آخِرُ الدَّاءِ الكَيّ
تاريخ النشر: 29/07/18 | 12:53س-
خطّأ زهدي جار الله في كتابه (الكتابة الصحيحة، ص 115- مادة الدال) أن يُقال:
“آخر الداء الكيّ”، وقد صوّب المثل: “آخر الدواء الكي”، ويبدو لي أن الأحق هو الدواء، فالكي هو آخر علاج عند العرب القدامى، فما رأيك؟
..
ج-
ورد هذا المثل في المعاجم بعدة صور منها: “آخر الداء الكي”، «آخر الدواء الكيّ»، و «آخر الطب الكيّ»، ويمكن قبول المثال “آخر الداء…” على تقدير مضاف محذوف والمعنى: آخر علاج الداء الكيّ، أو على أن المعنى: نهاية الداء الكيّ.
..
ثم إن المثل ورد في كتاب الزَّمَخْشري “المُسْتَقصَى في أمثال العرب”، ج1، ص 3:
آخر الدَّوَاءِ الْكيُّ : لأنه إنما يُقدِم عليه بعد أن لا ينفع كل دواء،
وقيل “آخر الطب…”،
وقيل “آخر الداء العياء الكيّ”- أي إذا أعضل وأبى قبول كل دواء حسم بالكي آخر الأمر.
على هذا تصح الرواية بمعنى- نهاية الداء العضال هو الكي.
ومن العجيب أن الزمخشري نسب المثل إلى لقمان بن عاد؟!
ويمضي الزمخشري في شرح المثل:
” ومن روى- آخر الداء الكي- فهذا المثل يضرب فى أعمال المخاشنة مع العدو إذا لم يجد معه اللين والمداراة.
أما في كتاب المعري (الصاهل والشاحج، ص 203)، فقد ذكر أن المثل السائر هو “آخر الدواء الكيّ”، وبعضهم يقول: آخر الداء الكي، قال الراجز:
يُنْقَضُ مني كُلَّ يومٍ شَيُّ *** وأَنا في ذاكَ صحيحٌ حَيُّ
والمرءُ يُفنيه المَدَى والطيُّ *** وآخِرُ الداءِ الدويِّ الكيُّ
..
والمعنى المتبادر للذهن أن المثل يُضرب عند انتهاء الدواء إلى أقصاه، ومعناه أن المريض كان يعالج بكل دواء فلا يوافقه، فإذا عولج بالكيّ لم يبق بعده دواء.
..
مع ذلك جاء في (لسان العرب) على لسان الجوهري: ” آخر الدواء الكي”، قال: ولا تقل آخرُ الداء الكي”، وهذا التنبيه أورده كذلك الزَّبيدي في (تاج العروس).
يورد اللسان كذلك ما ورد في الحديث: أنه كوّى سعد بن معاذ لينقطع دم جرحه الكيَّ بالنار من العلاج المعروف في كثير من الأمراض.
من جهة أخرى جاء في أحاديث كثيرة النهي عن الكي، فقيل: إنما نهي عنه من أجل أنهم كانوا يعظّمون أمره ويرون أنه يحسم الداء، وإذا لم يُكوَ العضو عطب وبطل، فنهاهم عنه إذا كان على هذا الوجه، وأباحه إذا جعل سببا للشفاء لا علة له.
..
بقلم: فاروق مواسي