الأبرتهايد)، أما هنا وبدلا من الحديث بخجل عن فصل التجمُّعات العربية عن اليهودية فقد جاء في النصّْ بشكل واضح أن لليهود الأحقية في ذلك، وهذه الإضافة (الفصل العنصري) غير موجودة حتى في دولة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا”.
وبما يتعلّق في مسألة اللغة قال د. حنين إن ما سينتج عن هذا القانون هو أمر قبيح وشائن، خاصة وأن اللغة العربية هي لغة رسمية في البلاد وستصبح غير رسمية بعد إقرار القانون، وهذه رسالة من حكومة نتنياهو موجّهة للمواطنين العرب بصريح العبارة، أن الدولة لا تعترف بكم وبثقافتكم، وهذا يتناقض مع قرار الأمم المتحدة عام 1947 الذي يلزم كلا الدولتين بحماية حقوق الأقليات مع الحفاظ على الحقوق اللغوية (كما جاء في مقالة جونثان مندل في مقالة نشرها).
وتحدّث د. حنين عن توصيات لجنة أور التي درست أحداث أكتوبر 2000، بأن على الدولة واجب محو وصمة التمييز العنصري ضد العرب، بما في ذلك وضع اللغة العربية، فهي ليست لغة الأقلية التي تعيش في البلاد فقط، بل لغة كل البلدان العربية التي تعيش في المنطقة، ولذلك فإن المسّْ بها يعتبر رسالة خطيرة للجيران العرب أيضا، زد إلى ذلك أن اللغة العربية هي أيضا لغة اليهود الذين جاءوا إلى هنا من الدول العربية.
وأعرب د. حنين عن استهجانه، وطرح أمام هيئة الكنيست الأسئلة التالية: “لماذا هذا الإذلال للمواطنين العرب ولغتهم الأم؟ بمن سيلحق الأذى من عدم اعتبار اللغة العربية لغة رسمية في البلاد؟ ما المزعج من وجود اللغة العربية الرسمية في شبكة المواصلات العامة ومن سيتضرَّر من ذلك؟… وأضاف د. حنين: “سألتُ هذه الأسئلة وغيرها للعديد من أعضاء الكنيست في الائتلاف الحكومي واخبروني جميعهم أنهم لا يعرفون سبب الإصرار في إقرار ذلك، ولكنهم أخبروني أن القرار برمّته صدر بإصرار من رئيس الوزراء. وأنا أردِّد ما قاله صموئيل جونسون في القرن الثامن عشر، س: من يحتاج العنصرية؟، ج: كما يبدو أن العنصرية هي الملاذ الأخير للفاسدين، وهذا ما لمسناه في الانتخابات الماضية في مقولة نتنياهو (العرب يهرولون إلى صناديق الاقتراع)”.
وأنهى د. حنين خطابه موجِّها كلامه لنتنياهو الذي حذّر من “خطورة” ذهاب المواطنين العرب لصناديق الاقتراع وسأله: ماذا كنت ستقول لرئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان لو أن الأخير حذّر من توافد اليهود عندهم لصناديق الاقتراع ؟، علما وأن أوربان كان قد نعت حليف هتلر (مايكلوس هورطي) بأنه “شخص غير عادي” يقيم النصب التذكارية لمؤيّدي هتلر في جميع أنحاء هنغاريا، رجل قد قام بحملة قوية معادية للسامية هزّت الجالية اليهودية المجرية؟!!.
نتنياهو على استعداد لكبح نفسه من معاداة السامية ونسخ الأنماط فقط لتحويل معاداة السامية ضد اليهود في أوروبا إلى نوع آخر باسم آخر يعيش هنا. قد يمرّ هذا القانون اليوم، لكن هذه البقعة السوداء التي ستسجَّل في كتاب القوانين، هي وصمة عار نتعهّد بمواصلة النضال حتى يتمّْ شطبها ومحوها.